شيخنا الفاضل كثر الطلاق وكثرت كذلك دواعيه
فهل هذا من الدواعي للطلاق
فقد سمعت من أحد المشائخ المفتين عندما إتصلت به امرأة فسألته قائلة
أنا وزوجي على خلاف دائم منذ أول أيام الزواج وقد بدأ مؤخرا يدخل البيت
بمشاكله ونكده وأصبح كذلك يشاهد خفية أحيانا القنوات الفضائية الفاحشه
الداعره أو أفلام الفيديو كذلك
فأجابها وقال ولم أنت باقية معه لم لم تطلبين الطلاق فإنه يشرع لك ذلك في هذه
الحال
وحبذا ياشيخنا لو تبين لنا متى يحق للزوجة أن تطلب الطلاق
وجزاك الله خيرا
الجواب :
وإياك أخي الحبيب وحيّاك الله وبياك
ونفع بك
لا شك في كثرة نسب الطلاق وتزايد هذا الأمر يُخيف العقلاء
والطلاق أحب الأعمال إلى إبليس لعنه الله
فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه
منـزلة أعظمهم فتنة ، يجيء أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا فيقول : ما صنعتَ
شيئا ، قال : ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرّقت بينه وبين امرأته ،
قال : فيدنيه منه ، ويقول : نِعْمَ أنت . قال الأعمش : أراه قال : فيلتزمه .
فالواجب الإصلاح ومحاولة لمّ الشمل لا تفريق الأسر وتفريح الشيطان بذلك .
والله عز وجل أمر بالصلح حال خوف الشقاق بين الزوجين فقال سبحانه : ( وَإِنِ
امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ
عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ )
وقد جعل الله العلاج الناجع والدواء النافع خشية وقوع الطلاق وتشتت الأسر
فجاء التعبير في كتاب الله عز وجل بلفظ الخوف
قال سبحانه وتعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ
حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا
يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا )
وقال جل شأنه : ( وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ
وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ
تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً )
فالمتأمل لهذه التعبيرات الربانية يجد لفظ " الخوف " هو القاسم المُشترك بين
تلك الآيات
( خَافَتْ ) ، ( خِفْتُمْ ) ، ( تَخَافُونَ )
هذا قبل وقوع الطلاق وقبل وقوع النشوز يعني إذا خفتم من وقوع هذه الأشياء
فافعلوا ما أُمرتم به .
فكيف يُطلب من الزوجة وتُحرّض على زوجها بأن تطلب منه الطلاق ؟؟؟
وأعرف امرأة سألت أحد المشايخ عن وضع زوجها الذي أخذ في عنادها حتى إذا نُودي
للصلاة دخل البيت وجلس عناداً لها ، فسألت ، فقيل لها : اصبري وعليك بالدعاء
.
فصبرت ودعت الله عز وجل فأصبح اليوم كما يُقال : حمامة مسجد .
بل ربما فاق أقرانه ومن سبقوه في التمسّك بدين الله عز وجل .
ولا يُشرع للزوجة أن تطلب الطلاق لمجرد وقوع زوجها في المعصية ومن ثمّ تُسلمه
للشيطان ولأصحاب الشر والفساد ، بل عليها الصبر والمناصحة لزوجها ، فلأن يهدي
الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النّعم .
وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير
ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة . رواه الإمام أحمد وغيره ، وصححه الألباني .
نعم . لو كان الزوج لا يُصلّي وبعد النصح أصرّ على ترك الصلاة فإنه يجب عليها
أن تُفارقه وتطلب الطلاق .
والله أعلم .