بارك الله فيك أختنا الفاضلة
كل يوم نأخذ ما تيسّر :
هل الصلاة مع الشيعة في المسجد الحرام
و في نفس الصفوف جائزة ؟
الصحيح أن صلاة النساء خاصة تصح مع
تقطع الصفوف ، إذ لم يكنّ يؤمرن بتسوية الصفوف كما يؤمر الرجال ، وإن صلّين
وراء الرجال ، ولكن ما من شكّ أن تسوية الصفوف مطلوبة .
وهذه المسألة تعمّ بها البلوى خاصة في الحرمين ، فيوجد من يقطع الصفوف إما من
الأطفال أو من أمثال هؤلاء المشركين .
وفتوى اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية تنصّ على أن الرافضة مشركون
لدعاء الأئمة والأولياء والذبح والنذر لغير الله ، والحلف بغير الله ، وما
ذكرتيه من القماش الذي يسجدون عليه ما هو إلا مثال على غلوّهم في أئمة آل
البيت – رضي الله عنهم –
فلا يضرّ الإنسان وجود هؤلاء ، إلا إن وجد مكاناً لا يوجد فيه هؤلاء الأنجاس
!
وكنت قبل فترة في الحرم المكي ولاحظت أنهم يُصلّون غالباً في الأروقة أو في
الصحن ، وكنا نُصلّي في التوسعة الجديدة ولم نَرَهم فيها أبداً .
وأما ضربهم لأفخاذهم فهو ناتج عن
اعتقاد باطل .
وهم يُخالفون المسلمين في كل شيء ، فـ
:
مساجدهم حسينيات
وتسليمهم من الصلاة يختلف عن تسليم الناس
ومصحفهم مصحف فاطمة – زعموا –
وكربلاء عندهم أفضل من مكة !
زيارة قبر الحسين أفضل من عشرين حجة !
إلى غير ذلك .
أما المزارات ، فالذي يُزار من معالم
المدينة النبوية :
= مسجد صلى الله عليه على آله وسلم
لفضله وفضل الصلاة فيه ، لا زيارته ابتداء من أجل السلام على رسول الله صلى
الله عليه على آله وسلم ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال : لا تشدّ الرحال إلا
إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا ، ومسجد الحرام ، ومسجد الأقصى . متفق عليه .
وقد فصّل القول في هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – .
ولفضل المسجد ، لقوله عليه الصلاة والسلام : صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما
سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة . رواه مسلم .
ثم إذا صلى في المسجد النبوي فإنه يُسنّ له أن يزور قبر رسول الله صلى الله
عليه على آله وسلم وصاحبيه ، ولا يقف يدعو عند قبورهم ، فقد كان ابن عمر –
رضي الله عنهما – يُسلّم على رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم وعلى أبي
بكر وعمر ثم ينصرف .
= مسجد قباء ، لقوله عليه الصلاة والسلام : من خرج حتى يأتي هذا المسجد ،
مسجد قباء ، فصلى فيه كان له عدل عمرة . رواه النسائي .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور قباء راكبا وماشيا . متفق عليه .
= مقبرة البقيع ، فيأتيها ويُسلّم على الأموات ، ويدعو لهم وينصرف ، ولا يقف
يدعو لنفسه .
= شهداء أُحـد . فيذهب إلى قبور شهداء أحد ويُسلّم عليهم ، ولا يدعو هناك ،
فليست المقابر عموماً أماكن للدعاء .
وأما المساجد السبعة ، أو ما يُزعم أنه طاقية النبي صلى الله عليه على آله
وسلم ، أو مشربة أم إبراهيم ، أو مبرك الناقة المزعوم ، أو بعض الآثار التي
يتبرّك بها بعض الجهلة ، فلا تُشرع زيارتها .
ولكن إذا زارها الإنسان بعض الحصون والقلاع الموجودة في المدينة لمجرّد
الاطلاع فلا حرج في ذلك .
وللمرأة أن تزور ما يزروه الرجل ، ولكن ما يتعلق بالمقابر يكون بقدر لأن
المرأة سريعة التأثر .
وعلى التفصيل المذكور في الإجابة على السؤال السابق .
ويُقال مثل ذلك فيما يتعلق بزيارة قبر النبي صلى الله عليه على آله وسلم
بالنسبة للنساء ، ولكن يجب أن يكون ذلك بأدب لأننا أُمِرنا بالتأدّب مع النبي
صلى الله عليه على آله وسلم وأن لا نرفع أصواتنا عنده ، ولهذا كان الصحابة
ينهون عن رفع الصوت في مسجده صلى الله عليه على آله وسلم .
ولا يجوز دعاء الرسول صلى الله عليه على آله وسلم ، ولا أن يقف المسلم يدعو
ربه مستدبراً القبلة مستقبلاً القبر.
ولا الصلاة تجاه القبر ، لأن من صلى تجاه القبر استدبر القبلة ، ومن فعل ذلك
عامداً كفر .
والسلام على رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم وعلى صاحبيه بمثل الصيغة
التي ذكرتيها لا بأس به .
وما يتعلق بالروضة والصلاة فيها
الروضة روضة من رياض الجنة كما قال
عليه الصلاة والسلام ، حيث قال : ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة .
متفق عليه .
ولكن إذا صلّى المسلم فإنه لا يسمح لأحد أن يمرّ بين يديه ، وقد كان النبي
صلى الله عليه على آله وسلم يمنع البهمة ، وهي صغيرة الضأن أن تمر بين يديه .
ويُمنع من المرور من أراد أن يمرّ بين يدي المصلي وهو يُصلي ولو كان ذلك في
الحرمين خاصة إذا صلّى إلى شيء يستره من مرور الناس .
وهذا ما فهمه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه –
فقد حدّث أبو صالح السمان قال : رأيت أبا سعيد الخدري في يوم جمعة يُصلي إلى
شيء يستره من الناس ، فأراد شاب من بني أبي معيط أن يجتاز بين يديه ، فدفع
أبو سعيد في صدره ، فنظر الشاب فلم يجد مساغا إلا بين يديه ، فعاد ليجتاز ،
فدفعه أبو سعيد أشد من الأولى ، فنال من أبي سعيد ، ثم دخل على مروان ، فشكا
إليه ما لقي من أبي سعيد ، ودخل أبو سعيد خلفه على مروان ، فقال : ما لك
ولابن أخيك يا أبا سعيد ؟ قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذا صلى
أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه ، فإن أبى
فليقاتله ، فإنما هو شيطان . رواه البخاري ومسلم .
ومعنى فليُقاتله أي يشتدّ في مُدافعته إذا أراد أن يمرّ كما فعل أبو سعيد –
رضي الله عنه –
وأما قولك " غرفة فاطمة " فهذا مما
تزعمه الرافضة !
وإلا فإن فاطمة – رضي الله عنها – لم
يكن لها غرفة في المسجد ، ولو كان لما نُسبت لها وإنما تُنسب لزوجها عليّ –
رضي الله عنه – .
بيت النبي صلى الله عليه على آله وسلم وغرفته هي التي دُفِن فيها ، وكانت هي
غرفة عائشة – رضي الله عنها –
وأما ما رأته الشيعية فليس بمستغرب ، فقد كان الشيطان يتمثل للمشركين
ويُكلّمهم من خلال الأصنام لزيادة الفتنة بأصنامهم والتعلق بها .
===========
أعود لبقية الأسئلة
ليس هناك من دعاء مُعيّن لمنطقة
مُعيّـنة لا في المسجد الحرام ولا في المسجد النبوي ، إلا ما يُقال عند بداية
كل شوط من الطواف والسعي ، وما يُقال بين الركن اليماني والحجر الأسود .
أما تخصيص أشواط الطواف كل شوط بدعاء ، أو تخصيص أشواط السعي كذلك ، فكل هذا
من البِدع المُحدَثـة .
ومثله تخصيص دعاء مُعيّن للروضة الشريفة ، فإنه لم يرد في ذلك شيء عنه عليه
الصلاة والسلام .
ولكن المسلم إذا زار قبر النبي صلى الله عليه على آله وسلم وقبور صاحبيه فإنه
يقف في ذلك المكان ويُسلّم ، وليس الوقوف من أجل المكان إنما من أجل السلام .
وما يتعلق بزيارة النساء للقبور
فقد تقدّمت الإشارة إليه ، وأُضيف أن النساء شقائق الرجال ، كما قال عليه
الصلاة والسلام ، ثم إن الأمر والإذن بالزيارة عام ، والعلّة منصوص عليها .
كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها ، فإنها تُذكّركم الآخرة .
والجميع – الرجال والنساء – بحاجة إلى التذكير كما أشارت أختي عابدة الرحمن
في موضوع زيارة النساء للمقابر .
وأما
جلوس النساء في الروضة والاستئثار في
ذلك المكان والتضييق على عباد الله فليس من السنة ، كذلك ما أشرتِ إليه من
تلك الكتب والأدعية ، وخاصة ما يُسمّى مصحف فاطمة . فهل فاطمة كانت نبيَّـه
يُوحى إليها ؟؟؟
إن قالوا : نعم . فقد جاءوا بما لم تأتِ به الأوائل والأواخر !
وإن قالوا : لا . قيل : فمن أين أتى مصحف فاطمة – رضي الله عنها – ؟؟
وأما تمسيح الأعمدة والجدران
فهو جهل مُطبق ، وإن قالوا : نرجو بركته !
فلم يكن هذا من عمل الصحابة – رضي الله عنهم – وهم أحب الناس إلى النبي صلى
الله عليه على آله وسلم ، والنبي صلى الله عليه على آله وسلم أحب إليهم من
أهليهم وأموالهم وأولادهم .
ثم إن النبي صلى الله عليه على آله وسلم لم يأمر ولم يأذن به .
ولذا كان عمر – رضي الله عنه – إذا جاء إلى الحجر الأسود فَـقَـبّـله قال :
والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ! ولولا أني رأيت النبي صلى الله
عليه وسلم يُـقَـبِّـلك ما قـبّـلتك . رواه البخاري ومسلم .
والله أعلم .
عودة إلى بقية الأسئلة
أما مُزاحمة الرجال عند الحجر الأسود
فمنكر يجب إنكاره
وقد سبقت الإشارة إليه في هذا الموضوع
وأما المُـلـتَـزم فهو ما بين الحجر
السود وباب الكعبة ، ولا يُطلق عليه باب السلام !
وهو مثل سابقه من حيث المُزاحمة ، فلا
يجوز للمرأة أن تُزاحم الرجال ، ولا يُتقرّب إلى الله بسخطه ، بل إن نوافل
العبادة إذا كانت سوف تُفضي إلى أمر مُحرّم أو فتنة فإنها تُجتنب
ولذا قال عليه الصلاة والسلام لعائشة : ألم تري أن قومك لما بنوا الكعبة
اقتصروا عن قواعد إبراهيم . قالت : فقلت : يا رسول الله ألا تردها على قواعد
إبراهيم ؟ قال : لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت . متفق عليه .
فكم في هذا الفعل من خير للعباد ، لكن لما كان فيه ما فيه من الفتنة تُرِك .
وأما تغطية الوجه بالنسبة للمرأة
فالصحيح أنه واجب
فإذا كانت المرأة في مكان بحيث يراها
الرجال فإنها تُغطي وجهها ، أما إذا كانت في مكان لا يراها الرجال أو كانت
بحضرة الرجال المحارم فإنها تكشف عن وجهها حال الصلاة والإحرام .
وأما النوم في المسجد فلا حرج فيه إلا أن يكون سبباً للتضييق على المصلين أو
لتلويث المسجد أو يُحوجها إلى الوضوء ثم تلجأ للوضوء أمام الرجال .
ولا شك أن الوضوء أمام الرجال مُنكر يجب إنكاره على النساء .
ويجب على المرأة أن تخرج إلى أماكن الوضوء المخصصة للنساء لتتوضأ ثم تعود ؛
لأنها إنما جاءت طلباً للأجر ، فلا تطلب الأجر من حيث تأثم !
وأما الهرولة بين العلمين فيما بين
الصفا والمروة فهي خاصة بالرجال دون النساء .
وعلى من ذهب إلى بيت الله لأداء الحج
أو العمرة أن يتأدب بآداب بيوت الله فهو في أعظم بقعة .
وكان السلف يكرهون الحديث في الطواف أو السعي بغير ذكر الله ؛ لأن هذا الوقت
وقت عبادة ، فيؤجل الكلام إلى ما بعد بيت الله والطواف به ، وبعد السعي بين
الصفا والمروة .
قال عروة بن الزبير : خطبت إلى عبد الله بن عمر ابنته ونحن في الطواف فسكت
ولم يجبني بكلمة ، فقلت لو رضي لأجابني ، والله لا أراجعه فيها بكلمة أبدا ،
فقُـدّر له أن صدر إلى المدينة قبلي ، ثم قدمت فدخلت مسجد الرسول صلى الله
عليه وسلم فسلمت عليه وأديت إليه من حقه ما هو أهله فأتيته ورحب بي وقال :
متى قدمت ؟ فقلت : هذا حين قدومي . فقال : أكنت ذكرت لي سودة بنت عبد الله
ونحن في الطواف نتخايل الله عز وجل بين أعيننا وكنت قادرا أن تلقاني في غير
ذلك الموطن ؟ فقلت : كان أمرا قُدر ! قال : فما رأيك اليوم ؟ قلت : أحرص ما
كنت عليه قط ، فدعا ابنيه فزوجني . رواه أبو نعيم في الحلية .
ألا تستطيع تلك النسوة أو أولئك الرجال أن يؤجلوا حديثهم في أمر دنياهم حتى
ينتهوا من سعيهم وطوافهم ، خاصة الحديث في أمور الدنيا والبيع والشراء وتوافه
الأمور .
المطوفون وما أدراك ما المطوفون !
لم لهم وجود في زمن النبي صلى الله
عليه على آله وسلم ولا في زمن أصحابه ؛ لأن من أراد عبادة ربه لا يحتاج إلى
واسطة !! ولا يحتاج إلى ترديد أقوال قد لا يفهمهما ولا يفقه معانيها ، وتنغيم
وإيقاع حتى كأنه تقطيع شِعْـر !!
فيُردد المطوّف أو من يتقدّم مجموعة ويُمسك بكتاب لا أصل له : اللهم اجعله
حجاً مبرورا !
ويُردد وراءه العُـمّـار ( المعتمرون ) ! اللهم اجعله حجاً مبرورا !
وأين يا عباد الله ؟؟؟ في شهر صفر أو ربيع !!!
أو يكون العُمّار من الأعاجم فيُرددون كلمات لا يفقهون معناها !
والصحيح أن المعتمر أو الحاج يطوف ببيت ربه ويتضرّع إليه بما يعرف من دعاء ،
ويسأل ربه من خيري الدنيا والآخرة ، ولا حاجة إلى واسطة .
وقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية –
رحمه الله – :
عن رجل دعا دعاء ملحوناً ، فقال له
رجل : ما يقبل الله دعاء ملحونا
فأجاب – رحمه الله – :
من قال هذا القول فهو آثم مخالف للكتاب والسنة ولما كان عليه السلف ، وأما من
دعا الله مخلصاً لـه الدين بِدعاء جائز سمعه الله وأجاب دعاءه سواء كان معربا
أو ملحونا ، والكلام المذكور لا أصل لـه ، بل ينبغي للداعي إذا لم تكن عادته
الأعراب أن لا يتكلف الإِعراب ، قال بعض السلف : إذا جاء الإعراب ذهب الخشوع
، وهذا كما يكره تكلف السجع في الدعاء ، فإذا وقع بغير تكلف فلا بأس به ، فإن
أصل الدعاء من القلب ، واللسان تابع للقلب ، ومن جعل همّته في الدعاء تقويم
لسانه أضعف تَوَجّه قلبه ، ولهذا يدعو المضطر بقلبه دعـاء يفتح عليه لا يحضره
قبل ذلك ، وهذا أمر يجده كل مؤمن في قلبه . انتهى .
فلا يضر كون الدعاء بغير العربية أو كون الإنسان يلحن في دعائه أو لا يعرف
الأدعية النبوية الجامعة ، فيدعو الله بما تيسر فإنه أعظم لحضور القلب ،
واستجابة الدعاء .
وأما الركن اليماني
فهو الركن الذي يقع قبل الحجر الأسود
، وسُمي اليماني لأنه جهة اليمن
فالركن اليماني يُستلم فقط دون إشارة للبعيد أو تكبير .
والصحيح أنه لا يجوز التمسّح به أو التبرك ، وإنما يستلمه بيده ، ولا يمسح
بها وجهه ولا يُقبّـل يده بعد ذلك أو يمسح بها وجهه وجسده ، ولا يُلصق جسده
أو وجهه به ؛ لأن العبادة مبناها على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه على آله
وسلم والتأسي به ، ولم يرد عنه عليه الصلاة والسلام من ذلك شيء .
وتقدّم قول عمر – رضي الله عنه – : والله إن لأعلم أنك حجر ...
والإشارة من بعيد باليد إنما تكون عند محاذاة وموازنة الحجر الأسود فقط لمن
لم يستطع أن يستلمه .
كما أن الحاج أو المعتمر لا يُشير بيديه تجاه القبلة ولا يرفعهما إلا للدعاء
إذا صعد على الصفا والمروة .
لأن بعض الحجاج أو المعتمرين إذا صعدوا على الصفا أو على المرة أشاروا
بأيديهم تجاه الكعبة ، وهذا ليس بصحيح .
وأما التعلق بالكعبة فهو أنواع :
الصاق الصدر واليدين بالكعبة فيما بين
الحجر الأسود والباب ، وهو المُلتَـزَم ، وهذا ثابت عن النبي عليه الصلاة
والسلام وعن أصحابه ، وإنما سُمّي الملتزم بهذا الاسم لأنهم كانوا يلتزمونه
بأيديهم وصدورهم .
وقد ثبت - من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه - أن رسول الله صلى الله
عليه على آله وسلم كان يُلزِق صدره ووجهـه بالمُلتَزَم . والحديث في صحيح
الجامع .
وعن ابن عباس أنه قال : الملتزم ما بين الركن والباب .
وعنه – رضي الله عنه – أنه كان يَلْـزَمُ ما بين الركن والباب ، وكان يقول :
ما بين الركن والباب يدعى المُلْتَزَم ، لا يَلْـزَم ما بينهما أحد يسأل الله
شيئا إلا أعطـاه إياه .
وعن مجاهد أنه قال :كانوا يَلْتَزِمُون ما بين الركـن والباب ويَدْعُون .
وقال محمد بن عبد الرحمن العبدي : رأيت عكرمة بن خالد ، وأبا جعفر وعكرمـة
مولى ابن عباس ، يلتزمون ما بين الركن وباب الكعبة .
وعن معمر أنه قال : رأيت أيوب يُلصق بالبيت صدره ويديه .
فهذه الآثار تدلّ على ثبوت ذلك .
وأما التعلق بأستار الكعبة من غير تمسح أو طلب تبرّك فلا حرج فيه ، وكان ذلك
معروفاً ، وهو يدلّ على اللجوء والاستعاذة بالله .
وقد روى البخاري ومسلم عن أنس – رضي الله عنه – أنه قال : دخل رسول الله صلى
الله عليه على آله وسلم عام الفتح وعلى رأسه المغفر ، فلما نزعه جاء رجل فقال
: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ! فقال : اقتلوه .
وذلك أنه قتل رجلاً من الأنصار ثم ارتد ولحق بالمشركين .
وقال عليه الصلاة والسلام في نفر من المجرمين : اقتلوهم وأن وجدتموهم متعلقين
بأستار الكعبة .
مما يدلّ على أن هذا الفعل له أصل ، وكان معروفاً ، ولم يُنكره النبي صلى
الله عليه على آله وسلم .
إلا أنه لا يُتعلّق بأستار الكعبة تبركاً .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
ولما كانت الكعبة بيت الله الذي يُدعى ويذكر عنده ، فإنه سبحانه يستجار به
هناك ، وقد يستمسك بأستار الكعبة . انتهى .
أما بالنسبة للأذانين
فالأذان الأول : لا يمنع من الأكل
بالنسبة للصائم ، ولا تؤدى بعده صلاة الفجر ولا راتبتها
والأذان الثاني : يمنع من الأكل للصائم ، وتؤدى بعده راتبة الفجر والصلاة .
ولذا كانوا يؤخّرون السحور ، حتى يُنادي ابن أم مكتوم ، وكان رجلاً أعمى لا
يؤذّن حتى يُقال : أصبحت . أصبحت .
قال صلى الله عليه على آله وسلم : إن بلالاً يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى
يؤذن ابن أم مكتوم . قال الراوي : ولم يكن بينهما إلا أن ينـزل هذا ، ويَرقى
هذا . رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه على آله وسلم : إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده ،
فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه . رواه أحمد وأبو داود .
مما يدلّ على أن الأذان الثاني هو الذي يُحرّم الأكل على الصائم
ولم يكن بين الأذانين وقت طويل ، فإنه لم يكن بينهما إلا أن ينزل بلال ويرقى
ابن أم مكتوم
كما في هذا الحديث .
والله تبارك وتعالى أعلم .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .