اطبع هذه الصفحة


هل مسّ المرأة ناقض للوضوء ؟

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض

 
السؤال :
سؤالي هو : إذا لمس الرجل المرأة فهل معنى ذلك أنه ينقض وضوءه ويتطلب أنه يقوم فيتوضأ لكي يُصَلّي أم ماذا ؟
و جزاكم الله خيرا

الجواب :

وجزاك الله خيراً .

هذه المسألة اخْتَلَف فيها السَّلف اختلافا كبيرا
فالمذاهب فيها ثلاثة :

المذهب الأول : أن مُجرّد مسّ المرأة ناقض للوضوء ، وهذا القول مَحجُوج بما ثبت في الصحيحين من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - وَرِجْلايَ فِي قِبْلَتِهِ - فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي , فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ ، وإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا ، وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ .

المذهب الثاني : أن المسّ بِشَهوة ناقض للوضوء ، وهذا القول مَحجُوج بما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَـبَّـلَ بعض نسائه ثم خَرج إلى الصلاة ولم يتوضأ . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .
وأصحاب هذا القول ضعّفوا هذا الحديث .
وقد أطال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تخريج هذا لحديث في تحقيقه وشَرْحِه لِجامِع الترمذي ، وقد صَحّح الحديث ، وقال عَقب تخريجه : وهذا هو التحقيق الصحيح في تَعليل الأحاديث مِن غير عَصبيّة لِمَذْهَب ، ولا تَقليد لأحَد . اهـ .

المذهب الثالث : أن الذي ينقض الوضوء هو الْجِماع ، وهو المقصود بالملامَسَة في الآية .
وبهذا قال عُمر وقال ابن مسعود ، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهم .
وهو قول مسروق بن الأجدع والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح وطاوس اليماني .

روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن عبيد بن عمير وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح اخْتَلَفُوا في الْمُلامَسَة ، فقال سعيد وعطاء : هو اللمس والغمز ، وقال عبيد بن عمير : هو الـنِّكَاح ، فَخَرَجَ عليهم عبد الله بن عباس - وهم كذلك - فسألوه ، وأخبروه بما قالوا ، فقال: أخطأ الْمَولَيان وأصاب العربي ، هو الجماع ، ولكن الله يُعِفّ ويَكْني .

وقال ابن عباس : ما أبالي أقَـبّلْتُ امْرَأتي أو شَمَمْتُ رَيحانا
وبهذا قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وسائر الكوفيين إلا ابن حَيّ
ورووا عن علي بن أبي طالب مثل ذلك . أفاده ابن عبد البر في الاستذكار .

وهذا القول هو الراجح – إن شاء الله – لما جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه يُقبِّل ثم يُصلي ولا يتوضأ .
وهذا الذي رجّحه ابن جرير في تفسير قوله تعالى : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) ، حيث قال : وأوْلى القولين في ذلك بالصواب ، قَول مَن قال : عَنى الله بقوله : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) : الْجِمَاع دون غيره مِن مَعاني اللمْس ، لِصِحَّةِ الْخَبَر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قَـبَّل بَعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ .

قال الشيخ أحمد شاكر : وأما أصل الباب ومَرْجِع الخلاف فهو : هل يَجب الوضوء مِن مَسّ المرأة ؟
ذَهَب بعض الصحابة والتابعين ومن تبِعهم من الفقهاء والْمُحدِّثين إلى الوجوب ، وذَهَب بعض الصحابة ومن بعدهم إلى عدم الوجوب ، وهو الصحيح الراجِـح .

وإيجاب الوضوء على مَن مسّ امرأته بشهوة أو قَـبَّلَها يَحتاج إلى دليل ، ولا دليل عليه إلا ما جاء في الآية ، والآية فسّرها تُرجمان القرآن – ابن عباس – بـ " الْجِمَاع " .

فتحصّل من هذا أن مَسّ المرأة لا يَنقُض الوضوء .
وكذلك تَقبيل الرَّجُل امْرأته ، والمرأة زوجها ؛ كل ذلك لا ينقض الوضوء .

والله تعالى أعلم .


 

عبدالرحمن السحيم
  • مـقـالات
  • بحوث علمية
  • إنه الله
  • محمد رسول
  • المقالات العَقَدِيَّـة
  • قضايا الأمّـة
  • مقالات تربوية
  • مقالات وعظية
  • تصحيح مفاهيم
  • قصص هادفة
  • موضوعات أُسريّـة
  • تراجم وسير
  • دروس علمية
  • محاضرات مُفرّغة
  • صفحة النساء
  • فتاوى شرعية
  • الصفحة الرئيسية