اطبع هذه الصفحة


شرح أحاديث عمدة الأحكام
شرح الحديث الـ 43 في الاستحاضة

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

 
شرح الحديث الـ 43
عن عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أستحاض فلا أطهر ، أفأدع الصلاة ؟ فقال : لا ، إن ذلك عرق ، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ، ثم اغتسلي وصلي .
وفي رواية : وليس بالحيضة ، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة ، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي .

في الحديث مسائل :

1 = في تعريف الاستحاضة
في الحديث قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : إن ذلك عرق .
أي أنه دم عرق وليس دم حيض .
والمستحاضة هي التي ترى الدم من قُبلها في زمان لا يعتبر من الحيض والنفاس ، مُستغرقاً وقت صلاة في الابتداء ، ولا يخلو وقت صلاة عنه في البقاء .

2 = الفرق بين الحيض والاستحاضة
دم الحيض يتميّز عن دم الاستحاضة بثلاثة أشياء :
برائحته
وبلونه
وبكثافته
وبما يُصاحبه من آلام

ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف ، فإذا كان ذلك فامسكي عن الصلاة ، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي ، فإنما هو عرق . رواه أبو داود والنسائي .
فقوله : دم أسود يعرف
ميّزه باللون الأسود
وهو دم أسود ثخين
رائحته كريهة
وبرائحته " يعرف " وضُبطت هذه اللفظة :
بضم الياء " يُعرف " أي تعرفه النساء
وبفتح الياء " يَعرف " من العَرف ، وهو الرائحة .

وأما دم الاستحاضة فهو مختلف من حيث جميع هذه الصفات
فهو دم أحمر
ليس له رائحة كريهة
ولا يُصاحبه – غالباً – آلام .

4 = قولها " فلا أطهر "
المراد به النظافة من الدمّ ، بدليل أنها عبّرت بـ " الاستحاضة "

5 = سؤال المرأة عما يُشكل عليها ، فإن الله لا يستحيي من الحق ، وقد تقدّم ذلك .
فهي رضي الله عنها قد عرضت مشكلتها ثم سألت : هل تترك الصلاة ؟

6 = سبب الاستحاضة
قالت حمنة بنت جحش رضي الله عنها : كنت استحاض حيضة كثيرة شديدة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأُخبره ، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش ، فقلت : يا رسول الله إني امرأة استحاض حيضة كثيرة شديدة ، فما ترى فيها ، قد منعتني الصلاة والصوم ؟ فقال : أنعت لك الكرسف ، فإنه يذهب الدم . قالت : هو أكثر من ذلك . قال : فاتخذي ثوبا ، فقالت : هو أكثر من ذلك ، إنما أثج ثجا ! فقال لها : إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان .. الحديث . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم .

وفي هذا الحديث بيان سبب الاستحاضة ، وأنها ركضة أي ركلة من ركلات الشيطان ، ليُفسد على الناس عبادتهم .

7 = بيان النبي صلى الله عليه وسلم للسائلة ما أشكل عليها ، وذلك في قوله : " إنما ذلك عرق ، وليس بالحيضة "
ثم أرشدها إلى ما تفعله في هذه الحالة ، فقال : فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة ، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي .

وفي رواية لمسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت : سألت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم قالت : إني استحاض فلا أطهر ، أفأدع الصلاة ؟ قال : لا ، ولكن دعي قدر الأيام والليالي التي كنت تحيضين وقدرهن من الشهر ، ثم اغتسلي ، واستثفري بثوب وصلي .
والاستثفار هو التحفّظ .

8 = إذا كانت المرأة تستحاض فإنها ترجع إلى عادتها ، كما أرجع النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضات .
فتترك الصلاة أيام عادتها ، فإذا انقضت فإنها تغتسل من الحيض ثم تُصلي ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام لأم حبيبة رضي الله عنها : امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ، ثم اغتسلي وصلي . رواه مسلم .

9 = المستحاضة تتوضأ لكل صلاة إذا كان الدم معها مستمراً .

10 = لا يجب على المستحاضة أن تغتسل لكل صلاة ، وإن ورد ذلك عن بعض الصحابيات فهو اجتهاد منهن
ولذا قال الإمام مسلم - بعد أن خرّج الروايات في الباب - : وفي حديث حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذكره .
يعني بذلك الاغتسال لكل صلاة بالنسبة للمستحاضة .
وعند مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : استفتت أم حبيبة بنت جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إني استحاض ، فقال : إنما ذلك عرق فاغتسلي ، ثم صلي ، فكانت تغتسل عند كل صلاة . قال الليث بن سعد : لم يذكر بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بنت جحش أن تغتسل عند كل صلاة ، ولكنه شيء فعلته هي .

11 = المستحاضة تُصلي وتصوم وتحلّ لزوجها .
 

عمدة الأحكام
  • كتاب الطهارة
  • كتاب الصلاة
  • كتاب الصيام
  • كتاب الحج
  • شرح العمدة
  • مـقـالات
  • بحوث علمية
  • محاضرات
  • فتاوى
  • الصفحة الرئيسية