اطبع هذه الصفحة


شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث الـ 72 في استقبال القبلة في النافلة في السفر

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

 
ح 72
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُسَبـِّح على ظهر راحلته حيث كان وجهه ، يومئ برأسه ، وكان ابن عمر يفعله .
وفي رواية : كان يُوتر على بعيره .
ولمسلم : غير أنه لا يُصلي عليها المكتوبة .
وللبخاري : إلا الفرائض .

في الحديث مسائل :

1 = معنى يُسبِّح : أي يتنفّل ، وقد يُطلق على النافلة : السُّبحَة .
روى مسلم من طريق عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه قال : صحِبت ابن عمر في طريق مكة ، قال : فصلى لنا الظهر ركعتين ، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله ، وجلس وجلسنا معه ، فَحَانَتْ منه التفاتة نحو حيث صلى ، فرأى ناسا قياما ، فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ قال : قلت : يُسبِّحون . قال : لو كنت مُسبِّحا لأتممت صلاتي .
أي لو كنت متنفلاً .
وهذا فيما يتعلق براتبة الصلاة .
قال ابن حجر في قول ابن عمر " لو كنت مُسبِّحا لأتممت صلاتي " : إنما أراد به راتبه المكتوبة لا النافلة المقصودة كالوتر . اهـ .
وحديث الباب يدل على ذلك ؛ لأن ابن عمر نقل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته ، ونُقِل عن ابن عمر أنه كان يفعله .

2 =
قوله : " على ظهر راحلته " ، أي في السفر ، فإنه لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على راحلته في المدينة .
وهذا يدلّ على أن الصلاة على الراحلة أو السيارة خاص بالسفر .
فقد روى البخاري من طريق عبد الله بن عامر بن ربيعة أن أباه أخبره أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صلى السبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته حيث توجهت به .
واختار شيخنا الشيخ عبد الكريم الخضير – حفظه الله – أن للمقيم أن يُصلي في السيارة إذا خشي فوات وقت الراتبة .

3 =
جواز الصلاة على الدواب ، سواء كانت من الإبل ، كما يُفهم من لفظ " راحلة " وتجوز على الحمار ، فقد روى مسلم عن ابن عمر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو موجِّه إلى خيبر .

4 =
قوله : " حيث كان وجهه " يدلّ على عدم اشتراط استقبال القبلة في النافلة حال السفر .
وعند مسلم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي وهو مُقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه . قال : وفيه نزلت : ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) .
ومعلوم قطعا أنه في هذه الحالة لا يُمكن أن يستقبل الكعبة ؛ لأن المدينة تقع في جهة الشمال من مكة .

5 =
قوله : " يومئ برأسه " أي يُشير به في الركوع والسجود ، ويكون السجود أخفض من الركوع .

6 =
قوله : " وكان ابن عمر يفعله " ما فائدة هذا اللفظ ؟
فائدته أن هذا الفعل ليس خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه لم يُنسخ .

7 =
قوله : " وفي رواية : كان يُوتر على بعيره " هذا من ذِكر الخاص بعد العام ، فالوتر من جنس النافلة ، وذلك لئلا يُفهم أن الوتر لا يصلح على الدابة .
ولقول ابن عمر هذا قصة .
فقد أخرج مسلم من طريق سعيد بن يسار أنه قال : كنت أسير مع ابن عمر بطريق مكة . قال سعيد : فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت ، ثم أدركته ، فقال لي ابن عمر : أين كنت ؟ فقلت له : خشيت الفجر فنـزلت فأوترت ، فقال عبد الله : أليس لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة ؟ فقلت : بلى والله . قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير .
وفي لفظ لمسلم : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على الراحلة قبل أي وجه توجه ، ويوتر عليها ، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة . رواه مسلم .

8 =
" غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة " أي لا يُصلي الفريضة على راحلته .
وفي رواية البخاري : " إلا الفرائض " والمعنى واحد .
وهذا من الأحكام التي اختلفت فيها الفريضة عن النافلة .
فالفريضة يُشترط لها استقبال القبلة ، والنافلة لا يُشترط لها .
و القيام في الفريضة رُكن ، وليس هو كذلك في النافلة .
وهذا يدلّ على أن النافلة مبنية على التخفيف .
قال ابن الملقِّن : وأجمعت الأمة على أن المكتوبة لا تجوز إلى غير القبلة ولا على الدابة إلا في شدة الخوف .

9 =
متى يجوز للمصلي أن يُصلي صلاة الفريضة على الراحلة ؟
إذا كان في حال خوف أو كان لا يستطيع النـزول ، أو كانت الأرض طينا لا يُمكنه الصلاة معه .
قال ابن الملقِّن : ولو كان في ركب وخاف لو نـزل للفريضة انقطع عنهم ولحقه الضرر صلى عليها [ أي على الدابة ] . اهـ .

10 =
جمهور العلماء على أن المسافر سفر معصية أنه لا يترخّص برخص السفر .
 

عمدة الأحكام
  • كتاب الطهارة
  • كتاب الصلاة
  • كتاب الصيام
  • كتاب الحج
  • شرح العمدة
  • مـقـالات
  • بحوث علمية
  • محاضرات
  • فتاوى
  • الصفحة الرئيسية