|  | 
   
	ح 95
	
	عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْجَرْمِيِّ الْبَصْرِيِّ - 
	قَال : جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا , فَقَال : 
	إنِّي لأُصَلِّي بِكُمْ , وَمَا أُرِيدُ الصَّلاةَ , أُصَلِّي كَيْفَ رَأَيْتُ 
	رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي . فَقُلْتُ لأَبِي قِلابَةَ : 
	كَيْفَ كَانَ يُصَلِّي ؟ فَقَال : مِثْلَ صَلاةِ شَيْخِنَا هَذَا , وَكَانَ 
	يَجْلِسُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ في الركعة 
	الأولى .
	أَرادَ بشيخِهمْ ، أَبا بُريد ، عَمرَو بنَ سَلَمَة الجَرْميَّ .ويُقال : أبو 
	يزيد .
	
	في الحديث مسائل :
	
	1= 
	القائل لأبي قِلابة هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، إذ هو الراوي عنه .
	
	2= 
	قوله : " في مسجدنا هذا " الظاهر أنه مسجد البصرة . أفاده العيني .
	
	3= 
	مالك بن الحويرث أحد الذين خاطَبهم النبي صلى الله عليه وسلم مُباشَرة بقوله : 
	صلوا كما رأيتموني أُصلِّي .
	روى البخاري من طريق أبي قلابة قال : حدثنا مالك – يعني ابن الحويرث – قال : 
	أتينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون ، فأقمنا عنده عشرين 
	يوما وليلة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا ، فلما ظن أنا قد 
	اشتهينا أهلنا ، أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا ، فأخبرناه . قال : ارجعوا 
	إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلّموهم ومُروهم - وَذَكَرَ أشياء أحفظها أو لا 
	أحفظها - وصلوا كما رأيتموني أصلي ، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم 
	أكبركم .
	
	4= 
	هذه الجلسة الخفيفة تُسمى جلسة الاستراحة ، واختُلِف في حُكمها .
	فقيل : يَجلس المصلي ، لهذا الحديث ولحديث أبي حُميد الساعدي رضي الله عنه .
	وقيل : يجلس الكبير ومن به عِلّة .
	
	وقيل في تعليل هذه الجلسة أنها للكِبَر .
	ونقل العيني عن صاحب الهداية أنه قال في الرد على من علّل بذلك : 
	فيه تأمل ، لأن إنهاء ما عُمِّرَ صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة ، وفي هذا 
	القدر لا يعجز الرجل عن النهوض ، اللهم إلا إذا كان لعذر مرض أو جراحة ونحوهما 
	. وفي (التوضيح) وحَمَلَ مالك هذا الحديث على حالة الضعف بعيد ، وكذا قول من 
	قال أن مالك بن الحويرث رجل من أهل البادية أقام عند رسول الله عشرين ليلة ، 
	ولعله رآه فعل ذلك في صلاة واحدة لعذر فظن أنه من سنة الصلاة ، أبعد وأبعد ، لا 
	يُقال ذلك فيه . وجلسة الاستراحة ثابتة في حديث أبي حميد الساعدي لا كما نفاها 
	الطحاوي ، بل هي ثابتة في حديث المسيء في صلاته في البخاري انتهى . قال العيني 
	: قلت : ما نفى الطحاوي إلا كونها سنة . اهـ . 
	والصحيح أن هذه الجلسة سُنّة ، ولا عِبرة بتعليل لا يقوم عليه دليل .
	وفَعَل ذلك غير واحد من السلف .
	روى البيهقي في الكبرى من طريق الأزرق بن قيس قال : رأيت ابن عمر إذا قام من 
	الركعتين اعتمد على الأرض بيديه . فقلت لولده ولجلسائه : لعله يفعل هذا من 
	الكِبَر ؟ قالوا : لا ، ولكن هذا يكون .
	قال البيهقي : وروينا عن نافع عن ابن عمر أنه كان يعتمد على يديه إذا نهض ، 
	وكذلك كان يفعل الحسن وغير واحد من التابعين . اهـ . 
	
	5= 
	هل جلسة الاستراحة عند القيام للركعة الأولى كما في حديث الباب ؟
	الجواب : لا
	فقد روى البخاري من طريق أبي قلابة قال : أخبرنا مالك بن الحويرث الليثي أنه 
	رأى النبي صلى الله عليه وسلم يُصلي فإذا كان في وِتْرٍ من صلاته لم ينهض حتى 
	يستوي قاعدا .
	ومعنى " في وِتْرٍ " أي في الأولى عند القيام للثانية ، وفي الثالثة عند القيام 
	للرابعة .
	
	6= 
	مسألة مُتفرِّعة ولها صِلة بهذه المسألة ، وهي :
	الاعتماد عند القيام هل يكون على اليدين أو على الرِّجلَين ؟
	تقدّم في فِعل ابن عمر رضي الله عنهما أنه إذا قام من الركعتين اعتمد على الأرض 
	بيديه .
	وفي رواية للطبراني والبيهقي لحديث الباب :
	قال أيوب : وكان ذلك الشيخ يُتِمّ التكبير ، وكان إذا رفع رأسه من السجدة 
	الثانية جلس ثم اعتمد على الأرض .
	وفي رواية له من طريق خالد عن أبي قلابه قال : كان مالك بن الحويرث يأتينا 
	فيقول إلا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيصلي في غير وقت 
	الصلاة ، فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول ركعة استوى قاعدا واعتمد على 
	الأرض .
	
	7=
	جواز الصلاة في غير وقت الصلاة لتعليم 
	الناس ، ولا يَدخل هذا في النهي عن إعادة الصلاة في يوم مرتين 
	فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى بالناس ليُعلِّمهم صِفة الصلاة ، وهذا في 
	غير الصلوات المفروضة .
	ويدل عليه حديث الباب .
	حدّث سليمان بن يسار - مولى ميمونة - قال : أتيت ابن عمر على البلاط وهم 
	يُصَلُّون . فقلت : ألا تصلي معهم ؟ قال : قد صليت ، إني سمعت رسول الله صلى 
	الله عليه وسلم يقول : لا تصلوا صلاة في يوم مرتين . رواه الإمام أحمد وأبو 
	داود والنسائي .
	كيف يُجمع بين هذا الحديث وبين حديث : " إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد 
	جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة " ؟ رواه الإمام أحمد والترمذي وأبو داود 
	والنسائي .
	
	الجواب :
	أن من صلّى في مكانه لِعُذر ، كأن يكون مُسافِراً ، أو كما في هذا الحديث الذي 
	وَرَد فيه أنهما صليا في رِحالهما ، وكان ذلك في مِنى ، ثم حضر الجماعة 
	فليُصلِّ ، حتى لا يُساء به الظنّ .
	أما من صلّى ثم حضر عند أناس يُصلون بحيث لا يُساء به الظن فإنه يُخاطَب بالأمر 
	ألأول ، وهو أنه لا يُصلي صلاة في يوم مرتين .
	وجواب آخر :
	وهو أنه لا تُصلي الصلاة المفروضة بنية الفريضة مرتين ، وإنما يُندب إلى صلاتها 
	مع الجماعة بنية النافلة .
	
	والله تعالى أعلم .