اطبع هذه الصفحة


شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث 150 في النداء لِِصلاة الكسوف

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ مُنَادِياً يُنَادِي : الصَّلاة جَامِعَة ، فَاجْتَمَعُوا ، وَتَقَدَّمَ , فَكَبَّر، وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ , وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ .

فيه مسائل :

1= " أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ " سبق في شرح التبويب الكلام على معنى الكسوف والخسوف .

2= قولها رضي الله عنها : " عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
لم يحدث كسوف الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ مرة واحدة ، وذلك يوم مات إبراهيم عليه السلام ، وسيأتي بيان ذلك في حديث أبي مسعود بعد هذا الحديث .

3= حُكم صلاة الكسوف :
قَالَ مَالِكٌ : صَلاةُ الْخُسُوفِ سُنَّة . قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، وَمَنْ عَقَلَ الصَّلاةَ مِنْ الصِّبْيَانِ ، وَالْمُسَافِرِينَ وَالْعَبِيدِ . وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ صَلاةٌ مَسْنُونَةٌ لَمْ تُشْرَعْ لَهَا خُطْبَةٌ فَكَانَتْ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَالْوَتْرِ . قاله الباجي .
وقال النووي : وأجمع العلماء على أنها سُنّة ، ومذهب مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء أنه يُسَنّ فعلها جماعة . اهـ .
ومع ذلك لا ينبغي تركها ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم لَمّا كسفت الشمس قام فزعا يَجُرّ ثوبه .
قال ابن رجب : ونص الشافعي - في رواية البويطي - على أن صلاة الكسوف ليست بِنَفْلٍ ، ولكنها واجبة وجوب السنة .
قال : وهذا تصريح منه بأن السنة المتأكدة تُسَمّى واجبا . والله أعلم . اهـ .

4= قال النووي : قَوْله : " فَبَعَثَ مُنَادِيًا بِالصَّلاةِ جَامِعَة "
لَفْظَة ( جَامِعَة ) مَنْصُوبَة عَلَى الْحَال ، وَفِيهِ دَلِيل لِلشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبّ أَنْ يُنَادَى لِصَلاةِ الْكُسُوف : الصَّلاة جَامِعَة . اهـ .
وقال : قَوْله : ( الصَّلاة جَامِعَة ) ، هُوَ بِنَصْبِ الصَّلاة وَجَامِعَة ، الأَوَّل عَلَى الإِغْرَاء ، وَالثَّانِي عَلَى الْحَال .

5= في رواية لمسلم : " فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَقَامَ وَكَبَّرَ ، وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ "
قال النووي : فِيهِ إِثْبَات صَلاة الْكُسُوف ، وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب فِعْلهَا فِي الْمَسْجِد الَّذِي تُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَة . اهـ .
وفي حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : لَمَّا كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُودِيَ إِنَّ الصَّلاةَ جَامِعَةٌ . رواه البخاري

6= حُكم النداء لِصلاة الكسوف :
النداء لصلاة الكسوف سُـنَّـة ، وهو مبني على حُكم صلاة الكسوف .
" وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لا يُؤَذَّن لَهَا وَلا يُقَام" كما قال النووي .
ومعنى هذا أنه لا يُؤذّن لها الأذان المعتاد ، وإنما يُنادى لها النداء الخاص .

7= سيأتي في حديث عائشة رضي الله عنها – بعد حديث واحد – صِفة صلاة الكسوف بالتفصيل .

والله أعلم .
 

عمدة الأحكام
  • كتاب الطهارة
  • كتاب الصلاة
  • كتاب الصيام
  • كتاب الحج
  • شرح العمدة
  • مـقـالات
  • بحوث علمية
  • محاضرات
  • فتاوى
  • الصفحة الرئيسية