اطبع هذه الصفحة


شرح أحاديث عمدة الأحكام
حديث 177 في عدم وُجوب الزكاة في العبد والفَرَس ، وما في حُكمها

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ .
وَفِي لَفْظٍ : إلاَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ .

في الحديث مسائل :

1= عدم وُجوب الزكاة فيما أُعِدّ للقُنيَـة .

2= وَفِي لَفْظٍ : إلاَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ .
هذا اللفظ رواه أبو داود .
وعند مسلم من طريق مَخْرَمَةُ بن بُكير عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَيْسَ فِي الْعَبْدِ صَدَقَةٌ إِلا صَدَقَةُ الْفِطْرِ .
واخْتُلِف في ثُبُوت هذه الزيادة ، وهل سَمِع مَخْرَمة مِن أبيه أو لا .

3= اخْتُلِف في زكاة الخيل .
قال ابن عبد البر :
وأما حديث مالك عن بن شهاب عن سليمان بن يسار أن أهل الشام قالوا لأبي عبيدة بن الجراح : خُذ من خيلنا ورقيقنا صدقة فأبى ، ثم كلموه أيضا ، فكتب إلى عمر ، فكتب إليه عمر : إن أحَـبُّوا فَخُذْها مِنهم ، وارددها عليهم ، وارزق رقيقهم .
ففي إبَاء إياه أبي عبيدة وعمر في الأخذ من أهل الشام ما ذَكروا عن رقيقهم وخَيلهم دلالة واضحة أنه لا زكاة في الرقيق ولا في الخيل ، ولو كانت الزكاة واجبة في ذلك ما امتنعا مِن أخذ ما أوجب الله عليهم أخذه لأهله ، ووضعه فيهم ، فلما ألَحُّوا على أبي عبيدة في ذلك وألَحّ أبو عبيدة على عُمر استشار الناس في أمرها ، فرأى أن أخذها منهم عمل صالح له ، ولهم على ما شرط أن يردها عليهم ، يعني على فقرائهم .
ومعنى قوله : وارزق رقيقهم . يعني : الفقير منهم والله أعلم . وقيل في معنى " وارزق رقيقهم " عبيدهم وإماءهم ، أي : ارزقهم مِن بيت المال ...
وهذا الحديث يُعارض ما رُوي عن عمر في زكاة الخيل ، ولا أعلم أحدا من فقهاء الأمصار أوْجب الزكاة في الخيل إلاَّ أبا حنيفة ، فإنه أوجبها في الخيل السائمة . اهـ .
ثم قال بعد سياق الخلاف : وإذا كان الخلاف بين الصحابة في مَسألة ، وكانت السُّـنَّـة في أحَد القولين ، كانت الْحُجَّة فيه . اهـ .
قال الصنعاني في شرح حديث الباب : الْحَدِيثُ نَصٌّ عَلَى أَنَّهُ لا زَكَاةَ فِي الْعَبِيدِ وَلا الْخَيْلِ ، وَهُوَ إجْمَاعٌ فِيمَا كَانَ لِلْخِدْمَةِ وَالرُّكُوبِ ، وَأَمَّا الْخَيْلُ الْمُعَدَّةُ لِلنِّتَاجِ ، فَفِيهَا خِلافٌ لِلْحَنَفِيَّةِ وَتَفَاصِيلُ . اهـ .

4= زكاة الفِطْر تَجِب عن المملوك إذا كان مُسْلِما ، لِمَا في الصحيحين من حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ .
وسيأتي الكلام عليها في باب مستقل .

5= اخْتُلِف في زكاة الفِطر عن الرقيق إذا أُعِدّ للتجارة ؟
قال الإمام البخاري : بَاب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ . وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الْمَمْلُوكِينَ لِلتِّجَارَةِ : يُزَكَّى فِي التِّجَارَةِ ، وَيُزَكَّى فِي الْفِطْرِ .
قال ابن عبد البر :
أجمع العلماء على أن لا زكاة على أحد في رَقِيقه إلاَّ أن يكون اشتراهم للتجارة ، فإن اشتراهم للقنية فلا زكاة في شيء منهم .
وقال ابن حجر تعليقا على ما ذكره البخاري من قول الزهري :
وما نقله المصنف عن الزهري هو قول الجمهور . وقال النخعي والثوري والحنفية : لا يلزم السيد زكاة الفطر عن عبيد التجارة ؛ لأن عَليه فيهم الزكاة ، ولا تجب في مال واحد زَكاتان . اهـ .
قال ابن حزم : والعجب كل العجب من أن أبا حنيفة وأصحابه أتوا إلى زكاتين مفروضتين ، إحداهما في المواشى، والأخرى زكاة الفطر في الرقيق ؛ فأسقطوا بإحداهما زكاة التجارة في المواشى الْمُتَّخَذة للتجارة، وأسقطوا الأخرى بِزَكاة التجارة في الرقيق !

6= في حُكم هذه الأشياء ما يُقْتَنى مِن بَيت وسيارة ونحوها ، فلا زَكاة فيها .
ولو كان البيت أو السيارة مِمَّا أُعِدّ للتأجير ، فلا زَكاة فيه ، وإنما الزكاة في غَلَّته وأُجْرِته إذا بلغت الـنِّصَاب وحَال عليها الْحَول .

والله تعالى أعلم .
 

عمدة الأحكام
  • كتاب الطهارة
  • كتاب الصلاة
  • كتاب الصيام
  • كتاب الحج
  • شرح العمدة
  • مـقـالات
  • بحوث علمية
  • محاضرات
  • فتاوى
  • الصفحة الرئيسية