اطبع هذه الصفحة


 تغريدات رمضانية

أ. عبدالله بن محمد بادابود
@ABADABOOD


بسم الله الرحمن الرحيم


استعدَّ لرمضان بكثرة الاستغفار، والإلحاح بالدعاء أن تبلغ الشهر، ويتيسر لك العمل الصالح، ويكتب لك القبول، الدعاء هو العبادة؛ فتمسَّكْ به.

لديك معصية من سنين وأنت تقترفها، أتعبتك! أشقَتْك! رمضان فرصة لتعود لرب غفور رحيم.

اقترَب الحبيب! أراه على بعد أيام، اشتقنا لأيامه ولياليه، صيامه وقيامه، وسؤالي: ماذا أعددنا لرمضان؟ سؤال نحتاج أن نفكر فيه، ونحتاج أن نعد له إجابات عملية.

ساهم في إفطار صائم ولو بالقليل، ليكون لك مثل أجره! فرصة عظيمة وأجر كبير! أين المشمِّر للجنان، وطالب رضا الرحمن.

كُنْ من أهل القيام، وتقرَّب إلى الله، ناجِه وبُثَّ له الشكوى، واذرف الدمع، وترقب الفرج؛ فهو قريب.

ليلة التاسع من رمضان، الشهر يعدو لكي يتوارى، مهلاً رمضان، فما زال البعض مشغولاً عن القيام، والبعض هاجرًا للقرآن، والبعض يتجهز لعيد الأجسام، وأناس تتقطع قلوبهم على انقضاء ساعاتك، يا من فرَّط، ما زالت الفرصة قائمة! انفُض غبار الكسل، وابدأ بالعمل، فوَالله إن حان الأجل، فستندم، وحينها لن ينفع الندم!

ها قد انتصف الشهر، راجع حساباتك، ودوِّن ملاحظاتك، ولُمْ نفسك على التقصير, جدِّد نشاطك، فما زالت لديك فرصة، وتذكر أن كل ليلة هناك عتقاءُ من النار.

إن تزكية النفس تكون بالتخلية والتحلية، تخلية القلب من المعاصي والآثام، وتحليته بالطاعات وطيب الأخلاق، فاسعَ لذلك في كل وقت، وفي رمضان خاصة.

رمضان مدرسة يتخرَّجُ منها الأتقياء، من كانت طاعة الله عندهم مقدمةً على من سواه، وسنة رسوله نبراسًا لهم في الحياة، لم تُغْرِهم دنيا فانية، ولا شهوة عابرة!

في رمضان تتهيأ فرص الطاعة من حولك، هناك من يشجعك بلسانه، ومن يحمسك بفعله، ترى التنافس بين الكبار والصغار، الكلُّ في شوق للجنة، فبادِرْ وسارع.

بعد أداء العمرة، سأل الله القبول، حلَق رأسه، وأحس بسعادة تغمر قلبه، ثم أشعل سيجارته، على خطوات من بيت الله الحرام! مسكين غابت عنه معانٍ كثيرة!

طفل صغير لم يتجاوز الثامنة، صلى بجانبي صلاة التراويح كاملة.. هي رسالة لمن يصلي ركعتين وينصرف لغير حاجة!

مهلاً رمضان! أراك تعدو مسرعًا نحو المغيب! رفقًا بقلوب لم تُفِقْ من فرحة اللقاء، لا تُباغِتْها بصدمة الوداع، وبين اللقاء والوداع قصة شوق!

إن صباح رمضان مختلف.. صباح يجدد الأرواح وينعشها.. صباح بعد ليلة قيام ليبدأ الجسم في الصيام، طاعات ونفحات، تلك هي أيام وليالي رمضان!

من الجميل أن تساهم يوميًّا في سُفَرِ الإفطار الخاصة بالمسجد المجاور لمنزلك، طبق تمر، أو عدد من عبوات اللبن، أو طبق منزلي، استثمِرْ أيام رمضان المعدودة.

إن الإقبال على المساجد في رمضان مما يُسعِد النفس، ويشرح الصدر، إقبال على الصلاة، وإقبال على قراءة القرآن، وإقبال على سماع الدروس، أرواح تتنافس على الجنة.

في كل ليلة من رمضان لله عتقاء من النار، هل تأمَّلت حالك؟ هل أنت منهم؟ هل انتفضت كل خلية بجسدك رجاء عفوِ الله ومغفرتِه؟!

في رمضان تمتلئ المساجد بصغار السن، يتنافسون في خدمة المصلِّين، ويتسابقون للصف الأول، بالفعل هم رياحين المسجد.

بالأمس صليتُ بجانب عامل آسيوي، كنت أسمعُ أزيزَ صدره في السجود، وصوت بكائه مع قراءة الإمام، حزنتُ على حالنا وقسوةِ قلوبنا، بالفعل رمضان مدرسة!

في رمضان تستجاب الدعوات، وتتحقَّق الأمنيات، ادعُ بيقين المؤمن، دعاء الموقن بالإجابة، ولا تنسَ والديك من الدعاء؛ فهم والله رموزُ العطاء، ونور الحياة.

رمضان مدرسة، أيامه ولياليه عبارة عن دورة قصيرة ومركزة، في مسجد حيِّك تأمَّل حال كبارِ السن، صبرَهم، اجتهادهم، مبادرتهم، تعلم أيها الشابُّ!

من عرَف قدر رمضان، وعلِم أنه أعظم الشهور، أيام معدودات، بها من البركات والنفحات والخيرات الكثير - تحسَّر على رحيل أيامه؛ تفقَّد نفسك، فما زالت هناك فرصة!

أعظمُ نعيمٍ: رؤيةُ رب العالمين، ردِّدْها بصدق في دعائك، اللهم لا تحرِمْنا لذة النظرِ إلى وجهك، والشوق إلى لقائك.

أخي الحبيب، ليكُنْ رمضان بداية لغض البصر عن محارم الله، طاعة لله، ولتمنع وصول سهم مسموم لقلبك، ولتسد على الشيطان كلَّ باب.

يوم عظيم (الجمعة)، وشهر عظيم، حين تجتمع الفضائل، تحتاج نفوسًا مشتاقة، وقلوبًا للجنة تواقة، همة عالية وأهداف سامية، فلا تفوت الفرصة.

رمضان شهر التغيير، دوِّن الآن صفات سيئة تريد التخلص منها، صفات حسنة تريد التحلي بها، أمنية تريد تحقيقها، درِّب نفسك، وألحَّ في الدعاء.

رمضان شهر المحبة والصلة، اعفُ عمَّن ظلمك، سامح مَن تطاول عليك، تواصل مع من قطعك، صِلْ رحمك، ليكن لك قلبٌ كبير يسع الجميع، ليرضى الله عنك.

رمضان شهر الصدقة، لتكن لك صدقة يومية، ولو بالقليل، ولو ريالاً واحدًا، استمر عليها لتُكتب في عِداد مَن تصدَّق في رمضان.

رمضان شهر القرآن؛ فأكثِرْ من القراءة والتدبر، اختَرِ المكان المناسب لتركز في الآيات، عِشْ مع الآية بكامل جوارحِك، صدِّقْني ستجد لذة عظيمة وروحًا منشرحة.

أكثر حسناتك، وارفع درجاتك، بتفطير الصائمين، ليكون لك الأجر كاملاً! فضل من الله فلا تفوته، هنيئًا لمن وجد في صحيفته كثرة صيام وبرٍّ وإحسان.

رمضان فرصة ذهبية، قد تدرك رمضان ولكن لا تستثمرها، خطط لرمضان، لتكسب نية العمل الصالح، إن أدركته أو لم تدركه.

البعض غرَّتْه نفسه الأمارة بالسوء ليقترف المعاصي فيما تبقى من شعبان، ويزين له الشيطان أن التوبةَ في رمضان، مسكين إن زارك ملَكُ الموت الآن!

حين تقرأ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ﴾ [الكهف: 107] تحفز أيها المؤمن لعمل الصالحات في شهر الخيرات.

رمضان فرصة لتعاهد القرآن تلاوة وحفظًا، ومراجعةً وتدبُّرًا، لا تفوت الفرصة، ولتكن قراءتك بتدبر، تأمَّلِ الآية، وكرِّرها، وعِشْ معها، وطبِّقْها في حياتك لتسعد.

رمضان فرصة لتجديد عهد الصداقة والأخوة والمحبة، تواصَلْ مع أحبتك، بارك لهم بالشهر، ذكِّرْهم باستغلاله، قل لهم بصدق: أحبكم في الله.

استغلَّ لحظاته وساعاته، وبادر، وسارع، وسابق لرضا الرحمن، وخدمة دين الإسلام.

الأيام الجميلة تعدو مسرعة، والخيَّال البارع هو من يجاريها ويستغلها، والعبرة في النهاية، لديك فرصة لتلحق بالركب، وتتوج بالفوز في رمضان.

مرت الأيام وسارعت الليالي خطاها نحو النهاية، تبقَّى عشرة أيام وينقضي رمضان، وبدأت العشر الأواخر، فأين المشمِّر، وأين مقتنص الفرص؟!

يريد أن يعتمر، يتحجج بالزحام مرة، وبالتعب أخرى، قلنا له: ابدَأْ وسترى عجبًا، صديقنا اعتمر بكل يُسر، ويتعجب كيف تيسر ذلك! الطاعة ميسَّرة، فقط ابدأ.

قبل الرحيل ينتابنا خوفٌ من لحظة الفِراق، وحين الرحيل ينتابنا خوفٌ من نار الشوق وهمِّ البُعد، كيف يكون الحال حين يرحل من طال انتظاره؟ رفقًا بنا يا رمضان.

رمضان فرصة قد لا تتكرر! استشعر ذلك، ولملم شتات نفسك، وأدرك رَكْب المسارعين، واذرف دمع الشوق لرب العالمين، قبل أن ينقضي الشهر وتكوى بنار الحسرة.

خطط لبرنامج مكثَّف هذه الليلة والليالي الباقية من رمضان، لديك وقت، ولديك فرص كثيرة، عِشْ كل ليلة كأنها ليلة القدر، وازدَدْ قربًا من الله.

تتسارع هذه الليلة لترحل ونجد ما قدمناه فيها، دمعات سكبت، أو دعوات صعِدت، أو آمال طُلبت، يا رب، حقِّق لنا أمانينا، وتقبل دعاءنا، وأعتق رقابنا من النار.

ضحَّى من أجلك لتكون في أفضل حال، شَقِي لتسعد، تعِب لترتاح، لا تَنْسَه في هذه الليلة من دعوة صادقة، يا رب اغفر لأبي، وارحمه، واجمعنا في الفردوس.

في صلاة القيام ترى صور الهمة العالية، كبير في السن يجاهد نفسه ليؤدي الصلاة كاملة، صغير في السن يسابق على الصف الأول، يا رب تقبَّلْ منهم.

ليلة مباركة ونفحات إيمانية، لا تنشغل عن استغلالها، لا تشغلك الأسواق والتجمعات، لا تفرِّطْ فيما بقي من الشهر، لا تدري قد يكون آخر رمضان تدركه!

تجاوزت دورة تدريبية مكثفة، حتمًا غيَّرَتْك للأفضل، حافِظْ على ما اكتسبته من مدرسة رمضان، ولا تنقض الغزل وتُسئِ العمل.

حتمًا ستختلط دموع الفرح مع دموع الحزن الليلة! صلاة التهجد ستكون بث حزن الفراق وفرحة التمام! رمضان، بحالنا ترفَّق، يا رب، أعِدْه علينا أعوامًا وأعوامًا.

رمضان يا شهر المحبة والقُرب، شهر الكرم والجود، شهر الألفة والمحبة، أيها الراحل، رفقًا بقلوب سكنتها، وأجساد دربتها! يا رب تقبل منا واغفر لنا.

أترقب غروب شمس آخر يوم من رمضان، أتشبث بالدقائق! ليتها تتوقف، لأملأ روحي من نفحاته، شعاع شمسه يخبرني أن الموعد العام القادم! يا رب بلِّغْنيه.

لا تغفُلْ عن النية وعظمتها، انْوِ الخير في القادم من الأيام، ثباتًا على الخير، مسارعة في الطاعات، بُعدًا عن المحرَّمات، لتكُنْ حياتك كلها رمضان.

تعلمنا من رمضان كيف ننظم الوقت، وننجز العمل، ونتزود من الخير، هي رسالة لنا حين نعجِز عن قراءة جزء في اليوم، أو قيام ركعات في الليل.

وداعًا رمضان؛ فقد كنت مدرسة إيمانية، مدرسة قرآنية، مدرسة أخوية، فِراقك صعب، ولكن عزاؤنا أن اليوم هو يوم توزيع الجوائز، لمن فاز نسأل الله أن نكون منهم، وعزاؤنا أن دروسك سنظل نطبقها في كل الشهور، نسأل الله العون على الطاعات.

آخر جمعة من رمضان ارفع حوائجك للكريم المنان، وكفكف دموع الحزن على الفِراق بطلب العتق، وتهيأ لاستلام جائزتك بحُسن ظنك بالله.

عبدالله بادابود @ABADABOOD
 

عبدالله بادابود
  • مقالات
  • كتب
  • دورات
  • الصفحة الرئيسية