سيأتــي حمتاً

عبدالله بن محمد بادابود

 
بسم الله الرحمن الرحيم

مهما غاب عنّا .
مهما أحسسنا ببعده .
هو بعيد بتفكيرنا ولكنه قريب وقريب جداً .
تدور الأيام وتنقضي وتمضي بما فعلناه من حسنات وسيئات .
وكأنه يرقبنا وينتظر الوقت .
وقت لن يتأخر عنه أبداً .
عندما يأتي هذا الوقت المحدد .
سينزع أرواحنا ، ولن يرحم عبراتنا ولن يسمع بكاءنا .
ستفارق الروح الجسد .
جسد ألفته وألفها .
جسد عاشت بداخله وعاش بها .
جسد أرهقها بالذنوب والمعاصي حيناً , وأسعدها بالطاعات والعبادات حيناً أخرى .
وعندما تفارقه , تكون الحياة فارقته . فأصبح جسداً بلا حراك خامد جامد .
ليس له أي قيمة ؛ فقيمته بهذه الروح التي سكنته وتركته .
قيمته بعمل صالح يكون رفيقاً له في ظلمات القبر .
قيمته بسجدة سجدها لله ، خالصة لوجه الله وابتغاء مرضات الله تنير له ظلمات القبر .
قيمته بذكر طيب خلده بعد موته سيظل يتردد في أنحاء العالم الدنيوي كشهادة على بره وتقواه .
قيمته بمصحف ورثه يقرأ منه القارئ فتزيد حسناته.
قيمته بولد صالح يدعوا له في كل لحظة وساعة دعاء ابن بار شفقة بوالده وطلباً لمرضاة الله .
قيمته بكل فعل خير وقول خير نشره أو تركه .
هي دعوة لي ولكم أن نحدد قيمتنا ونحدد حياتنا القادمة .
هي دعوة لوقف خير نتركه بعد رحيلنا .
هي دعوة لحياة أخرى نعيشها بعد وفاتنا .
هي دعوة لنا جميعا أن ندعو لمن فقدناهم بالرحمة وأن نتذكرهم بالصدقة وأن لا ننساهم من أعمال البر كوقف مصحف أو حج أو عمرة أو حفر بئر أو كفالة يتيم .
وتذكر أن ما تقوم به الآن لهم وما تبذله من أجلهم هو عمل خير لك أجره ولهم .
وتذكر أن ما تقوم به الآن لهم ستجد من يقوم به لك أنت حينما تكون في قبرك .
اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين يا رب العالمين .
اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعفُ عنهم .
اللهم اجعل الفردوس الأعلى مستقراً لهم .
اللهم اغفر لنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه .

هــــدى :

قال تعالى : (إنّا نَحْنُ نُحْيي المَوْتى ونَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وآثارَهُم وكُلَّ شَيء أَحْصَيْناهُ في إمام مُبِين ) . يس / 12

نور من السنة :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكثروا ذكر هادم اللذات : الموت ) . رواه الترمذي والنسائي

وقفة :
كتبتها مع يقيني من يوم سيأتي أكون في عداد الموتى لعلها تكون ذخراً لي في قبري .

زفرة :
صدرت هذه الكلمات بعد سماعي لوفاة شاب نحسبه من الصالحين صديق أخي قبل أسبوع من الآن التقيته بعد صلاة العشاء في المسجد المجاور بابتسامته التي فقدناها بعد تعرضه لحادث في طريق مكة جدة السريع .

إشراقة :

اترك أثراً .. قبل الرحيل !

عبد الله بن محمد بادابود
يوم الأربعاء : 6 \ 3 \ 1432 هــ