اطبع هذه الصفحة


قصة سطرتها دموعي وآهاتي

عبدالله بن محمد بادابود

  
مدخل :
هذه القصة من الواقع جاءتني عبر البريد الإلكتروني بصيغة أخرى فصغتها بأسلوبي .


أعود للماضي ، أعود لأول يوم سمعت فيه صراخك وسمعت صوت بكائك ، أتخيل لحظات قدومك
لهذه الحياة التعيسة.

هذه الحياة القاسية التي لم ترحم صرخاتك وآهاتك وآلامك.

عند هذه اللحظة - أتخيلها كأني أعيشها الآن - فرحت فرحاً شديداً لأني أصبحت أخت لك أنت.

ما أجمل هذا اليوم سأخلده في تاريخ حياتي وسأكتبه بماء من الذهب و بماء من الحب و بماء من العطاء والحنان لك أنت.

لكن فرحتي لم تدم حينما سمعت خبر مرضك فأنت معنا ولكن تتألم وتصرخ ونحن بل وأنا ليس لدي ما أفعله لك، نظرت إلى السماء وقلت الحمد لله على كل حال .

وعند هذه اللحظة أخذت عهداً بيني وبين نفسي بأن أكون أخت حنونة لك و أن أهب جهدي وشبابي لك أنت , وأن أكون شمعة تحرق نفسها لتضئ لك دروب السعادة و الفرح.

تمنيت أن أهبك نصف عمري بل كل عمري على أن تعيش كفرد سوي بلا مرض.

وبعد ذلك بدأت رحلة قاسية ليس ضجراً لخدمتك بل كانت خدمة ممتعة من قلب محب ، و قاسية لأني أرى الحزن والألم في عينيك، وأرى فيك كل طفل بصحته وعافيته وأنت في حالتك التي تجعلني أبكي و أبكي.
كنت أداعبك لأرى ابتسامة طاهرة ترسمها أو لحظة فرح تعيشها فأسعد لسعادتك .
كنت أنتظر المعجزة أن تقع لأراك تعدو وتتحرك وتشاغب , ما أجمل مشاغبتك وما أجمل أن تكون
ذو لسان طويل لتشاغبني بكلماتك وليتك تتكلم هل تعلم ماذا سأعلمك ؟

أن تقول لي .. أمي . .
كنت أُبعدك عن نظرات الناس القاسية التي لا ترحم وكنت أخاف عليك من نظرات الشفقة وكنت أحبك
حباً لا يوصف.
تعلمت بجد و اجتهاد وتفكير مستمر في المستقبل وتطلع يحذوه الأمل الدائم .
كنت أنت الأمل وأنت الدافع لي بعد الله فكان النجاح حليفاً لي وملازماً لي .

كان همي وتفكيري كيف أحصل على المال الوفير وأطير بك لأرقى المستشفيات لتشفى من مرضك
الذي أنهك قواك.
ولكن قدر الله - عز وجل - أن أفتقدك وأن تودع هذه الدنيا بسلام دون أن تغدر ودون أن تكذب
ودون أن تقسو أو تغش .

نعم خرجت من هذه الدنيا نظيف مثل الثوب الأبيض فأرجو من الله العلي القدير أن تكون من أهل
الجنة .
قلبي يؤلمني والدمعة تكاد أن تسقط على ما أكتب لتبعثر حبر القلم وتشتته يمنة ويسرة وليكتب اسمك
((.. .)).
ورغم ألمي إيماني بقضاء ربي خفف وطأة هذا الألم عندما أتذكر الذنوب التي نقترفها وأنت بعيد عنها وأتذكر ثقل هذه الدنيا وكدحها فأطمئن لموتك وراحتك من هذا الألم .

ورغم غياب ابتسامتك التي أسعدتني ، أسلي نفسي بانتهاء معاناتك و ألمك .

كلمات ، أصدرها قلبي وتمتم بها لساني وسطرها قلمي .

رحمك الله يا أخي .

هــدى :~
قال تعالى : { كل من عليهـآ فآن . ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } .. الرحمن 26 .

نور من السُنّـة :~
قال صلى الله عليه وسلم : ["إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة، وسموه بيت الحمد"] رواه الترمذي، وقال حديث حسن.

من الأدب :

أنزلني الدهر على حكمه *** من شامخ عال إلى خفض.
و غالني الدهر بوفر الغني *** فليس لي مال سوى عرضي.
أبكاني الدهر ويا ربمــــــا *** أضحكني الدهر بما يرضى .

همسة:

قد نرضى أن نعيش ونحن نحمل الألم طوال الحياة ولكن هل يرضى الألم
بأن يعيش معنا عندما نرضى به ؟؟

قفلة :

هذه الكلمات من الواقع رسمت بدمعة غالية وسطرت بآهات وذكرت من باب الوفاء وهي لأخت فاضلة رزقها الله الصبر .

بقلم : عبدالله بن محمد بادابود
A.Badabood@gmail.com



 

عبدالله بادابود
  • مقالات
  • كتب
  • دورات
  • الصفحة الرئيسية