اطبع هذه الصفحة


مافي شيء يضيع عند الله 3

عبدالله بن محمد بادابود

 
قمنا بإخراج الجنازة لوالدنا - رحمه الله - من المنزل واتجهنا بها إلى الحرم المكي الشريف , دخلنا بها للحرم ووضعناها بجانب أربع جنازات انتظاراً للصلاة عليها بعد صلاة الفجر يوم الأحد الموافق : 13/10/1224 هـ في مشهد رهيب ومخيف يذكرنا بمصيرنا جميعاً .

سيأتي اليوم الذي نحمل فيه فوق الأكتاف إلى القبور .
قمنا لأداء صلاة الفجر وبعد الصلاة أدينا الصلاة على الأموات ، هي آخر صلاة تأذن برحيلهم إلى دار الآخرة. ، هي آخر عهد لهم بهذه الدنيا وقد يكون آخر ذكر لبعضهم ، الجميع هنا يستحضرون هذا الموقف وكلمة لا اله إلا الله محمد رسول الله على كل لسان .

بعد الصلاة كانت جنازته رحمه الله آخر جنازة تخرج من المسجد الحرام وكانت بالفعل أول جنازة
تدخل لمقابر المعلا ، تلك البيوت التي سكنها أناس أحببناهم قبله وسيسكنها أناس بعده وقد نسكنها أو نسكن غيرها إذا جاءت السكرة , هذا جثمانه يواري الثرى ، بدؤوا بإنزاله وبدأت الدموع تتساقط والقلوب وجله من هذا المشهد , وبعد ذلك سأل الجميع من الله أن يثبته بالقول الثابت ، رحمه الله رحمه واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى .

استقبلنا العزاء في والدنا رحمه الله وقلوبنا تعتصر من الألم والحرقة ولكن
ظل قوله تعالى :
( وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون )

يتردد على سمعنا , بدفنه دفنا معه صور جليلة عرفناها من عطائه وبذله وحبه لخدمة غيره على حساب نفسه و أهله .
كان يبذل للجميع بلا استثناء ولا ينتظر شكر ولا رداً لجميل فعله , وقد لاقى الكثير والكثير من الجحود بعد أن أصابته الدنيا بالكثير من البلايا فصبر واستمر في عطائه .

ونحن في العزاء جاء عجوز وقال بكيت عليه أكثر مما تبكون انتم لأنه عمل معي عمل لا أنساه أبداً
ما هو هذا العمل لا ندري قد يكون عمل من أعمال كثيرة التي لا نعلمها ولكن كما يقول هو كله مسجل عند الله ولا يضيع شيء عنده سبحانه وتعالى .

انظروا إلى ذلك الرجل الذي ينظر إلى المنزل ويبكي هناك قد يكون يتذكر موقف جميل معه
أو قد يكون يتذكر ابتسامته أو قد يتذكر يده الحانية التي طالما مسحت دمعته
وانظروا إلى ذلك الدكتور في المركز الصحي المجاور ، لم يتمالك نفس عندما علم بالخبر
الصغير والكبير رأيت في أعينهم حرقه الدموع .
نعم أنت عظيم يا أبي بشهادة الجميع

كثير من رآه في الرؤيا وهو في أحسن الأحوال , أخي قد رآه وهو يقول (( أنا في روح وريحان وجنة نعيم )) (( لا تبكوا فإني سعيد)) .
رحمك الله يا أبا خالد وستظل ذكرى جميلة وقلب نابض للخير في كل مكان .

هكذا انتهت حياة إنسان فاضل ولكن سيظل ذكره في الآفاق وان لم يكن كذلك فكما كان يقول
ما في شيء يضيع عند الله كل شي مسجل عنده .
ربنا اغفر لنا وله وارحمنا وارحمه وعافنا وعافه آمين آمين آمين

هـــــــــدى:~


قال تعالى : { إنك ميت وإنهم ميتون}

نور من السنــــة :~


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ أكثروا ذكر هادم اللذات ] رواه الترمذي
][ همسه ][
يرحل العظماء ويرحل غيرهم ولكن تمحو السنين ذكر غيرهم ويظل ذكرهم ,.


بقلم : عبدالله بن محمد بادابود
A.Badabood@gmail.com

 

عبدالله بادابود
  • مقالات
  • كتب
  • دورات
  • الصفحة الرئيسية