اطبع هذه الصفحة


بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات

خالد بن سعود البليهد

 
حديث أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلى المُصَلَّى فَمَرَّ عَلى النِّساءِ فَقَالَ: (يا مَعْشَرَ النِّساءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنّي أُريتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ فَقُلْنَ: وَبِمَ يا رَسُولَ اللهِ قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشيرَ، ما رَأَيْتُ مِنْ ناقِصاتٍ عَقْلٍ وَدينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحازِمِ مِنْ إِحْداكُنَّ قُلْنِ: وَما نُقْصانُ دِينِنا وَعَقْلِنا يا رَسُولَ اللهِ قَالَ: أَلَيْسَ شَهادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهادَةِ الرَّجُلِ قُلْنِ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكَ مِنْ نُقْصانِ عَقْلِها، أَلَيْسَ إِذا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ قُلْنَ: بَلى، قَالَ: فَذَلِكَ مِنْ نُقْصانِ دِينِها). متفق عليه.

الشرح:
فيه مشروعية تخصيص النساء بموعظة أو درس علمي على حسب اقتضاء الحاجة والمصلحة مع أمن الفتنة وقد كان النساء طلبن من النبي صلى الله عليه وسلم تخصيصهن بموعظة. وفيه إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأمر من أمور الغيب يحصل في الآخرة وهو أن أكثر أهل النار من النساء وقد أخبر أن أهلها الجبارون وأخبر بأن أهل الجنة هم الضعفاء وغير ذلك مما هو حق يجب الإيمان به وعدم الارتياب في قبوله وهو دليل على صدق نبوته وصحة رسالته صلى الله عليه وسلم. وإنما كان النساء من أكثر أهل النار لما يغلب عليهن من التساهل الشديد في حفظ جارحة اللسان فيكثرن اللعن والسخرية والكذب والاستهزاء والشماتة ونقل الشائعات ولما عرف عنهن من كفران نعمة الزوج والتنكر لجميله وعدم حفظ المعروف له كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لو أحسن إليها الزوج الدهر كله ثم قصر في شيئ قالت له ما رأيت منك خيرا قط. والمراد هنا بالكفر هو الأصغر جحد نعمة الزوج ليس الأكبر الناقل من الملة. وهذا الحكم على النساء على سبيل العموم والأغلب أما على سبيل التفصيل فقد يوجد في النساء من يغلب عليها صلاحها في الدين واستقامتها في الخلق وورعها في اللسان وحفظها لحقوق الزوج والقيام بأمره على أحسن وجه وقد يوجد في النساء من تكون أكمل وأفضل من كثير من الرجال. وفيه أنه يشرع للمرأة أن تكثر من الصدقة والأعمال الصالحة لتكفر ما يقع منها من تفريط وتقصير في اللسان وغيره وهكذا يشرع للمؤمن أن يستكثر من الصالحات لتكفر السيئات وتغفر الزلات وترفع الدرجات. وفيه أن المرأة مهما كانت ناقصة في عقلها ودينها بالنسبة للرجل كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ولذلك راعى الشرع خلقها وطبيعتها وعقلها فجعل شهادتها على نصف شهادة الرجل وأسقط عنها العبادة حال الحيض والأعمال الشاقة كالجهاد والولاية وصلاة الجماعة وغير ذلك مما لا يناسب طبيعتها وتكوينها وانشغالها بالحمل والولادة وتربية الولد ورعاية الزوج والحنان على أفراد الأسرة ولذلك جعل الله سبحانه العاطفة في المرأة غالبة على عقلها. وهذا التشريع ليس فيه إهانة للمرأة أو ازدراء بها واستخفاف بوظائفها بل هو غاية الحكمة وعين العقل والعدل والإنصاف معها ووضع الأمور في نصابها. وفي هذا الحديث رد صريح على دعاة الفتنة الذين ينادون بمساواة المرأة بالرجل في جميع شؤون الحياة ويكلفون المرأة بمزاولة الأعمال الخاصة بالرجال ويخالفون الشرع والفطرة السوية. ولا يقتضي هذا الوصف نقص المرأة في جميع الأمور بل دل الشرع على كمالها في الأمور الأخرى وكلفها بأنواع التكاليف وأناط بها تحمل الأمانات كالرجل وكان لها دور حسن في نصرة هذا الدين والدعوة إليه والإصلاح والبذل والتاريخ حافل بمواقف المرأة المشرفة في الأزمات وإنما المقصود أن تعرف المرأة قدرها وقدراتها فلا تتجاوز الشرع ولا تحمل نفسها مالا تطيق. وفيه تسلية للزوج عما يلاقيه من كفران وجحود أو تعدي من قبل المرأة فإذا عرف أن التقصير والتساهل والطمع وحب اللهو والباطل غالب على طبيعة النساء هان عليه الأمر وتعامل معها بحكمة وصبر وأناة واستمتع بها من غير أن يطلب الكمال فيها كما أرشد الشرع لذلك وكان على حذر من قوة تأثيرها وشدة سحرها على عقله وقلبه ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر) متفق عليه. وفيه دليل صريح على نقصان الإيمان في المرء بنقصان الطاعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل نقصان الدين بنقصان الطاعة وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة.


خالد بن سعود البليهد
binbulihed@gmail.com
الرياض: في 26/6/1429

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية