اطبع هذه الصفحة


شرح عمدة الأحكام (14)

خالد بن سعود البليهد

 
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء). العنزة: الحربة الصغيرة.

هذا الحديث في الاستنجاء بالماء. وفيه مسائل:

الأولى:
في الحديث دليل على جواز الاستنجاء بالماء وهو أفضل من الاقتصار على الاستجمار بالحجارة لأن الماء أنقى. والأفضل الجمع بين الحجارة والماء فيستجمر بالحجارة ثم يتبعها بالماء ليحصل الإنقاء الكامل وقد روي في ذلك حديث لا يصح عند أهل الحديث. وقال أحمد: (إن جمع بين الحجارة والماء فهو أحب إلي). فيكون مراتب تطهير المحل من الخارج ثلاث: 1- استعمال الحجارة والماء. 2- استعمال الماء. 3- استعمال الحجارة. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتطهر تارة بالماء وتارة بالحجارة على حسب المتيسر له لا يتكلف أمرا معينا. وقد كره بعض السلف في الصدر الأول مباشرة النجاسة حال تطهيرها بالماء روي ذلك عن ابن عمر وابن الزبير وحذيفة ولعل من كرهه لم تبلغه الآثار الصحيحة وهو قول مخالف للأدلة الصريحة وقد اندثر هذا الخلاف واستقر الإجماع على إباحته.

الثانية:
دل الحديث على جواز استخدام الحر ولو كان صغيرا سواء كان ذلك بأجرة أو تبرعا منه إذا أذن وليه بذلك وحصل الرضا منه ولم يكن في العمل المنوط به ضرر أو مشقة ظاهرة. ولا يجوز الانتفاع بأحد إلا بإذنه. وخدمة أهل العلم والفضل شرف لصاحبه ولا حرج للعالم في قبول الخدمة من غيره ولا ينقص من قدره.

الثالثة:
وفيه مشروعية تحفظ الإنسان عند قضاء الحاجة لئلا يطلع أحد على عورته لأن النظر على العورة أمر محرم. وينبغي على من أراد قضاء الحاجة أن يهيأ طهوره لئلا يحتاج إلى القيام فيتلوث.

الرابعة:
يستحب لمن أراد قضاء الحاجة في الفضاء أن يبتعد عن الناس لئلا يسمع له صوت أو يوجد له رائحة ويكون أكمل في الستر أما إذا كان ثم أحد يطلع على عورته فيجب عليه الاستتار منه. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد الغائط أبعد المذهب. وعن المغيرة قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (خذ الإداوة فانطلق حتى توارى عني فقضى حاجته). متفق عليه. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه بال قرب أصحابه لما احتاج إلى ذلك مع ستره. فإذا شق على الإنسان الابتعاد لضيق المكان أو عدم قدرته فلا حرج في قضاء الحاجة قريبا إذا كان مستترا. وقد رخص أهل العلم حال الضرورة قضاء الحاجة في حائط الغير بغير إذنه.

الخامسة:
حمل الماء لاستنجاء النبي صلى الله عليه وسلم محمول على السعة والتيسير فلا يجب على المسلم إذا أراد قضاء الحاجة حمل الماء إنما يفعل ذلك إذا تيسر له ويكفي في تطهيره الغائط والبول الاستجمار بما تيسر له من حجارة أو نحوها فإذا أنقى المحل من الخارج وأزال عين النجاسة صحت طهارته ويعفى عن أثر الاستجمار في محله ولا يجب عليه غسل المحل بالماء إذا وجده بعد ذلك. وكذلك لا يجب حمل الماء لمن قصد سفرا للطهارة بل يفعل ما تيسر له وأرفق به فإن وجد ماء في طريقه وإلا تيمم وأجزأه ذلك ودين الله مبناه على اليسر ونفي الحرج والمشقة.

خالد بن سعود البليهد
binbulihed@gmail.com
الرياض: في 9/7/1429

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية