اطبع هذه الصفحة


شرح عمدة الأحكام (21)

خالد بن سعود البليهد

 
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما).

الحديث في مشروعية المسح على الخفين في السفر. وفيه مسائل:

الأولى: في الحديث دليل صريح على مشروعية المسح على الخفين. وقد اتفق أهل السنة على ذلك حتى صار شعارا لهم. قال أحمد: (ليس في قلبي من المسح شيء فيه أربعون حديثا عن أصحاب النبي). وقال الحسن: (حدثني سبعون من أصحاب رسول الله أن رسول الله مسح على الخفين). ولم يخالف في ذلك إلا شذاذ الرافضة لا كثرهم الله وليس عندهم حجة في ذلك. وقد أخرج الشيخان من حديث جرير: (أنه بال ثم توضأ ومسح على خفيه فقيل له تفعل هكذا قال رأيت رسول الله بال ثم توضأ ومسح على خفيه). قال إبراهيم: (كان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة). وهذا يدل على أن حكم المسح متأخر عن آية الوضوء مما يدل على ثبوت المسح وعدم نسخه. وقد روي عن بعض السلف إنكار المسح ولا يثبت ذلك عنهم قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن الرواية عنهم بإنكارهم ضعيفة).

الثانية:
دل الحديث على اشتراط كمال الطهارة لصحة المسح على الخفين. فإذا مسح على الخفين قبل الفراغ من إكمال الطهارة لم يصح المسح. واختلف أهل العلم هل يشترط غسل القدمين جميعا قبل المسح أم يجزئ المسح على إحدى الرجلين إذا غسلها ولولم يغسل القدم الأخرى قولان لأهل العلم والصحيح أنه يشترط غسلهما جميعا لظاهر الحديث وهو الأحوط.

الثالثة:
فعل المغيرة رضي الله عنه وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم يدل على جواز خدمة أهل العلم والفضل إجلالا لله ومحبة لرسول الله وليس في ذلك دناءة أو انتقاصا للنفس بل هو من التواضع المحمود شرعا وإذا احتسب المرء في خدمته أثيب على ذلك.

الرابعة:
صفة المسح على الخفين أن يمر يده فوق ظاهر الخف فيمسحه من أصابع رجليه إلى ابتداء ساقه ولا يمسح أسفل الخف ولا يجزئ الاقتصار عليه وقد أخرج أبو داود من حديث علي رضي الله عنه أنه قال: (لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ولقد رأيت رسول الله يمسح على ظاهر خفيه). واستحب بعض الفقهاء أن يمسح الخف الأيمن باليمنى والأيسر باليسرى ولكن لم يرد في السنة الصحيحة هذه الكيفية والأمر في ذلك واسع فيفعل الانسان الأرفق به. والسنة مسحة واحدة على كل خف فلا تشرع الزيادة على ذلك.

الخامسة:
وقت الشارع في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام بلياليها وللمقيم يوما وليلة لحديث علي رضي الله عنه: (جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوماً وليلة للمقيم). رواه مسلم. وتبتدأ المدة على الصحيح من أول مسحة بعد الحدث لا من الحدث. فإذا انتهت المدة حرم المسح ولم يجزئ.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
الرياض:9/11/1429

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية