اطبع هذه الصفحة


تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية

خالد بن سعود البليهد

 
1-حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (لَيْسَ مِنّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعا بِدَعْوى الْجاهِلِيَّةِ).
2-حديث أَبي مُوسَى رضي الله عنه وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعًا شَديدًا فَغُشِي عَلَيْهِ وَرَأْسُهُ في حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْها شَيْئًا؛ فَلَمَّا أَفاقَ قَالَ (أَنا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرئَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالْحالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ).


الشرح:

هذان الحديثان يدلان على النهي عن أفعال تنافي كمال الإيمان الواجب وتقدح فيه. وقد كانت شائعة في أهل الجاهلية الذين كانوا يتعلقون بالخرافات والأوهام وتصدر منهم حال البلاء والمصائب أفعال وأقوال تدل على قلة إيمانهم بالله وأقداره المؤلمة. وقد حرص الإسلام على تنقية أصحاب محمد منذ الصدر الأول من شوائب الشرك والنفاق والبدعة وتهذيب إيمانهم وسلوكهم. وحرص الرسول صلى الله عليه وسلم على حماية جناب التوحيد والسنة بالنهي عن كل ما يقدح في أصلهما أو ينقصهما. ففي الحديث الأول بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ليس من طريقته وهديه فعل هذه الخصال الثلاث الجاهلية وهذا يدل على النهي عنها والتنفير منها وأنها من كبائر الذنوب. فأما الخصلة الأولى: فهي أن يلطم المصاب خده أو شيء من بدنه بشدة. والخصلة الثانية: أن يشق المصاب ثوبه أو متاعه ونحوه عند المصيبة. والخصلة الثالثة: أن يصيح المصاب ويرفع صوته بالنياحة أو النعي المحرم والولولة والدعاء بالثبور وغيره من الكلام المحرم مما كان يستعمله أهل الجاهلية. وكذلك الحديث الثاني في معناه فيه النهي أيضا عن هذه الخصال ولكن ذكر بدل ضرب الخدود حلق الرأس . وقد بين ابن مسعود رضي الله عنه لما أفاق أن الرسول صلى الله عليه وسلم يبرأ من هذه الأفعال لأنها مخالفة للشرع. ومعنى الصالقة هي المرأة التي تصيح بالصوت ، والحالقة هي المرأة التي تحلق رأسها عند المصيبة لإظهار الجزع ، ومعنى الشاقة هي المرأة التي تشق ثوبها أو جيبها عند المصيبة. وإنما خص النبي صلى الله عليه وسلم المرأة بذلك لأنه غالبا يكثر صدور هذه الأفعال عنها لضعفها وقوة عاطفتها وجزعها وعدم تحملها المصيبة ولذلك ورد الوعيد الشديد في نياحة المرأة. والعلة في نهي الشارع عن هذه الأفعال لأنها تدل على الجزع والتسخط على قضاء الله وقدره وعدم الرضا بالقدر وترك الأمر الشرعي حال البلاء ونزول الضراء. والواجب على المؤمن حينئذ الصبر وحبس الجوارح عن كل ما يسخط الله من الأفعال والأقوال والاعتقادات وتفويض الأمر لله والرضا بقدره. وفي تصرف ابن مسعود رضي الله عنه في إنكاره على امرأته لما صاحت دليل على وجوب دعوة الأهل وتربيتهم على التوحيد ونهيهم عن كل ما يسخط الله. وفيه وجوب إتباع النبي صلى الله عليه وسلم في باب التوحيد والاعتقاد وعدم التهاون في ذلك. والمتأمل اليوم في أحوال كثيرين من المنتسبين للإسلام يجد ضعفهم الشديد في الرضا بالقضاء وصدور منهم أفعال وأقوال تنافي الإيمان وتسخط الرب من رفع الصوت والعويل وشق الثياب واللطم وذكر صفات الميت والاعتراض على القدر وذم القضاء والدعاء بالهلاك والإساءة في مقام الرب جل في علاه وتقدست أسماؤه وتعالى عما يقوله الجاهلون. ولو أيقن المؤمن بالله وقدره حق قدره وآمن بحكمة الله وعلم أن الأمر أمره والعبيد عبيده والملك ملكه يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل لما صدر منه أي تصرف يسخط الله.

خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
28/7/1431


 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية