اطبع هذه الصفحة


شرح حديث: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي)

خالد بن سعود البليهد
@binbulaihed


 
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ : يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا دَخَلَ الْبَحْرَ ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ : أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ . وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ . رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

هذا الحديث من أشرف الأحاديث القدسية وموضوعه بيان غنى الله وفقر العباد إليه قال الإمام أحمد بن حنبل: (هو أشرف حديث لأهل الشام).


وفيه مسائل:

الأولى :
في قوله: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي). دليل على أن الله حرم الظلم على نفسه بجميع الصور لكمال عدله وغناه قال تعالى: (وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ). وَقَالَ تعالى: (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ). وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا). وثبت في السنة تحريم الظلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم). متفق عليه. فالله جل جلاله منزه عن الظلم لأنه عادل وغير محتاج لأحد ولأنه سبحانه يملك جميع الكون ويصرفه كيف يشاء ويعطي من شاء لمقتضى فضله وكرمه ويمنع ويحرم من شاء لمقتضى عدله ورحمته فكل أمر يقضيه سبحانه يكون لحكمته ولا يعذب أحدا بغير ذنب ولا يؤاخذ أحدا بذنب غيره قال الله تعالى: (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ). ويبتلي العباد لحكم وفوائد من تكفير السيئات ورفعة الدرجات وهداية المعرض عن شرعه وكف شر المجرم وغير ذلك فالله عز وجل حكم قسط يعطي لحكمة ويمنع لحكمة ويفاضل لحكمة ويبتلي لحكمة (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ). ولم يرد إطلاق اسم العدل على الله تعالى في القرآن والسنة وإنما العدل من أوصاف الله جل وعلا في فعله وقوله وحكمه.

الثانية :
الظلم وضع الشيء في غير موضعه الذي أذن الله به وفي الحديث دليل صريح على تحريم الظلم على العباد بجميع صوره وأشكاله لأنه عمل قبيح ويسبب العداوة والبغضاء بين المسلمين وقد تواتر تحريم الظلم في نصوص الشرع قال الله تعالى: (إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ). وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ). وهو من كبائر الذنوب.

والظلم ثلاثة أقسام:


الأول:
ظلم النفس بالتسوية بين حق الخالق وحق المخلوق بإشراك غيره معه وهو أعظم الظلم كما قال تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). والله لا يغفر هذا الظلم أبدا ويخلد صاحبه في النار إلا بالتوبة منه قبل الممات وسمي الشرك ظلما لأن المشرك خلقه الله لعبادته وشرفه بهذا العمل فأنزل نفسه إلى أخس المراتب وعبد المخلوق الذليل الذي لا يضر ولا ينفع من دون الله وتعلق بالأوهام وقابل الإحسان بالإساءة وجحد حق الله وكفر بنعمته.

الثاني:
ظلم النفس بارتكاب الذنوب الكبائر والصغائر وتضييع الفرائض قال تعالى: (وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ). وهذا الظلم تحت مشيئة الله إن شاء عذب العاصي وإن شاء غفر له يوم القيامة. 

الثالث:
ظلم الناس بالتعدي على أموالهم ودمائهم وأعراضهم وحقوقهم وهذا الظلم لا يترك منه الله شيئا ولا بد فيه من القصاص يوم القيامة إلا أن يتحلل الظالم من المظلوم في الدنيا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه). رواه البخاري. وقد ورد وعيد شديد للظلم يوم القيامة قال تعالى: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ). وفي صحيح مسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة). وفي الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: (من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين). والظلم عاقبته وخيمة لما ورد في الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ثم قرأ: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ).

الثالثة :
في الحديث دلالة على أن جميع العباد في الأصل على ضلال لا يمكنهم معرفة طريق الهداية وطريق الجنة من تلقاء أنفسهم مهما بلغوا من الذكاء ولا يمكنهم ذلك إلا عن طريق إرشاد الله وهدايته وتوفيقه لهم ومن يمنع الله عنه طريق الهداية يكون ضالا حائرا عن الحق كما قال تعالى: (وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِهِ). ولذلك شرع لهم أن يسألوه الهداية والتوفيق دائما في كل صلاة كما قال تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ). وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يدعو بالهداية كما في حديث عبدلله بن مسعود رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى). رواه مسلم. ولا ينافي هذا ما ورد في حديث الفطرة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه ينصرانه أو يهودانه أو يمجسانه). متفق عليه. لأن المراد هنا أن الله يخلقه وينشئه في الأصل على قبول الحق ونبذ الباطل وليس المقصود إمكان معرفته للإيمان الشرعي وطريق الله الموصل للجنة من غير هداية الله لأنه يخلق جاهلا لا يعلم شيئا كما قال تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا). والإنسان قبل التعليم يكون جاهلا ولذلك قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ). يعني لا تعلم الكتاب والحكمة كما فسر ذلك في قوله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ).

والهداية في الشرع باعتبار معرفة الحق والاستجابة على قسمين:


الأول: هداية دلالة وإرشاد
يملكها العباد وهي التي أثبتها الله للرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم).

الثاني : هداية تسديد وتوفيق
وهذه خاصة بالله وحده وليس لأحد غيره لأنه لا يملك القلوب ولا يصرفها إلا الله عز وجل قال تعالى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).

والهداية باعتبار منزلتها وثوابها درجتان:


الأولى:
هداية عامة من اجتناب الكفر ولزوم الإسلام قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: (فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم). متفق عليه.

الثانية: هداية خاصة
من لزوم الفرائض والنوافل وترك النواهي والمكروهات بحيث يغلب على المؤمن التمسك بالشرع والوقوف عند حدود الله والإكثار من الصالحات والتوبة والحرص على مجالس الذكر. قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ). قال الحسن البصري: (أفضل الجهاد مخالفة الهوى).

وأعظم الهداية بعد الاستقامة أن يوفق الشاب لصاحب سنة يدله على طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال ابن شوذب: (إن من نعمة الله على الشاب إذا نسك أن يؤاخي صاحب سنة يحمله عليها).


للهداية أسباب كثيرة من أهمها:


1-
الإيمان بالله تعالى والعناية بأعمال القلوب قال تعالى: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ).
2-
إتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولزوم هديه قال تعالى: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا).
3-
المحافظة على أداء الفرائض وملازمة النوافل قال تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ).
4-
الإكثار من تلاوة القرآن وتدبر معانيه قال تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).
5-
طلب العلم الشرعي والتفقه في دين الله قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة). رواه مسلم.
6-
العمل بالعلم والحرص على تطبيق الشرع قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً وَإِذاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً).
7-
سؤال الله الهداية والإلحاح في المسألة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء بذلك.

الرابعة: دل الحديث على أن جميع العباد مفتقرون لله غاية الافتقار في كل حوائجهم ودفع مضارهم وأن الله هو مغنيهم ورازقهم وكاسيهم وحافظهم ومدبر شؤونهم ولولا قيامه بمصالحهم وحسن تدبيره بهم ورعايته لهم وهدايتهم لطرق كسبهم لهلكوا وفنوا قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ). وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ). وقال تعالى: (مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ). وتفرد الله بخلق الخلق ورزقهم وهدايتهم وإحيائهم وإماتتهم وتدبير شؤونهم ومغفرة ذنوبهم دليل على استحقاق تفرد الله بالعبادة دون غيره من الشركاء قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ). والمؤمن إذا استشعر هذا المعنى وأيقن به علق حاجته بالله وقصر توكله عليه وأحسن الظن بربه وتوجه بالدعاء إليه وطلب منه الحاجات والمنافع كما قال تعالى: (فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ). فالله الرازق والله المطعم والله الكاسي يطعم من يشاء ويغني من يشاء ويفقر من يشاء فهو سبحانه الذي يغفر الذنوب ويستر العيوب ويهدي العباد ويعز ويذل قال تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). والله سبحانه يحب من عبده أن يسأله مصالح دينه ودنياه وينزل به حاجته ويظهر افتقاره إليه والتذلل له وقد كان بعض السلف يسأل الله في صلاته كل حوائجه حتى ملح عجينه وعلف شاته وهذا من أكمل الأحوال أن يكون قلب المؤمن معلقا بربه في جميع أحواله خلافا للصوفية الجهال الذين ينكرون سؤال العبد ربه في حوائج الدنيا ويزعمون أن هذا ينافي مقام التوكل على الله. وأما من استكبر وأنكر هذا المعنى واستغنى بقوته وعلمه وقدره وزعم أنه إنما أوتي النعم بسبب ذلك فقد كفر بنعمة الله وتعرض لسخط الله وعذابه ومحق الله ما آتاه من النعيم كما حصل لقارون حين استكبر وقال: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي).

الخامسة: في قوله: (إنكم تخطئون بالليل والنهار). بيان حقيقة قدرية وهي أن العبد يجري عليه الخطأ ويصدر منه التقصير في حق الله مهما بلغ من كمال العلم وكمال العمل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون). رواه الترمذي. وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ). ولا عصمة لأحد عن الخطأ إلا الأنبياء في الكبائر في قول أكثر العلماء قال ابن تيمية: (إن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف...وهو أيضا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء بل لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول). وأما الصغائر فتقع منهم كغيرهم ولكن المؤمن مأمور شرعا بدفع الذنب والاستغفار منه وعدم الإصرار عليه بل يجب عليه إذا أذنب المبادرة بالتوبة بالليل والنهار ويجب عليه أيضا حين ضعفه وطاعته للشيطان إخفاء الذنب والإسرار به وعدم المجاهرة به أمام الخلق حتى لا يكون مستخفا بعقاب الله ولا داعيا لهم إلى المعصية وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا كذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه). والحاصل أن التقصير والتفريط طبع بشري لا ينفك عنه الإنسان حتى لو بلغ مرتبة التقوى لكن المؤمن يجاهد هواه والفاجر يرضى بفجوره.

السادسة: في الحديث الحض على الاستغفار وهو طلب المغفرة من الله والمؤمن شديد الحاجة للاستغفار لأنه يخطئ في الليل والنهار وقد شرع الله لعباده التوبة من جميع الذنوب صغيرها وكبيرها قال الله تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). وقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا). وقال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى). وورد في السنة الحث على التوبة والإكثار من الاستغفار وبيان أن الاستغفار يمحو الذنوب وأن التوبة تجب ما قبلها من الأعمال السيئة ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة: (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب اللَّه بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون اللَّه تعالى فيغفر لهم). وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه تعالى قال: (أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي. فقال اللَّه تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء). وفي صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل). وقال ابن تيمية: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له وإذا زال الذنب زالت عقوباته وموجباته). وفي صحيح مسلم من حديث الأغر المزني رضي الله عنه قال قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة). فينبغي على المؤمن الإكثار من الاستغفار بالليل والنهار ولا تكون حاله كحال أهل الغفلة الذين جمعوا بين الإساءة في العمل والإعراض عن التوبة وإشغال النفس بالأماني الكاذبة.

السابعة: قوله: (يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني). مراده أن الله غني حميد له الغنى التام والحمد الكامل مستغني عن جميع خلقه والعباد إليه مفتقرون فلا تضره معصية العاصين ولا تنفعه طاعة الطائعين سبحانه فالعباد مهما فعلوا من نفع أو ضر فلن يبلغوا مقام الله بشيء كما قال تعالى: (وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا). وقال تعالى: (وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا). وقال تعالى: (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ). وَقَالَ تعالى: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ). وقد بين الله ذلك لئلا يتوهم جاهل بأن الله بحاجة لأحد فالعبد إذا أطاع لم ينفع إلا نفسه وإذا عصى لم يضر إلا نفسه ومن كمال رحمة الله وشفقته بالعباد وإحسانه إليه رغبهم لطاعته ليدخلوا جنته ونهاهم عن معصيته لينجوا من ناره ولذلك الله يفرح لعباده إذا تابوا أشد من فرح من ضلت عنه راحلته التي عليها طعامه وشرابه بفلاة وطلبها حتى أيس منها واستسلم للموت وأيس من الحياة ثم غلبته عينه فنام في حالة من الخوف والقنوط فاستيقظ فوجدها ففرح بذلك فرحا عظيما كما ورد في الصحيحين ويكره منهم أن يعصوه ويخالفوا أمره وورد في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لله أرحم بعباده من هذه (يعني الوالدة) بولدها).

الثامنة: في قوله: (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا). دليل على عظم ملك الله وسعته في السموات والأرضين وما بينهما ولا يستطيع أحد مهما بلغ من العلم ووسائله أن يحيط بطرف منه وكلما زاد الانسان علما زاد جهلا في ملكوت الله ومع ظهور الاكتشافات العصرية تيقن المؤمنون هذه الحقيقة واضطرب أرباب العلوم التجريبية حتى اختلف علماؤهم في تفسير أبسط الظواهر الكونية واعترف عقلاؤهم أنهم لا يستطيعون الجزم بصحة نظرياتهم وإنما هي اجتهادات محتملة للصواب والخطأ وهذا مصداق قوله تعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ). وما دام ملك الله تام وعظيم ومتكامل في جميع الأمور فلا ينفعه ولا يزيد في مكله تقوى جميع سكان الأرض وصلاحهم لأن غنى الله تام لا يفتقر لأحد لكمال ذاته وصفاته وقدره وأفعاله. وكذلك مهما حدث من فجور وكفر وأذى من الخلق ولو اجتمع كل أهل الأرض على ذلك لم ينقص ذلك شيئا في ملك الله ولم تضر الله لكمال غناه عما سواه وكمال فقر العباد إليه.

التاسعة: قوله: (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص ذلك عندي إلا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر). يدل على كمال قدرة الله وكمال جوده وكرمه وعطائه وأن خزائن ملكه لا تنفد وعجائبه لا تنقضي بكثرة السؤال وكثرة العطاء ومن تفكر في كثرة المخلوقات وتنوعها وتكفل الله لهم بأرزاقهم وشفائهم وهدايتهم لمنافعهم وتفكر أيضا في تجدد النعم وحدوث الأرزاق أيقن هذه الحقيقة قال تعالى: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ). وقال تعالى: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ). قال مجاهد: (أعطى كل شيء صورته لم يجعل خلق الإنسان كخلق البهائم ولا خلق البهائم كخلق الإنسان ثم هداه إلى منافعه من المطعم والمشرب والمنكح). ولو أن جميع الخلائق اجتمعت في موضع واحد وسألت فأعطاهم الله كل واحد مسئلته لم ينقص ذلك العطاء من خزائن الله إلا كما ينقص البحر من الإبرة إذا غمست فيه والبحر مهما أخذ منه لا ينقص أبدا لأن الله يمده ويجدده فكذلك ملكه لا يتقص أبدا لسعته وتجدد خلقه وقد بين الله في كتابه أن ثمار الجنة لا تفنى ولا تنقطع قال تعالى: (وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ). وهذا عام في سائر نعيم الجنة. وهذا يدل على عظم خزائن الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يد الله ملأى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أفرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه). متفق عليه. ولذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى تعظيم الرغبة في الدعاء فقال صلى الله عليه وسلم: (إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء). رواه مسلم. وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (إذا دعوتم الله فارفعوا في المسألة فإن ما عنده لا ينفده شيء وإذا دعوتم فاعزموا فإن الله لا مستكره له). فينبغي للمؤمن أن يرفع طموحه في سؤال الله ولتكن حاجته عظيمة جدا وليحسن ظنه بربه ويكون موقنا بالإجابة ولا يقنط من رحمة الله وليلح عليه في الدعاء.


العاشرة:
دل الحديث على أن الله عز وجل يحفظ جميع أعمال العباد ويثبته ويعده عليهم يوم القيامة بما كسبته قلوبهم وجوارحهم ويزن حسناتهم وسيئاتهم ثم يحكم عليهم بدخول الجنة أو النار كل على حسب ما يرجح من عمله فإن رجحت حسناته أوتي كتابه بيمينه ومن رجحت سيئاته أوتي كتابه بشماله ثم ينال جزائه قال تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ). قال تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ). وقال تعالى: (إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ). وقال تعالى: (الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ). وإذا أيقن المؤمن حتمية الحساب والجزاء يوم القيامة انصرف إلى محاسبة نفسه في الدنيا قبل أن يحاسب يوم القيامة واجتهد في كثرة الاستغفار والتوبة والحسنات وإصلاح العمل والتخلص من الكبائر التي تدخله النار والتفكر قبل الدخول في الذنب واستحضار أن الله مطلع على سريرته وعلانيته قال الفاروق عمر رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا وتجهزوا للعرض الأكبر). ومن حاسب نفسه فوجد أنه مستقيم على شرع الله في الفرائض والنواهي ظاهرا وباطنا فليحمد الله عز وجل لأنه وفقه لهذه الهداية العظيمة وليس من تلقاء نفسه والفضل يعود كله لبارئه قال تعالى: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ). ومن وجد أنه مقصر مفرط في الفرائض مسرف في النواهي غارق في الشهوات معرض عن طريق الطاعة مستجيب للشيطان فليتجه باللوم على نفسه الأمارة بالسوء التي أمرته بالسيئة وأوقعته في الغفلة فآثر اتباع هواه على مرضاة ربه فالله سبحانه إذا أراد توفيق عبد وهدايته أعانه ووفقه لطاعته فكان ذلك فضلا منه وإذا أراد خذلان عبد وكله إلى نفسه وخلى بينه وبينها فأغواه الشيطان لغفلته عن ذكر الله واتبع هواه قال تعالى: (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ). ولذلك قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لا يرجون عبد إلا ربه ولا يخافن إلا ذنبه). ويجب على المفرط بعد لوم نفسه أن يبادر بالتوبة وحسن العمل ولا يقنط من رحمة الله قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). والسعيد من لام نفسه في الدنيا واستعتب وأصلح عمله والشقي من لامها في الآخرة عند انقطاع عمله ودخوله النار قال تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم). ولذلك كان السلف الصالح يجتهدون في الأعمال الصالحة في الدنيا قبل أن يلوموا أنفسهم في الآخرة  قيل لمسروق: لو قصرت عن بعض ما تصنع من الاجتهاد فقال: (والله لو أتاني آت فأخبرني أن لا يعذبني لاجتهدت في العبادة قيل: كيف ذاك ؟ قال: حتى تعذرني نفسي إن دخلت النار أن لا ألومها أما بلغك في قول الله تعالى: (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ). إنما لاموا أنفسهم حين صاروا إلى جهنم فاعتنقتهم الزبانية وحيل بينهم وبين ما يشتهون وانقطعت عنهم الأماني ورفعت عنهم الرحمة وأقبل كل امرئ منهم يلوم نفسه).

 

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية