خاطرة: (منهج أهل البدع)

خالد بن سعود البليهد
@binbulaihed

أهل البدع عند التأمل لا يعتمدون أصالة في باطلهم على دلالة الكتاب والسنة إنما يعتمدون على أقيسة وشبه باطلة ثم يلبسونها لباس الشرع ويتظاهرون بالإتباع للنصوص الشرعية وهم مدلسون في دعواهم. ومن طرائق أهل البدع رد السنن المحفوظة بالأقيسة الفاسدة والآراء المذمومة والتأويلات المتكلفة قال ابن تيمية النميري: (التمسك بالأقيسة مع الإعراض عن النصوص والآثار طريق أهل البدع). وأهل البدع يهلكون عند المقابر والمدائح ويخشعون عندها أشد وأبلغ من خشوعهم عند رؤية المساجد وسماع القرآن والسنن وأهل السنة بضد ذلك. وأهل البدع مرضى القلوب يتركون المحكم ويأخذون المتشابه لتحريف الشرع إلى مقاصدهم الفاسدة كما حكى الله عنهم: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ). ومن سمات أهل البدع التقصير في حفظ السنن وتمييز صحيح الأخبار من سقيمها والاعتماد على مجمل القرآن ودلالات العموم قال أبو قلابة الجرمي: (إذا حدثت الرجل بالسنة فقال: دعنا من هذا وهات كتاب الله. فاعلم أنه ضال). فالسنة الصحيحة تفضح مذهبهم وتبطل حجتهم. ومن أعظم سمات جميع أهل البدع الاعتماد على الرأي المحدث والقواعد الكلامية والإعراض عن النصوص الأثرية ومذهب سلف الأمة قال الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: (إياكم والرأي فإن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلتت منهم أن يحفظوها فقالوا في الدين برأيهم). ومن طرقهم الفاسدة في الاستدلال الإعتماد على الأحاديث المنكرة والضعيفة والزهد في الأحاديث المخرجة في الصحاح. وورع أهل البدع فيه انحراف وقصور لأنهم يتورعون عن الأموال وملذات الدنيا ويتوسعون في قبول البدع ووسائل الشرك ولا يبالون في أخذ الدين عن الجهال. وكل من طعن في الصحابة رضي الله عنهم فأصول مذهبه ترجع إما إلى مذهب الرافضة أو مذهب الخوارج. وأهل البدع وان تباينت مذاهبهم فبعضهم أولياء بعض يتفقون على حرب أهل السنة والطعن في أهل التوحيد فلا تغتر بزخرف كلامهم وكثرة سوادهم فإن الطريق موحش وأهل الحق غرباء والعبرة بإتباع السنة وإن خالفك أهل الأرض جميعا. وتظهر أصول وعقائد أهل البدع في الفتن والنوازل أما في زمن السلامة فكل يحسن الانتساب للكتاب والسنة ومذهب سلف الأمة. وليس بين مدع لصحة مذهبه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم نسب إنما النسب هو الإتباع والتسليم للنصوص ومن ادعى نسبا لمذهبه فهو كاذب. وسبب انحراف أهل البدع بكل طوائفهم اعتقادهم العصمة والحق في إمامهم فيقبلون منه كل بدعة ولو كانت مخالفة للشرع مخالفة ظاهرة فيدينون بالباطل ويلغون عقولهم ويحرفون نصوص الشرع أو يردونها. والغلو في الصالحين بوابة البدع في القديم والحديث. والتأويل سلاح شيطاني يستعمله أهل البدع لإبطال العقائد والسنن فإذا رأيت الرجل يروغ عند سماع السنة فاعلم أنه مبتدع صاحب هوى. ومن منهج أهل البدع في فهم النصوص التأسيس على التفسير العقلي والتفسير اللغوي والإعراض عن التفسير الشرعي المأثور عن الصحابة رضي الله عنهم وليس في قاموسهم الاعتداد بإجماع السلف. ومن منهجهم الاستدراك والزيادة على الشرع بصلوات وأذكار ومناسبات محدثة لعدم الاكتفاء بأدلة الشرع فلسان حالهم يقضي بأن الدين ناقص لم يتم ولم يستوعب حاجة الخلق في تعبدهم ولو كانوا يعتقدون أن الدين تام لما زادوا فيه قال الإمام مالك: (من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة لأن الله يقول: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ). فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا). ومما أحدثه أهل البدع في تقرير دينهم ونصرة أئمتهم وترويج باطلهم حكاية المنامات والخرافات والعزو إلى الوجد والكشف والذوق ومخاطبة العواطف واستثارتها وكل هذه الأدلة خيالات لا تثبت في ميزان الشرع ولا تعرف في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام. ومن طرائق أهل البدع التي يشبكون بها الأتباع ويتألفون قلوبهم ويقوون ولائهم ويشبعون وجدانهم السماع المحدث والرقص على المقامات والأهازيج الشيطانية والتقرب إلى الله بمعازف الشيطان خابوا وخسروا. ومن طرائق أهل البدع المشهورة الغلو في محبة أئمتهم ورؤسائهم وامتحان الخلق بمحبتهم وعقد الولاء والبراء على هذا الأصل. ومن مناهج أهل البدع إحداث مناسبات دينية على طول العام ووضع لها طقوس وأوراد وفضائل ويحتفلون بها كاحتفالهم بعيد المسلمين وكل هذه الأعياد بدع ليس لها أصل في الدين وقد أحدثت بعد زمان القرون المفضلة على يد الفاطميين الزنادقة فما وسعهم ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه والتابعون فتركوا الاقتداء بأهل العلم واقتدوا بالجهال.