اطبع هذه الصفحة


فضل الزهد في الدنيا

خالد بن سعود البليهد

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
:

فإن الزهد في الدنيا من فضائل الأعمال التي لا يقوى عليها إلا خاصة الأولياء الذين ملئت قلوبهم بذكر الله وكمال الرغبة في نعيم الآخرة فهانت الدنيا في نفوسهم واستحقروها وأعرضوا عن زينتها وتقللوا منها قال جل جلاله:
(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا). وقال جل جلاله: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا). قال سفيان الثوري: (أحسن عملا أزهدهم فيها). وقال ابن عمر رضي الله عنهما: (أخَذَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمَنْكِبِي، فَقَالَ: كُنْ في الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ أوْ عَابِرُ سَبِيلٍ وكانَ ابنُ عُمَرَ، يقولُ: إذَا أمْسَيْتَ فلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وإذَا أصْبَحْتَ فلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وخُذْ مِن صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، ومِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ). رواه البخاري. وجاء رجل لمحمد بن واسع، فقال: (أوصني، قال: أوصيك أن تكون ملكا في الدنيا والآخرة، قال: كيف؟ قال: ازهد في الدنيا).

ومعنى الزهد الإعراض عن زينة الدنيا والاستخفاف بشأنها والرضا بالقليل منها
قال ابن رجب: (ومعنى الزهد في الشيء الإعراض عنه لاستقلاله واحتقاره وارتفاع الهمة عنه يقال: شيء زهيد أي قليل حقير وقد تكلم السلف ومن بعدهم في تفسير الزهد في الدنيا وتنوعت عباراتهم عنه). والزهد الوارد في الشرع هو ترك ما لا ينفع في الآخرة مما يكون ضار للدين أو يشغل عن طاعة الله قال ابن تيمية: (والزهد المشروع هو ترك ما لا ينفع في الدار الآخرة وأما كل ما يستعين به العبد على طاعة الله فليس تركه من الزهد المشروع بل ترك الفضول التي تشغل عن طاعة الله ورسوله هو المشروع). فالمؤمن الزاهد لا تشغله دنياه عن آخرته بل يجعلها مطية لآخرته ولا يفرط بآخرته لأجل دنياه.

وحقيقة الزهد في الدنيا قصر الأمل في القلب بحيث يستحضر المؤمن أنه عابر سبيل في الدنيا راحل عنها عن قريب وليس الاقتصار على بعض مظاهر التخشن مع طمع القلب فيها
قال سفيان الثوري: (الزهد في الدنيا قصر الأمل ليس بأكل الغليظ ولا لبس العباء). وقال ابن المبارك: (الزهد أن تزهد في الدنيا بقلبك). وسئل الزهري عن الزاهد فقال: (من لم يغلب الحرام صبره، ولم يشغل الحلال شكره). وقال أحمد بن حنبل: (الزهد في الدنيا قصر الأمل واليأس مما في أيدي الناس). وإذا قصر أمل المؤمن في الدنيا نتج عنه ترك فضول الدنيا واقتصر على بلغته ولم يفتتن بلذاتها وكمالياتها وألوانها وفنونها وإذا طال أمل المؤمن في الدنيا افتتن بزينتها وأكثر من جمعها ونسي هم الآخرة. ويدخل في الزهد الزهد في أموال الناس وعدم التطلع لها ويُروى في ابن ماجه: (ازهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللهُ، وازهَدْ فِيْمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ). وقال الفضيل بن عياض: (علامة الزهد في الدنيا الزهد في الناس).

ومن المفاهيم الخاطئة في باب الزهد اعتقاد أن الزهد ملازم للفقر ولا يجتمع مع الغنى أبدا
قال ابن تيمية: (وصار المتأخرون كثيرا ما يقرنون بالفقر معنى الزهد والزهد قد يكون مع الغنى وقد يكون مع الفقر ففي الأنبياء والسابقين الأولين ممن هو زاهد مع غناه كثير). وسئل الإمام أحمد عمن معه مال هل يكون زاهدا قال: (إن كان لا يفرح بزيادته ولا يحزن بنقصه فهو زاهد). ومصداق ذلك في كتاب الله قوله جل جلاله: (لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ). فمن لم يحزن على نقص الدنيا ولم يفرح بزيادتها فقد سكن الزهد في قلبه.

أما الزهد في التكسب وتملك الأموال والرضا بالفقر والحاجة للناس فليس ذلك من الزهد المشروع
قال أبو مسلم الخولاني: (ليس الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال إنما الزهادة في الدنيا أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يديك وإذا أصبت مصيبة كنت أشد رجاء لأجرها وذخرها من إياها لو بقيت لك). ويروى هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح. وقال ابن القيم: (والذي أجمع عليه العارفون أن الزهد سفر القلب من وطن الدنيا وأخذه في منازل الآخرة وعلى هذا صنف المتقدمون كتب الزهد كالزهد لعبد الله ابن المبارك وللإمام أحمد ولوكيع ولهناد بن السري ولغيرهم ومتعلقه ستة أشياء لا يستحق العبد اسم الزهد حتى يزهد فيها وهي المال والصور والرياسة والناس والنفس وكل ما دون الله وليس المراد رفضها من الملك).

والزهد درجتان:


الأولى:
الزهد في زخرف الدنيا وهذا المعنى العام للزهد قال جل جلاله: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ).

الثانية:
الزهد في ثناء الناس وحسن الصيت والرئاسة وهذه الدرجة لا يوفق لها إلا من أخلص الله قلبه لهم الآخرة وإرادة وجه الله وقال يوسف بن أسباط: (الزهد في الرئاسة أشد من الزهد في الدنيا).

وبعض الصالحين يزهد في زينة الدنيا لكنه لا يزهد في الشهرة لخلل في إخلاصه وضعف في يقينه وهذه شهوة خفية يبتلى بها بعض المنتسبين للعلم والدعوة
قال سفيان الثوري: (ما رأيت زهدا في شيء أقل منه في الرئاسة ترى الرجل يزهد في المطعم والمشرب والمال والثياب فإن نوزع الرئاسة تحامى عليها وعادى).

وقال أحمد بن حنبل:
(الزهد على ثلاثة أوجه: الأول: ترك الحرام وهو زهد العوام. والثاني: ترك الفضول من الحلال وهو زهد الخواص. والثالث: ترك ما يشغل عن الله وهو زهد العارفين).

والزاهد حقا من أتته الدنيا منقادة فطلقها ورغب ما عند الله وأعرض عنها
أما زهد من عجز عنها ولم تفتح عليه فأمر سهل يحسنه كل أحد قال مالك بن دينار: (الناس يقولون: إني زاهد إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها). قال ابن عبد الحكم: (لما ولي عمر بن عبد العزيز زهد في الدنيا ورفض ما كان فيه وترك ألوان الطعام). وبعض الناس يظهر الزهد حال فقره فإذا تولى المناصب وفتحت عليه الدنيا هجر الزهد وصار من المترفين.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم سيد الزاهدين في الدنيا
مع قدرته على جمعها وكان ينفقها في وجوه الخير ولا يمسك منها إلا قدر حاجته قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَوْ كَانَ لِي مِثلُ أُحُدٍ ذَهَبًا، لَسرَّني أَنْ لاَ تَمُرَّ علَيَّ ثَلاثُ لَيَالٍ وَعِندِي مِنْهُ شَيءٌ إلاَّ شَيءٌ أُرْصِدُه لِدَينٍ). متفق عليه. وفي الصحيحين قال عمر رضي الله عنه: (فَدَخَلْتُ علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو مُضْطَجِعٌ علَى حَصِيرٍ، فَجَلَسْتُ، فأدْنَى عليه إِزَارَهُ وَليسَ عليه غَيْرُهُ، وإذَا الحَصِيرُ قدْ أَثَّرَ في جَنْبِهِ، فَنَظَرْتُ ببَصَرِي في خِزَانَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَإِذَا أَنَا بقَبْضَةٍ مِن شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ، وَمِثْلِهَا قَرَظًا في نَاحِيَةِ الغُرْفَةِ، وإذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ، قالَ: فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ، قالَ: ما يُبْكِيكَ يا ابْنَ الخَطَّابِ قُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ، وَما لي لا أَبْكِي وَهذا الحَصِيرُ قدْ أَثَّرَ في جَنْبِكَ، وَهذِه خِزَانَتُكَ لا أَرَى فِيهَا إِلَّا ما أَرَى، وَذَاكَ قَيْصَرُ وَكِسْرَى في الثِّمَارِ وَالأنْهَارِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَصَفْوَتُهُ، وَهذِه خِزَانَتُكَ، فَقالَ: يا ابْنَ الخَطَّابِ، أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا؟ قُلتُ: بَلَى).

وكانت مجالس السلف الصالح مجالس زهد في الدنيا
قال أبو داود: (كنت أجالس أحمد وكانت مجالس أحمد مجالس الآخرة لا يذكر فيها شيء من أمر الدنيا ما رأيته ذكر الدنيا قط).

ولا يكون المرء إماما للناس حتى يزهد في الدنيا قال جل جلاله:
(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا). قال قتادة: (لما صبروا عن الدنيا). وقال سفيان: (هكذا كان هؤلاء ولا ينبغي للرجل أن يكون إماما يقتدى به حتى يتحامى عن الدنيا).

والزهد له فوائد عظيمة على
المؤمن من سلامة القلب من الحسد والبغي ومحبة الخلق والسعادة في الدنيا قال جل جلاله: (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ). والزهد يهون المصايب على قلب المؤمن قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (من زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات). والزهد يدل على الحكمة قال مالك: (بلغني أنه ما زهد أحد في الدنيا واتقى إلا نطق بالحكمة). ويذوق به المؤمن حلاوة الإيمان قال الفضيل بن عياض: (حرام على قلوبكم أن تصيب حلاوة الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا). والزهد راحة للمؤمن من الهموم والأحزان قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (الزهد في الدنيا راحة القلب والبدن). وإذا ارتاح المؤمن تفرغ للعبادة. والزاهد لا ينازع الناس في دنياهم ولا يحزن على مافاته من الدنيا قال الفضيل بن عياض: (لا يسلم لك قلبك حتى لا تبالي من أكل الدنيا). والزهد يرغب المؤمن في محبة لقاء الله في الآخرة قال بشر بن الـحارث: (ليس أحد يحب الدنيا إلا لم يحب الموت، ومن زهد فيها أحب لقاء مولاه). والزهد في الدنيا يورث محبة الله ومحبة الخلق كتب أبو الدرداء رضي الله عنه إلى بعض إخوانه: (أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله والزهد في الدنيا والرغبة فيما عند الله فإنك إذا فعلت ذلك أحبك الله لرغبتك فيما عنده وأحبك الناس لتركك لهم دنياهم والسلام). ومن زهد في الدنيا وتخفف منها خف حسابه يوم القيامة ولم يطل وقوفه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قُمْتُ عَلَى بابِ الْجنَّةِ، فَإِذَا عامَّةُ مَنْ دخَلَهَا الْمَسَاكِينُ، وأَصْحَابُ الجَدِّ محْبُوسُونَ, غَيْر أَنَّ أَصْحاب النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ). متفق عليه.

والزهد التام له علامات:

الأولى:
التواضع وحب الخمول والبعد عن الشهرة.

الثانية:
عدم الحزن والهم على فوات الدنيا والفرح بكثرتها قال مالك بن دينار‏:‏ (بقدر ما تحزن للدنيا يخرج هم الآخرة من قلبك وبقدر ما تحزن للآخرة يخرج هم الدنيا من قلبك‏).‏

الثالثة:
القناعة بما قسم الله من الرزق قال الفضيل بن عياض: (أصل الزهد الرضا عن الله عز وجل).

الرابعة:
عدم منافسة الخلق في الدنيا والتطلع لما في أيديهم.

الخامسة:
الورع عن الحرام والشبهات قال أبو سليمان الداراني: (الورع أول الزهد كما أن القناعة أول الرضا).

وكثير من الناس فتن بنعيم الدنيا وزهد في نعيم الآخرة كما قال جل جلاله:
(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى). قال قتادة: (فاختار الناس العاجلة إلا من عصم الله).

وإن أعظم ما يعين المؤمن على الزهد استحضار حقيقة الدنيا قال جل جلاله:
(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ). قال سعيد بن جبير: (متاع الغرور لمن يشتغل فيها بطلب الآخرة ومن اشتغل بطلبها فله متاع بلاغ إلى ما هو خير منه). وإذا أيقن المؤمن أن الدنيا زائلة وكل نعيمها صائر إلى الهلاك زهد فيها وحرص على الآخرة قال الأوزاعي: (من أكثر ذكر الموت كفاه اليسير ومن علم أن منطقه من عمله قل كلامه). وكلما أوقظ المؤمن في قلبه هم الآخرة خبت نار الدنيا في قلبه قال أبو سليمان الداراني‏:‏ (لا يصبر عن شهوات الدنيا إلا من كان في قلبه ما يشغله بالآخرة)‏. ومن أعظم ما يفطن المؤمن لمقام الزهد ويرغبه فيه ذم الله للدنيا وتزهيد الخلق فيها قال جل جلاله: (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ). قال الأوزاعي: سمعت بلال بن سعد يقول: (والله لكفى به ذنبا أن الله عز وجل يزهدنا في الدنيا ونحن نرغب فيها فزاهدكم راغب ومجتهدكم مقصر وعالمكم جاهل).

وكيف لا يزهد المؤمن في الدنيا والنبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا حقارتها وزوالها وأن العيش التام والخالد في الآخرة بقوله:
(اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَةِ). متفق عليه. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: (ما أبعد هديكم من هدي نبيكم أما هو فكان أزهد الناس في الدنيا وأما أنتم فأرغب الناس فيها). رواه أحمد.

ومن أكثر التدبر في كلام الله أورثه الزهد في نعيم الدنيا
قال ابن القيم: (والقرآن مملوء من التزهيد في الدنيا والإخبار بخستها وقلتها وانقطاعها وسرعة فنائها والترغيب في الآخرة والإخبار بشرفها ودوامها فإذا أراد الله بعبد خيرا أقام في قلبه شاهدا يعاين به حقيقة الدنيا والآخرة ويؤثر منهما ما هو أولى بالإيثار).

وإذا تعلقت نفسك بنعيم الدنيا وفتنت بزخرفها فتأمل قوله جل جلاله: 
(وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ). فكفى بها واعظة وزاجرة عن التعلق بنعيم ناقص منقطع لا يدوم.

وقد سبق الصحابة رضي الله عنهم من بعدهم من التابعين بالزهد في الدنيا قال عبد الرحمن بن بزيد:
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (أنتم أكثر صياما وأكثر صلاة وأكثر جهادا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم كانوا خيرا منكم. قالوا: لم يا أبا عبد الرحمن ؟ قال: كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة). وأخبارهم في الزهد مشهورة فقد بعث معاوية رضي الله عنه إلى عائشة رضي الله عنها مرة بمائة ألف درهم فما أمست حتى فرقتها فقالت لها خادمتها: لو اشتريت لنا منهم بدرهم لحما؟ فقالت: ألا قلت لي؟. ولما قدم الخليفة عمر رضي الله عنه الشام أتته الجنود وعليه إزار وخفان وعمامة وأخذ برأس بعيره يخوض الماء فقالوا له يا أمير المؤمنين تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على هذا الحال قال فقال عمر: (إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نتلمس العز بغيره). ودخل رجل على أبي ذر رضي الله عنه فجعل يقلب بصره في بيته فقال له: يا أبا ذر أين متاعك؟ فقال: إن لنا بيتا نوجه إليه صالح متاعنا. قال: إنه لا بد لك من متاع ما دمت ها هنا. فقال: إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (من أراد الآخرة أضر بالدنيا ومن أراد الدنيا أضر بالآخرة ياقوم فأضروا بالفاني للباقي).


الفقير إلى الله
خالد بن سعود البليهد
عفا الله عنه
5
/6/1442



 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية