صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







تزيين البيوت والأسواق في استقبال رمضان بدعة

خالد بن سعود البليهد


الحمد لله. فقد شاع عند بعض المسلمين تزيين البيوت والأسواق والمساجد بالأنوار والفوانيس والستور والأهازيج والاحتفال بالولائم لاستقبال شهر رمضان وهذا العمل محدث ليس له أصل في الشرع من وجوه:

الأول: أنه بدعة حادثة في مصر زمن الفاطميين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ). متفق عليه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته حين كثرة اختلاف الناس باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين عن العرباض بن سارية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وَإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرى اختِلَافًا كَثيرًا، فَعَلَيكُم بِسُنَّتي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْديِّينَ عُضُّوا عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُم وَمُحدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ). رواه أبو داود.


الثاني:
أن هذا العمل يتعلق بأمر ديني دخول موسم رمضان وهذا عبادة والعبادة يشترط فيها التوقيف من الشارع فما شرعه الله ورسوله تعبدنا به وما لم يشرعه الله ورسوله تركناه وزهدنا فيه طاعة لله واتباعا لرسوله صلى الله عليه وسلم قال ابن تيمية: (ودين الإسلام مبني على أصلين: على أن لا نعبد إلا الله. وأن نعبده بما شرع لا نعبده بالبدع قال تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)). وأما قول بعض الناس أنه مجرد عادة فبعيد لأن الناس يفعلونه بسبب عبادة رمضان وقد اتخذوه شعارا لرمضان ومداومتهم على فعله كل سنة وأن رمضان لا يكمل إلا بإظهار الزينة والاحتفال يدل على أن فعلهم مشوب بنية التقرب ولذلك يتشددون في ملازمة هذا العمل وينكرون على من ينكر عليهم ذلك.
 

الثالث: لا يعرف هذا الاحتفال عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولا عن أهل القرون الفاضلة ولا استحبه أحد من أئمة السنة المتبعين للأثر وإنما روي في السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم مبشرا برمضان: (أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ). رواه النسائي. فترك النبي صلى الله عليه وسلم الاحتفال بدخول رمضان وعدم اتخاذه موسم فرح وزينة كالأعياد الشرعية يدل دلالة ظاهرة على أن هذا الأمر محدث مخالف للسنة. 
 

الرابع: المؤمن يفرح بدخول رمضان لأنه موسم لمغفرة الذنوب ورفعة الدرجات والعتق من النيران والتخفف من وسخ الدنيا ولكنه يعبر عن فرحه بشكر الله على هذا النعمة بالتوبة النصوح وسؤال الله بلوغ الشهر والإعانة على صيامه وقيامه وشكره وذكره وحسن عبادته وهذا هو الفرح الشرعي ولا يكون فرحه بالاحتفال بتزيين البيوت والأسواق والطرقات بالأنوار والموائد ومظاهر الزينة فهذا فرح محدث غير مشروع.
 

الخامس: الاحتفال بدخول رمضان بإظهار الزينة والموائد من جنس الاحتفال المحدث الذي يفعله الجهال في يوم عاشوراء بالاغتسال وصنع الولائم وإظهار الزينة والأفراح والتوسعة على العيال وقد أنكره علماء السنة وضعفوا الأخبار الوارد فيه قال ابن تيمية في بيان هذه البدعة: (من الجهال الذين قابلوا الفاسد بالفاسد والكذب بالكذب والشر بالشر والبدعة بالبدعة فوضعوا الآثار في شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء كالاكتحال والاختضاب وتوسيع النفقات على العيال وطبخ الأطعمة الخارجة عن العادة ونحو ذلك مما يفعل في الأعياد والمواسم فصار هؤلاء يتخذون يوم عاشوراء موسما كمواسم الأعياد والأفراح. وأولئك يتخذونه مأتما يقيمون فيه الأحزان والأتراح وكلا الطائفتين مخطئة خارجة عن السنة... ولم يسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه الراشدون في يوم عاشوراء شيئا من هذه الأمور لا شعائر الحزن والترح ولا شعائر السرور والفرح).
 

السادس: إظهار الاحتفال والأعياد بالزينة واللهو والموائد في مواسم العبادات الشرعية والبدعية كيوم عاشوراء والمولد النبوي ودخول رجب وليلة الإسراء والمعراج وليلة النصف من شعبان ودخول رمضان وعيد الأبرار من منهج الصوفية الضلال الذين حولوا الدين الشرعي إلى مظاهر وشعائر جوفاء ولم يحققوا المقصد الشرعي من تحري الإخلاص واتباع السنة والخشوع والتفكر والتقوى وإظهار التذلل والافتقار إلى رحمة الله وجوده وكرمه حتى صار هم كثير من الناس العناية بهذه المظاهر والرسوم كأنها طقوس شرعية وإهمال معنى التعبد لله مع التفريط في الفرائض والتعدي على حدود الله قال ابن تيمية: (وأما ثامن شوال فليس عيدا لا للأبرار ولا للفجار ولا يجوز لأحد أن يعتقده عيدا ولا يحدث فيه شيئا من شعائر الأعياد).
 

والحاصل أنه لا يشرع للمسلم أن يتخذ مناسبة دخول رمضان موسما من مواسم الأعياد والأفراح كما يفعله جهال الصوفية وإنما المشروع له أن يستقبل رمضان بالتوبة والتخلص من المظالم والإقبال على الطاعة وسؤال الله الإعانة على الصيام والقيام والتوفيق لقيام ليلة القدر وقد كان السلف الصالح يدعون الله أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه أن يتقبله منهم كان مكحول يقول إذا دخل رمضان: (اللهم سلمني لرمضان وسلم رمضان لي وتسلمه مني متقبلا). وقال يحيى بن أبي كثير: (كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا). ولو كان الاحتفال وإظهار السرور خيرا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم أو رغب فيه والخير كل الخير في اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم واتباع هدي الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

 

خالد بن سعود البليهد

27/8/1445


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية