صيام عاشوراء

خالد بن سعود البليهد

 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد فهذه تذكرة لفضل الصيام في شهر الله المحرم وصيام عاشوراء فأقول مستعينا بالله :
يستحب للمسلم الإكثار من الصيام في شهر المحرم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ( رواه مسلم ، ولا يشرع صيام الشهر كله ، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الشهر تاما إلا شهر رمضان .

ويتأكد في هذا الشهر صيام يوم عاشوراء لما ورد فيه من الفضل العظيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) رواه مسلم ، وقد كانت اليهود تصوم هذا اليوم شكرا لله على نجاة موسى عليه الصلاة والسلام فاستحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر أننا أحق بالشكر منهم ، والصحيح أن المراد بعاشوراء هو اليوم العاشر وفيه الفضل الخاص خلافا لمن رأى أنه التاسع ، وقد كان صومه واجبا في أول الأمر ثم نسخ ذلك حين وجب صوم رمضان ، وقد استحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مخالفة اليهود فرغب في صيام التاسع مع العاشر فقال ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) رواه مسلم ،

فعلى هذا يكون صيام عاشوراء على مرتبتين :
الأولى : أن يصوم التاسع والعاشر، وهذا هو الأفضل.
الثانية : أن يصوم العاشر فقط، وهذا جائز وإن كان خلاف الأولى ، ولا دليل لمن كره ذلك.

وقد ذكر بعض أهل العلم مرتبة ثالثة وهي صيام يوماً بعده ، والصحيح أن ذلك لا يشرع والحديث المروي فيه لا يصح فقد رواه ابن أبي ليلى وهو سيء الحفظ وقد اضطرب في رواية الحديث والصواب أنه موقوف على عطاء ، وفيه مخالفة للأحاديث الصحيحة ، والمحفوظ في الصحيح هو التاسع والعاشر ، ولا حجة لمن استحبه من التابعين ، لكن من وجد نشاطا وصام ثلاثة أيام ولم يعتقد استحباب اليوم الثالث بخصوصه فحسن لعموم الأدلة والأمر في ذلك واسع إن شاء الله.

ولا يستحب في عاشوراء عمل غير الصوم ولم يرد في السنة شيئ عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على استحباب عمل غير الصوم ولم يستحب الأئمة ذلك .

وقد ضل في هذا اليوم طائفتان :
الأولى : اتخذت هذا اليوم فرحا وإظهارا للسرور والتوسعة على الأهل وصنع الولائم ، وروي في ذلك حديث مكذوب لا يصح . وهذا مسلك الصوفية .
الثانية : اتخذت هذا اليوم مأتما وإظهارا للحزن والنياحة وإلقاء القصائد المبكية وهذا مسلك الرافضة.
والله أسأل أن يوفق المسلمين لما يحب ويرضى من الأقوال والأفعال والصالحة ، والحمد لله رب العالمين.
 

بقلم : خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com