اطبع هذه الصفحة


شرح عمدة الأحكام (1)

خالد بن سعود البليهد

 
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات) وفي رواية (بالنية) (وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه). متفق عليه.

هذا الحديث جليل القدر من أصول الدين. قال ابن مهدي: (ينبغي لكل من صنف كتابا أن يبتدئ فيه بهذا الحديث تنبيها للطالب على تصحيح النية). وقال الشافعي: (يدخل في سبعين بابا من العلم).

مسائل الحديث:


الأولى: دل الحديث على أن مدار الأعمال صحة وفسادا على النيات. وأنه يحصل للعبد من ثواب بحسب ما نواه. فالجملة الأولى في صحة العمل وفساده والجملة الثانية في ثواب العمل وعقابه. فكل عمل شرعي يشترط لصحته النية ويدخل في ذلك عمل القلب واللسان والجوارح.

الثانية: النية هي القصد والإرادة والعزم على الفعل ومحلها القلب ولا يشرع التلفظ بها ، ولهذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولا الأئمة المتبوعين الجهر بالنية. وتطلق النية في كلام العلماء على معنيين:
(1) نية المعمول له: أي تمييز المقصود بالعمل والمراد إخلاص العمل لوجه الله تعالى.
(2) نية العمل: أي تمييز العمل من جهة العادة والعبادة وتمييزه من جهة الفريضة والنافلة وتمييز نوعه في النافلة.

الثالثة: تشترط النية لجميع العبادات ومن ذلك الطهارة بأنواعها فكل من تطهر ولم يقصد رفع الحدث أو استباحة الصلاة أو التطهر مطلقا لم تصح طهارته لأن الطهارة عبادة مطلوبة شرعا وكل عبادة لا بد لها من نية. قال الوزير: (أجمعوا على وجوب النية في طهارة الحدث والغسل من الجنابة إلا أبا حنيفة فيشترطها في التيمم دون طهارة الماء والآية والحديث وكونها عبادة حجة واضحة عليه). ولهذا الوجه أدخل المصنف هذا الحديث في كتاب الطهارة.

الرابعة: في الحديث وجوب الحذر من الرياء والسمعة. والرياء أن يريد العامل بعمله الثناء والصيت الحسن أو عرضا من أعراض الدنيا. وإذا خالط الرياء العمل أبطله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تبارك وتعالى : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) رواه مسلم.

الخامسة: في الحديث فضل الهجرة في سبيل الله. والهجرة هي الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ومن بلد البدعة إلى بلد السنة. ومن قصد بهجرته طاعة الله ورسوله والدار الآخرة أثيب على ذلك وكان عمله قربة. ومن قصد بهجرته شيئا من الدنيا فليس له في ذلك نصيب في الآخرة لأنه تعجل ثوابه في الدنيا. ومن شرك في نيته فقصد بهجرته حفظ دينه مع شيء من متاع الدنيا كانت هجرته صحيحة لكنها ناقصة ليست بمنزلة من قصد الآخرة فقط. والهجرة باقية إلى يوم القيامة.


خالد بن سعود البليهد
binbulihed@gmail.com
الرياض: في 21/3/1429

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية