اطبع هذه الصفحة


بيان قول النبيّ صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كُفر

خالد بن سعود البليهد

 
حديثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعودٍ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (سِبَابُ الْمُسْلِم فُسُوقٌ وَقِتالُهُ كُفْرٌ). متفق عليه.

الشرح:

بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث خصلتين محرمتين في التعامل مع المسلمين. الأولى: سب المسلم وشتمه بأي لفظ سيء سواء كان باللعن والتقبيح أو تشبيهه بالبهائم أو تعييره بعيب أو خلق أو غير ذلك من الألفاظ التي تؤذيه وتدخل الحزن عليه. فيحرم على المسلم السب والشتم لأجل الدنيا أو الدين إلا في حالة واحدة يجوز للمسلم شتم غيره إذا بدأه شخص بذلك وكان على سبيل القصاص والمماثلة مع أن الأفضل له ترك ذلك لله. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عف اللسان لا يسب ولا يشتم ولا يقبح أحدا فلم يكن فاحشا ولا متفحشا بالقول حتى مع خصومه من اليهود وغيرهم وكان رفيقا في خطابه لهم. فينبغي للمؤمن أن يكون لسانه طيبا عفيفا يصدر عنه أحسن الكلام وأعذب الكلمات وأن يتجنب الفحش مع الخلق عامتهم وخاصتهم من أهل وولد وصاحب. والخصلة الثانية التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم قتل المسلم والعياذ بالله وهذا الفعل من أكبر الكبائر ورد فيه وعيد شديد. قال تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا). وقد وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بالكفر والمراد الكفر الأصغر الذي لا يخرج من الملة باتفاق أهل السنة لأن الله عز وجل أثبت أخوة الإيمان للمؤمنين حال اقتتالهم ونزاعهم فقال تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). والمسلم له حرمة عظيمة في نفسه أعظم من حرمة البيت العتيق فيحرم انتهاكها إلا بحق. وأهل الإيمان أعف الناس في باب الدماء لا يسفكون دما ولا يخفرون ذمة ولا ينقضون عهدا خلافا للمنافقين والخوارج والفجار الذين يستخفون بدماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم. والحاصل أن هذا الحديث أرشد إلى عفتين عفة اللسان وعفة اليد وهما من أجل وأجمل خصال المؤمن.


خالد بن سعود البليهد
binbulihed@gmail.com
الرياض: في 25/5/1429

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية