اطبع هذه الصفحة


الجواب عن إشكال في نهي عمر الإماء عن لبس الحجاب

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

أخي الشيخ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف نوجه الآثار الواردة عن عمر في أمره الإماء بنزع الحجاب.
(نقرأ في كتاب طبقات ابن سعد الجزء السابع ص 127 أن "عمر بن الخطاب أمير المؤمنين كان يطوف في المدينة فإذا رأى أمة محجبة ضربها بدرته الشهيرة حتى يسقط الحجاب عن رأسها ويقول :فيم الإماء يتشبهن بالحرائر "، وقال أنس "مرت بعمر بن الخطاب جارية متقنعة فعلاها بالدرة وقال يالكاع أتتشبهين بالحرائر ألقى القناع"، وروى أبو حفص أن "عمر كان لايدع أمة تقنع في خلافته").


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد الله. هذه الآثار المروية عن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أمره للإماء بنزع الحجاب ثابتة ومحفوظة قد تلقتها الأمة بالقبول ولم يخالفه أحد من الصحابة . بل كان هذا الأمر مستقرا عند الصحابة لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم صفية قالوا ننظر إن حجبها فهي زوجته وإن لم يحجبها فهي أمة. وقال به عامة أهل العلم إلا الحسن أوجب الحجاب عليها إذا تزوجت. وشذ ابن حزم فسوى بين الأمة والحرة في الحجاب ولم يفرق بينهما.

ولا شك أن عمر قد تلقى ذلك من الشرع ونحن مأمورون بإتباع سنة عمر رضي الله عنه كما أوصانا رسولنا صلى الله عليه وسلم بذلك.

وهذا الحكم (أعني كشف المرأة لشعرها ووجهها) خاص بالأمة وهي المرأة المملوكة أما المرأة الحرة فيجب عليه الإحتجاب عن الرجال الأجانب ولا يجوز لها أن تخرج أمامهم حاسرة الرأس كاشفة الوجه كما دل القرآن والسنة على ذلك.

والشريعة جاءت بالتفريق بين الأمة والحرة في كثير من الأحكام في التملك والنكاح والطلاق والعدة والدية والميراث والحدود والقصاص وغير ذلك ولذلك صحح الفقهاء صلاة الأمة وهي حاسرة الرأس بغير غطاء. فقاعدة الشرع التفريق بين الأمة والحرة حتى في باب اللباس وعورة الصلاة. وعمر نهى الإماء عن الحجاب تحقيقا لمقصد الشارع في ذلك. ولعل الحكمة في إسقاط الحجاب عن الإماء لأنهن يمتهن الخدمة غالبا ويعرضن للبيع والشراء فاحتجابهن مع ذلك فيه حرج ومشقة فخفف الشارع حكمهن مراعاة لأحوالهن.

ولا يجوز لأحد أن يستدل بذلك على إسقاط الحجاب في هذا الزمان. أو يستدل بذلك على سقوط الحجاب عن الخدم لأن هذا الحكم من خصائص الأمة التي ثبت فيها وصف الملك.

ولا شك أن النفوس السوية لا تتشوف غالبا إلى الإماء كالحرائر وأن الفتنة بالإماء أقل بكثير من الفتنة بالحرائر ولذلك خفف الشارع في الأمة. لكن إذا كان كشف الأمة لرأسها يؤدي إلى الفتنة ويترتب عليه مفسدة كان احتجابها أولى ولهذا أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية في زمانه بحجب الإماء التركيات لما عظمت بهن الفتنة فقال رحمه الله: (وقد كانت الإماء على عهد الصحابة يمشين في الطرقات متكشفات الرءوس ويخدمن الرجال مع سلامة القلوب فلو أراد الرجل أن يترك الإماء التركيات الحسان يمشين بين الناس في مثل هذه البلاد والأوقات كما كان أولئك الإماء يمشين كان هذا من باب الفساد).
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

خالد سعود البليهد
binbulihed@gmail.com
الرياض: في 18/1/1429


 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية