اطبع هذه الصفحة


أنا صريحة جدا مع الآخرين

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

أنا صريحة وأصدقائي ما يحبون الصراحة كيف أتعامل معهم.


الجواب :
الحمد لله. بعض النساء تكون صريحة جدا في تعاملها ومخاطبتها للآخرين وهذا له أسباب كثيرة من طبيعة الجبلة أو البيئة التي نشأت بها أو ظروف قاسية مرت بها أو غير ذلك من الأسباب. وفي الغالب تصاحب هذه الصفة صفات أخرى حسنة من قوة الشخصية والقيادية والقدرة على اتخاذ القرار وغير ذلك.

وهذه الصفة تسبب للمرأة حرجا كبيرا في حياتها العملية وعلاقاتها الإجتماعية خاصة مع الزوج والصديقات مما يجعل كثيرا من الناس ينفرون منها لأن الناس جبلوا في الغالب على عدم محبة من ينتقدهم ويكثر من إبداء الملاحظات عليهم. وهذا ينتج عنه فقدان المرأة الصريحة لكثير من صديقاتها وإخفاقها في العلاقات. بل وقعت حالات طلاق وهدمت بيوت بسب صراحة الزوجة وكثرة انتقاداتها.

ينبغي على المرأة أن تعلم أن مبدأ الصراحة ليس ممدوح دائما بل يكون مذموما في بعض الأحوال ويسبب لها مشاكل كثيرة ويجعل الآخرين يتقون مجالستها والالتقاء بها. يجب أن تعلم أن المجاملة والمصانعة واللباقة والتعايش خلق حسن يكسب الناس ويؤدي إلى الألفة والتحاب والانسجام ويحقق نجاحا كبيرا في العلاقات ويزرع الاحترام والمودة بين الزوجين.

إن كثيرا مما تنتقده المرأة وتكون صريحة فيه من الأمور السهلة التي ترجع إلى العادات والأذواق والموضات والناس يختلفون وتتباين آرائهم فيها فلا ينبغي للمرأة التدخل في كل مسألة ومواجهة الآخرين في كل شيء. إن هناك حالات يجب ترك الصراحة فيها عند مقابلة من عرف بالشر والاعتداء على الآخرين فهنا ينبغي مداراته والسكوت عنه كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع من يتقى شره. كما أن هناك حالة يجب على المرأة أن تكون صريحة مع الآخرين عند حدوث منكر ومعصية ظاهرة لا يسع السكوت عليها فحينئذ يجب أن تنكر وتبين الشرع ولو ترتب على ذلك سخط الآخرين لأن هذا واجب يأثم الإنسان بتركه.

أما ما سوى ذلك من التصرفات والأقوال والموضات والأذواق في الأطعمة والأثاث وغيره فينبغي على المرأة أن تلزم السكوت وتصانع وتثني وتوسع البال ولا تبين رأيها بصراحة إلا إذا طلب منها ذلك أو استشيرت أو علمت أن الطرف الآخر يقبل رأيها بلا مضض. ينبغي أن يكون الغالب في شخصيتها قبول الآخر وتقبل رأيه والتسامح مع ذوقه والثناء عليه مما يرسم تصور وانطباع عنها في مخيلة الآخرين أنها متفهمة مرنة سهلة لبقة حيية مؤدبة وهذا يجعل جميع الناس يخطبون ودها ويحرصون على صحبتها كما هو مشاهد. يجب على المرأة الصريحة أن تغير سلوكها إلى الأفضل وتوطن نفسها على ترك ذلك وتتمرن على الإمساك عن إبداء رأيها والتدخل في شؤون الغير وهذا يتطلب منها جهد كبير وصبر حتى تكون شخصيتها سهلة وأول علاج لهذا السلوك أن تدرك أن هذا السلوك والخلق خاطئ ويترتب عليه مفاسد.

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان غاية في الأدب واللطف مع الآخرين لا يواجه الناس بعيوبهم وأخطائهم إلا إذا استدعى المقام ذلك ، كان يعرف الفرح والغضب والحزن في وجهه دون تصريح منه ، كان أشد حياء من العذراء في خدرها ، كان لا يعيب طعاما قط إذا اشتهى طعاما أكله وإن عافه تركه ، كان لا يثرب على أهله وزوجه ولا يقبح ، كان متغافلا مع أهل بيته لا يتابع ويدقق في كل صغير إلا إذا رأى منكرا لا يسع السكوت عليه بأبي وأمي رسول الله ما أروع خلقه وأزكى هديه.
فينبغي على الأخت السائلة وجميع الأخوات أن يقتدوا بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسلكوا الرفق ويغيروا من الطباع والأخلاق الرديئة ويعاملوا الآخرين بمداراة ولطف ومجاملة حسنة ويتركوا كثرة الانتقاد والصراحة إلا فيما لا بد منه.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

خالد بن سعود البليهد
binbulihed@gmail.com
الرياض: في 8/4/1429


 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية