اطبع هذه الصفحة


هل عملي جائز في نشاط هذه الشركة في مجال البرمجة الحاسوبية

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم و رحمه الله و بركاته :
فضيله الشيخ ...استاذنك فى فتوى ..
انا أعمل مهندس برمجيات .. و رزقنى الله بفرصه عمل بشركه كبيره منذ اسبوعين ..
بعد ان التحقت بالشركه عرفت ان لنا عملاء كثير من من الدول الغربيه ..
و اثناء العمل عرفت ما يلى ..
لنا عميل من الولايات المتحده الأمريكيه يعمل بتسويق الوسائط المتعدده و الافلام و مباريات الكره .. و طلب هذا العميل من الشركه ان تصمم له نظام التشغيل اللذى سوف يبيعه هو لعملائه الخاصين به ( يعنى إحنا هنبيع النظام بدون محتويات ) للعميل
و علمت ان واحد من أحد عملائه الخاصين به هو موقع من المواقع الإباحيه الأمريكيه ..و علمت من مديري ما يلى عندما سألته عن هذا الموضوع , ..
نحن نعمل على تحسين النظام ( الفارغ من المحتويات ) و إذا اشتكى العميل الثالث ( الذى اشترى النظام من عميلنا لوضع محتوياته عليه ) ) فبالتالى تكون المشكله من نظامنا نحن .. و نعمل على إصلاح النظام ( الفارغ من المحتويات ) و نرسله لعميلنا .. ليقوم هو بدوره لتوصيله لعميله ( اللذى يضع عليه محتوياته ) ..
و عندما سألت ميري ما إذا كنا تصل إلينا إى مبالغ ماديه من العميل الثالث هذا ( اللذى يعتبر عميل عميلنا ) رد بما يفيد اننا لا ناخذ منه اى اموال ولا نصلح له فى محتويات موقعه الإباحى هذا .
سؤالى ما يلى :
هل على ذنب إذا أكملت عملى بهذه الشركه ( مع العلم اننى لا أعمل حتى بالنظام اللذى يصل لهذا العميل ) ( يعنى اعمل بمواقع عملاء اخرين) ؟
هل إذا ما كان كلام مديري لى هو كذب و ان الشركه تاخذ فعلا اموال من عميل الموقع الإباحى هذا .. مع العلم انه أنكر هذا لى , هل بذلك يعتبر راتبى حرام ؟
وهل أيضا إذا على ان أغادر الشركه .. هل حلال ان اظل هناك حتى أجد فرصه عمل أخرى ,, ام على المغادره فورا ؟

فضيله الشيخ .. جزاك الله كل خير .. افتنى فى هذا .. لانى اصبحت فى حيره من امرى . و لا اعرف اين الصواب و لا اريد ان أكسب من حرام ..


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. الذي يظهر لي أنه يجوز لك العمل في هذه الشركة حاليا وتقاضي الأجر على ذلك ما دمت لا تزاول في عملك أمرا محرما وما دام أن الأصل في نشاط الشركة الأعمال المباحة وأنت لم تتعاقد وتبرم اتفاقا مع الشركة على منفعة محرمة أو برامج تستخدم في أغراض ممنوعة شرعا كالبرامج الإباحية والقمار ونحو ذلك.

وإنما تثبت الحرمة على من يشارك ويعاون في نشاط محرم في برامج الرذيلة والفساد والأجر الذي يتقاضاه على ذلك محرم لا يحل الانتفاع به ويجب التخلص منه.

والإثم في قبول ودعم البرامج الإباحية على من يباشر ذلك وعلى مدير الشركة في قبوله ورضاه وأخذ العوض على ذلك فإن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه.

أما أنت فلم تباشر ذلك ولم ترض به ولم تتعاون في الإثم والعدوان وإنما الواجب عليك النصيحة والبيان وقد أحسنت في فعلك والأجرة التي تأخذها مباحة لأنها في مقابل ما تقوم به من عمل مباح ولا علاقة لك بمصادر أموال الشركة.

ومع ذلك فإن هذا المجال فيه شبهة ظاهرة فإن رتبت أمورك ووجدت فرصة للعمل ولم يكن في ذلك عليك مشقة ظاهرة يحملك على سؤال الناس والوقوع في مفسدة أكبر فنصيحتي لك أن تترك هذا العمل لله وتتحول لعمل لا شبهة فيه ولو كان أقل في الأجرة ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليك الناس وإن أفتاك الناس وأفتوك.

أما إذا كان نشاط الشركة في الأصل في أعمال محرمة وكان المقصود في إنشائها ذلك أو كان الغالب عليها ذلك كالشركات المنشئة للموسيقى أو القمار أو الدعارة أو إنتاج البرامج الإعلامية المحرمة فلا يجوز العمل بها مطلقا ولو لم يباشر العامل ذلك لأن في عمله تعاون ظاهر على الإثم والعدوان ومخالفة لشرع الله الذي أمر به ونشر للرذيلة وإعانة للمعصية.

ولا يجوز للشركة أن تبيع برامج أو تؤجر لمن يستخدم هذه البرامج في أنشطة محرمة إذا تيقنت ذلك أو غلب على ظنها ولا يجوز لها أيضا أن تقوم بصيانته إذا تعطل ولو كان النظام فارغا لأنه يستعمل في الحرام فإن فعلت فهي آثمة والعوض الذي تقاضته محرم سحت النار أولى به وإذا ظهر لها شيئا من ذلك عليها أن تتخلص من ذلك بالإقالة أو عن طريق المصالحة المهم أن لا تستمر في دعم وتشغيل البرامج المحرمة التي تفسد البلاد والعباد. قال تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).و لهذا (لعن الرسول عليه الصلاة والسلام في الخمر عشرة : عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمول إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له). رواه الترمذي. ولعنوا لأنهم كانوا سبا في حصول المعصية. ونص الفقهاء على تحريم بيع البيض لمن يتخذه قمارا والعنب لمن يعصره خمرا. وقال ابن قدامة: (ولا يجوز للرجل إجارة داره لمن يتخذها كنيسة أو بيعة أو يتخذها لبيع الخمر أو القمار، وبه قال الجماعة). وقال ابن تيمية: (ولا يصح بيع ما قصده به الحرام كعصير يتخذه خمرا إذا علم ذلك كمذهب أحمد وغيره أو ظن وهو أحد القولين يؤيده أن الأصحاب قالوا: لو ظن المؤجر أن المستأجر يستأجر الدار لمعصية كبيع الخمر ونحوها لم يجز له أن يؤجره تلك الدار ولم تصح الإجارة والبيع والإجارة سواء). والحاصل أن كل وسيلة إلى تحقيق الحرام حرام مثله لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.

ومما يؤسف له أن بعض المسلمين اليوم خاصة في سوق التقنية والبرمجيات ليس عنده ورع في أكل الحرام ولا يتحرى الحلال في برامجه وأنشطته همه الأكبر الحصول على أكبر نسبة من الأرباح ولو كان عن طريق الحرام والعياذ بالله.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

خالد بن سعود البليهد
binbulihed@gmail.com
الرياض: في 15/7/1429

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية