اطبع هذه الصفحة


زوجي لا يعطيني ماذا أصنع

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم
أود ان استفتيك في شيء خاص بي
فانا اقع تحت حيرة ولا ادري ماذا افعل فمشكلتي مع زوجي فانا أود ان اسالك ماذا اتصرف فزوجي عندما اطلب منه مصروف بالكاد كانه يتصدق علي مرة بخمسين ومرة بتسعين اي انه يعطيني من بواقى مافي محفظته مع العلم بان زوجي مقتدر ماديا وراتبه يتجاوز000000000.
وزوجي له بيت ثاني ينفق عليه ولا يقصر معهم البتة وبزيادة على حساب معيشتي والعلم ان اولاده كلهم يشتغلون ولكن عن طريق الصدفة اكتشفت انه يمد احدى بناته بمبالغ مادية تصل الى ما فوق 0000 واما انا فاذا اشتغلت بالف ريال وضع عينيه عليها واجبرني ان ياخذها مني وان لم اعطه اياها واقول له هذه مصروفي لانك لم تعطيني فيغضب ويشتمني
دلني بالله عليه اله الحق في فعل هذا الشيء وكم انا غاضبة لفعلته بان يرسل لبنته وفقط لأنها تود أن تكلمل دراستها الماجستير وأنا يضيق علي يحاول زوجي أن يدلل اولاده الكبار على حساب أولادي الصغار ماذا افعل هل اواجهه فيما اكتشفت أم اسكت وفقط احتسب
صراعي مع زوجي مرير وارجو منك الدعاء لي
بالصبر ولعل فرج الله علي وان يرزقني ولا يحوجني اليه
جزاك الله خيرا.

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. ألخص جوابي في نقاط:
أولا- يجب على زوجك شرعا أن ينفق عليك نفقة تامة تناسبك وتناسب أولادك على حسب استطاعته ووضعك الإجتماعي والمرجع في تحديد ذلك إلى العرف. قال تعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا). وفي صحيح مسلم عن جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال في خطبته العظيمة بعرفات : (لهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف). وقال ابن تيمية مبينا الضابط في تعيين النفقة الواجبة: (وإذا كان الواجب هو الكفاية بالمعروف فمعلوم أن الكفاية بالمعروف تتنوع بحالة الزوجة في حاجتها ويتنوع الزمان والمكان ويتنوع حال الزوج في يساره وإعساره وليست كسوة القصيرة الضئيلة ككسوة الطويلة الجسيمة ولا كسوة الشتاء ككسوة الصيف ولا كفاية طعامه كطعامه ولا طعام البلاد الحارة كالباردة). والذي يظهر من السؤال أن زوجك من أهل اليسار فعلى هذا يجب عليه أن ينفق نفقة تليق بحالكما. فإن ترك النفقة أو كان مقصرا حرم عليه ذلك وكان آثما عند الله لتركه الواجب وكان لك حق في مطالبته.

ثانيا:
يجب لك من النفقة والكسوة وغيرها ما يقوم بحاجتك ومايكمل ذلك من الكماليات المتوسطة التي تليق بمثلك المتعارف عليها ولا يحق لك أن تطالبي الزوج بأكثر من ذلك نظرا إلى كثرة ماله أو غير ذلك من الاعتبارات إلا أن تطيب نفسه بذلك. فإن منعك النفقة أو قصر فيها ولحقك مشقة في ذلك جاز لك شرعا أن تأخذي من ماله بغير علمه ما يكفيك وولدك كما رخص النبي صلى الله عليه وسلم بذلك لما ورد في الصحيحين: (دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل علي في ذلك من جناح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك). ولا يجوز لك أن تأخذي ما زاد على حاجتك وكفايتك.

ثالثا:
يجب على زوجك أن يعدل بين البيتين في النفقة ولا يترك أو يقصر في بيت منهما فينفق على كل بيت بحسب حاجته وكذلك الأولاد ينفق عليهم كل بحسب حاله ولو اختلف القدر في النفقة وهذا هو مقتضى العدل في النفقة فإذا كان أحد الأولاد يحتاج مبلغا كبيرا لأجل دراسته أو مرضه أو زواجه أعطي ذلك ولا يلزم الأب أن يعطي الولد الآخر نفس الثمن وكذلك الزوجات والبنات كل يعطى على حسب حاجته. أما الهبة فتجب المساواة فيها في الثمن لجميع الممنتفعين وعدم تفضيل بعضهم على بعض. فعلى هذا إذا أعطى ابنته مالا كثيرا لدراستها فلا حرج في لذلك ولا يلزمه أن يعطي نفس المبلغ لولدك. لكنه لا يجوز له أبدا أن يقصر في النفقة عليك أو على ولدك بل يجب عليه أن يوفر لكم جميع ما تحتاجون.

رابعا:
لا يجوز للزوج أن يأخذ من مال الزوجة أو مرتبها شيئا إلا بإذنها أو صلحا بينهما أما أخذاً بقهر وعن غير طيب نفس فحرام وهو من الظلم الذي نهى الله عنه.كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه).رواه أبوداود. فعلى هذا لا يجوز لزوجك أن يأخذ ما حصلتي عليه من الشغل لا سيما وأنت في أشد الحاجة إليه ولا شك أن هذا التصرف يدل على الجشع وشدة الطمع الذي لا يليق بالمؤمن أن يفعله. وروي في الطبراني: (عن الأسود بن هلال قال جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فسأله عن هذه الآية " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " وإني امرؤ ما قدرت على أن يخرج مني شيء وقد خشيت أن أكون أصابتني هذه الآية فقال ابن مسعود ذكرت البخل وبئس الشيء البخل وأما ما ذكر الله عز وجل في القرآن فليس ما قلت ذاك أن تعمد إلى مال غيرك أو قال أخيك فتأكل). وورد في الصحيحين: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الدعوات اللهم إني أعوذ بك من البخل والكسل وأرذل العمر وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات).

خامسا:
احذري التجسس على زوجك ومحاولة معرفة أحواله المادية وغيرها فإن هذا التصرف حرام قد نهى الله عنه وليس لك ولاية عليه. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا). وعن زيد بن وهب قال: (أتي ابن مسعود فقيل: هذا فلان تقطر لحيته خمرا فقال عبد الله: إنا قد نهينا عن التجسس ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به). رواه أبو داود. وهذا التصرف يفتح عليك بابا من الشر ويوغر صدرك عليه ويفسد الود بينكما ويجعل الشيطان يتلاعب بك في أمور اطلعت عليها وأنت تكرهينها. أما تغافل المرأة عن زوجها وحسن ظنها به وتعاملها معه بثقة وإحسان وإغلاق الوساوس والظنون يورثها الرضا والسعادة ويؤلف بين الزوجين ويغلق كثيرا من أبواب الخلاف.

سادسا:
نصيحتي لك الصبر ومعالجة الأمور بحكمة ومناصحته وتذكيره بالله في حقك الذي قصر به في الأوقات المناسبة وتجنبي الكلام عن البيت الثاني في حديثك وأنصحك بعدم سلوك مسالك القوة والنزاع والغضب لأن ذلمك غالبا ينتهي بالطلاق والفراق بين الزوجين وضياع الأولاد وتشتتهم وحرمانهم من الحنان والتربية السوية لأجل شيئ تافه من الدنيا وكثير من الزوجات ندمن أشد الندم حين وقع الطلاق بطلبهن ولو تأملت في زوجك لربما وجدت فيه محاسن أخرى تقابل مساوئه. وفي نظري أن هذه المشكلة وهي بخل الزوج وتقتيره مع قساوتها على المرأة إلا أنها أخف بكثير من بعض المشاكل التي لا تطيق المرأة البقاء مع الزوج وتكون المصلحة راجحة في الفراق ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشد هند إلى الطلاق بل عالج الأمر بحكمة. فتعقلي واصبري فهذا امتحان لك من خالقك وعليك بالدعاء الصادق وكوني على ثقة بالله أنك إن صبرت واحتسبت وآثرت ما عند الله أنه سيفتح عليك بابا من السعادة والبركة والرزق.
وأسال الله أن يصلح حالك ويسعدكما ويؤلف بينكما على خير.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
في الرياض: 20/7/1429

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية