اطبع هذه الصفحة


حكم الزواج بابنة الزنا

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
أما بعد أيها الشيخ الفاضل .أنا شاب مقبل على الزواج .وقد أعجبتني فتاة متحجبة و ذو أخلاق حسنة.
المشكلة أن البنت هي بنت زنى .لذا أرجوا من سماحتكم أن تشيروا علي بالرأي السديد علما أنها تقطن في نفس القرية التي أسكنها.


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. سؤالك هذا له جانبان الحكم الشرعي ومعرفة الأصلح.
1- أما الحكم الشرعي فلا شك في إباحة وجواز نكاح ابنة الزنا ما دامت عفيفة ولا أعلم خلافا معتبرا بين الفقهاء في ذلك لأنه ليس فيها مانع شرعي يمنع من نكاحها وحكمها حكم سائر المسلمات يجب لها وعليها ما يجب لهن وهي بريئة من حكم الزنا وإثمه لا ذنب لها فيما حصل لها وإنما جنا عليها من تسبب في ذلك ولا يلحقها جناح أو مذمة شرعا ولا تعاب بذلك قال تعالى: (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى). والآثار الواردة في ذم ولد الزنا وعدم قبول إمامته منكرة لا يصح منها شيء. والشرع اشترط في إباحة نكاح المسلمة أن تكون عفيفة خالية من الموانع التي تمنع من صحة النكاح من نسب أو سبب محرم فإذا تحققت هذه الشروط في هذه الفتاة فلا مانع شرعا من نكاحها. وإذا تزوجها الرجل بنية حسنة كان له أجر عظيم وثواب جزيل في الستر عليها والإحسان إليها. وإنما اختلف الفقهاء في نكاح الرجل من ابنته من الزنا والعياذ بالله والأكثر على منعه. واختلفوا في حكم نكاح بنت من زنى بها.
2- أما معرفة الأصلح فهذا يرجع إلى اجتهادك وموازنتك بين المصالح والمفاسد فإذا غلبت المصالح كان قرار الزواج بها أولى وإذا غلبت المفاسد كان قرار تركها أولى. وتفصيل شيء من ذلك النظر إلى ثلاثة أمور:
(1) إذا كنت مقتنعا بالارتباط بها بأخلاقها ودينها ولا تجد حرجا في وضعها الاجتماعي ولا يساورك شك أو قلق في ذلك فهذا يجعلك تقدم أما إذا كنت تتحرج وتجد في نفسك قلقا وحيرة وربما نظرة دونية إليها وشك ويلحقك عار وحرج في المجتمع فلا تقدم على ذلك.
(2) وكذلك هل أسرتك يتقبلون الوضع بكل هدوء من الارتباط بها ولا يثيرون لك مشاكل دائمة أم أنهم متمسكون بعادات وأعراف قوية يأنفون من ذلك ويعارضون بقوة ولا يتقبلون هذا الوضع بأي حال فإن كانوا كذلك فلا أنصحك بالإقدام أبدا لأنك ستعيش في صراع دائم معهم ومشاكل لا تنتهي ويوقعهم في منقصة.
(3) وكذلك النظر إلى حال القرية هل القرية صغيرة ولدى أهلها اطلاع شديد وحسد وتدخل في شؤون الآخرين وتتبع للعورات أم أن القرية كبيرة وأهلها غافلون كل في حاله مشغول بشؤون معيشته ليس من عادتهم التجسس والإيذاء فهذا يؤثر أيضا في قرارك مع أنه يمكن إيجاد حل مناسب بالانتقال إلى منطقة أخرى.
والحاصل أنه من خلال النظر إلى هذه الأمور الثلاثة وغيرها يمكن لك أن ترجح رأيا معينا وتتخذ قرارك المناسب المبني على تؤدة ورؤية واضحة وإذا اتخذت قرارا معينا فتحمل مسؤوليته.
وإن كان الأولى غالبا وجود صفة الحسب والنسب في المرأة التي يرغب في نكاحها واعتبار الكفاءة لأن ذلك له أثر كبير في الاستقرار الاجتماعي على الزوج والولد وقد أشار الفقهاء إلى ذلك ولذلك لما سئل الإمام أحمد عن ولد الزنا يتزوج ويزوج سكت ولم يجب. وانعدام الحسب في المرأة يترتب عليه في الغالب مفاسد وآثار قد لا يستطيع الزوج التخلص منها والانفكاك من أثرها لكنه لو فعل لم يكن مرتكبا خطأ أو إثما. وإنما يصلح لها في الغالب من كان في منزلتها ووضعها الاجتماعي بحيث يحصل بينهما قبولا نفسيا كبيرا ولا يترفع أحدهما على الآخر.
وأنصحك بالاستخارة وكثرة الدعاء وأسأل الله أن يختار لك الرأي الصالح ويوفقك لكل خير.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
الرياض:27/8/1429

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية