حكم الحلق والتقصير للمحرم خارج الحرم

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :
هل يجب على المحرم بعد الفراغ من أعمال العمرة أن يحلق في الحرم وهل يجب عليه دم إذا حلق أو قصر خارج الحرم فقد سمعت من أحد طلاب العلم أنه أوجب الفدية على أناس حلقوا في جدة.


الجواب :
الحمد لله. الحلق والتقصير نسك من مناسك الحج والعمرة وهو واجب لا يتحلل المحرم من إحرامه إلا إذا حلق أو قصر ومن لم يفعل ذلك فهو ما يزال في إحرامه وإن فعل جميع المناسك فلا يحصل له التحلل الكامل إلا بالحلق أو التقصير. قال تعالى: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ). وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحلق إذا أراد أن يتحلل من إحرامه ويأمر أصحابه بذلك ودعا للمحلقين والمقصرين بالمغفرة والرحمة وكل ذلك ثابت في السنة.
لكن لا يشترط في صحة الحلق والتقصير حصوله في الحرم أو دون الميقات لأنه لم يرد في الشرع ما يدل على تخصيصه بالحرم ولم يؤمر المحرم بفعله في الحرم وإن كان المشروع والأفضل أن يحلق ويقصر مباشرة في الحرم بعد أدائه لجميع المناسك لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ولاتصال أجزاء العبادة والمبادرة في أداء النسك. وإنما ورد أمر المحرم بطواف الوداع في الحج قبل مغادرة الحرم ونهي عن خروجه قبل الطواف. وقد طاف عمر بعد الصبح ثم خرج وصلى ركعتي الطواف بذي طوى خارج الحرم لأنه لا يشترط فعلهما في الحرم وهذا يدل على أصل التوسعة في كل ما لم يشترط الشارع في فعله موضعا معينا.
ولا أعلم دليلا صحيحا أو وجها قويا على اشتراط الحلق والتقصير في الحرم وإيجاب الدم عليه إذا ترك ذلك اللهم إلا إذا وقع في شيء من محظورات الإحرام قبل تحلله من إحرامه بالحلق وهذا عام في الحج والعمرة. وهو مذهب جمهور الفقهاء في عدم تخصيص الحلق والتقصير في الحرم واشترط أبو حنيفة فعله في الحرم لكن الأدلة لا تنصر قوله.
والحاصل أن الحلق والتقصير ليس من خصائص الحرم يشترط فيه مكان معين وإنما هو فعل يتعلق بالإحرام. فعلى هذا يجوز لهم الحلق والتقصير في جدة وليس عليهم شيء وعمرتهم تامة إن شاء الله ماداموا لم يرتكبوا شيئا من المحظورات وإن كان فعلهم خلاف الأولى.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
الرياض:1/10/1429