اطبع هذه الصفحة


حكم بيع الأسهم بالتقسيط

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

فضيلة الشيخ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما رأي الشرع في حكم شراء أسهم الراجحي بالأقساط
وجزاكم الله وخير وحفظكم ونفع بكم.


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. لا يظهر مانع شرعي من جواز بيع وشراء الأسهم بالتقسيط لأنها في منزلة الأعيان التي لها قيمة مالية محددة في الأسواق المالية وقد تعارف الناس على التعامل بها والاعتداد بقيمتها في جميع المعاملات من قرض وبيع وهبة وغيره وتجري فيها الأحكام الشرعية وتجب الزكاة في قيمتها فهي عرض من عروض التجارة لكن يشترط في جواز ذلك أربعة شروط:
1- أن تكون الأسهم المراد بيعها مباحة من حيث النشاط والتعامل الحاضر أما إذا كانت الأسهم محرمة في نشاطها أو لأمور محظورة طارئة عليها فلا يجوز بيعها و شراؤها.
2- أن تكون الأسهم مملوكة للشخص أو الجهة التي ترغب في بيعها قبل إبرام العقد أما إذا لم تكن مملوكة له ووقع العقد قبل ملكها فالبيع باطل لأنه باع ما لا يملك.
3- أن تكون الأقساط معينة في الأجل والمقدار بحيث تكون المدة معلومة وتكون الزيادة في الثمن على القيمة الأصلية واضحة لكلا الطرفين غير قابلة للتغيير في المستقبل. أما إذا كانت المدة غير محددة أو نسبة الزيادة غير واضحة فلا يصح العقد للجهالة والغرر.
4- ألا يشترط البائع زيادة معينة عند تأخر المشتري في سداد بعض الأقساط فإن اشترط البائع ذلك كان ذلك محرما في حكم الربا.
والبيع والشراء بالتقسيط عقد صحيح إذا استوفى شروطه عند عامة الفقهاء لعموم قوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا). وهو داخل في عقود البيع بالآجال الذي أباحه الله في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ). وحقيقته زيادة في الثمن مقابل تأخير قبض البائع لثمن سلعته وتيسير قبض السلعة على المشتري الذي لا يملك الثمن حالا فهو لا يشبه عقد الربا ولا صوره الذي حقيقته أكل أموال الناس بالباطل فالربا هو زيادة أحد المتساويين على الآخر قرضا أو ما يشبه القرض من غير سبب معتبر ولذلك نص الشرع على تحريمه أما الزيادة في بيع التقسيط فهي داخلة في ثمن السلعة التي أخر قبض ثمنها على البائع وفاتته المنفعة في الحاضر ومعلوم أن ثمن السلعة يختلف بين الحاضر والمستقبل فالزيادة مقابل منفعة معتبرة وهي تيسير حصول المشتري على السلعة من غير قدرته على الوفاء في الحال فهو لم يدفع زيادة من جنس ما أخذ إنما دفع زيادة ثمنا للسلعة وهذا هو حقيقة البيع الذي أباحه الله فبيع التقسيط يخالف الربا في الحقيقة والعلة والأثر. ولا يدخل بيع التقسيط في معنى النصوص الواردة في النهي عن بيعتين في بيعة أو صفقتين في صفقة أو بيع وشرط ونحوها لأن علة النهي في هذه النصوص الجهالة في الثمن وعدم معرفة استقرار العقد كما قال الترمذي في تفسير الحديث: (وفسره بعض أهل العلم بأن يقول الرجل: أبيعك هذا الثوب نقدًا بعشرة، ونسيئة بعشرين، ولا يفارقه على أحد البيعين، فإذا فارقه على أحدهما فلا بأس إذا كانت العقدة على أحدهما). وفسرها بعض الفقهاء بصورة العينة المهم أن عامة الفقهاء والمحدثين متفقون على عدم دخول بيع التقسيط في دلالة هذه النصوص. وإباحته من تيسير الشريعة وسماحتها في قضاء مصالح العباد وحوائجهم ورفع الحرج عن الناس في كثير من أحوالهم والقول بمنعه وتحريمه قول شاذ لا يلتفت إليه مع ما فيه من المشقة والتضييق على الناس والعمل على خلافه في أسواق المسلمين. وقد ورد في السنة الصحيحة شواهد تدل على صحة بيع التقسيط كبيع السلم والمكاتبة وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم البعير بالبعيرين إلى أجل وغير ذلك. فمن تأمل معاني الأدلة والمقاصد الشرعية تبين له بوضوح أن بيع التقسيط عقد جائز خال من شبهة الربا والظلم.
ولا يظهر في أسهم شركة الراجحي محظور شرعي حسب نقل المتخصصين والعارفين بنشاطها. فعلى هذا يجوز لك شراؤها بالتقسيط ولا حرج في ذلك. وإذا ملكتها جاز لك استثمارها والإنتفاع بأرباحها وجاز لك بيعها في الحال لتنتفع من قيمتها لكن لا يجوز لك بحال أن تبيعها على من باعها عليك أو على طرف ثالث متواطئ معه لأن ذلك من العينة التي نهى عنها الشرع أما بيعها على طرف أجنبي ليس له علاقة بعقد البيع الأول فهذا من التورق وهو جائز في أصح قولي الفقهاء وهو مذهب الجمهور ولا محظور فيه شرعا.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
الرياض:8/10/1429

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية