اطبع هذه الصفحة


القراءة على العسل للشفاء

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

لدي سؤال فيما يخص الرقية الشرعية: هل يشرع أن نقرأ القرآن على العسل قبل تناوله أم القراءة تكون على الماء والمكان المصاب فقط، وهل يشرع أيضا الدعاء بأدعية الرقية في الماء بعد قراءة القرآن أم الدعاء يكون منفردا. أفيدونا بارك الله فيكم. سيد علي من الجزائر.

الجواب :
الحمد لله. ثبت في السنة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ونفثه على البدن كما في الصحيحين : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها). وفي صحيح مسلم ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوذات).
وأما القراءة والنفث في الماء فلم يرد فيه شيء ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه فيما أعلم وإنما رخص فيه السلف كالإمام أحمد وغيره قال ابن مفلح في الآداب الشرعية : (وقال صالح بن الإمام أحمد: ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحا فيه ماء فيقرأ عليه ويقول لي : اشرب منه ، واغسل وجهك ويديك. ونقل عبدالله أنه رأى أباه يعوذ في الماء ويقــرأ عليه ويشربه ، ويصب على نفسه منه). وورد عن التابعين الاستشفاء بكتابة القرآن قال ابن القيم في الزاد: (ورأى جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن ثم يشربها قال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض ومثله عن أبي قلابة ويذكر عن ابن عباس أنه أمر أن يكتب لامرأة تعسر عليها ولادها أثر من القرآن ثم يغسل وتسقى). وإنما رخصوا به بمقتضى النظر الصحيح ووجهه أنه إذا قرئ على الماء حلت فيه بركة القرآن والشفاء كما تحل على بدن المقروء وصارت ملازمة له فأمكن انتفاع المريض به ولو بعد حين ما دام الماء باقيا فصارت البركة تصل بواسطة يتعدى نفعها ومع ذلك لا يبعد أن يكون أحمد والسلف تلقوا ذلك عن الصحابة لشدة إتباعهم لآثار الصحابة.
وما دام قد ورد النفث على الماء عن أئمة السلف فيمكن قياس كل مائع على الماء مما يطول بقاؤه ويكثر الانتفاع به فيجوز النفث على العسل والزيت فيستسقي به المريض ويدلك بدنه يستشفي به بإذن الله.
والصحيح أن النفث على الماء وغيره يكون بعد القراءة لا قبلها لأن البركة والشفاء في الريق تنشأ عن القراءة أما الريق المجرد للراقي فلا يصح التبرك والانتفاع به وهذا هو المحفوظ والجادة في أكثر الأحاديث والروايات أما ما ورد في رواية لحديث عائشة في البخاري ظاهرها يفيد تقديم النفث على القراءة فهي رواية مجملة جاءت بواو العطف تدل على مطلق الجمع ولا تفيد الترتيب وقد جاءت مفسرة في كثير من الروايات بتقديم القراءة على النفث جارية على الأصل مما يعين تقديم القراءة لا سيما وأن الحديث مخرجه واحد ولو فرضنا صحة هذا الوجه لم يمكن الاستدلال أيضا بتقديم النفث لأن هذا مبني على القول بصحة التبرك بالريق والمقرر عندنا أهل السنة أن التبرك بالريق من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم لا يشركه أحد من الخلق فلا يجوز التبرك والاستشفاء بريق الراقي مجردا أو قبل القراءة وإنما المشروع للراقي النفث بعد القراءة وهذا القول هو المعروف عند الفقهاء أن النفث محله بعد القراءة.
ولا حرج في النفث على الماء بالأدعية المشروعة النافعة سواء كان ذلك مقترنا بقراءة القرآن أو مجردا عنها لأنها من الرقية المأذون فيها شرعا ولحصول البركة والشفاء والنفع بها على بدن المريض فهي من جنس الرقية بالقرآن وإن كان القرآن أقوى نفعا وأعظم أثرا وأكثر بركة لأنه كلام الرب العظيم لا يساويه كلام بوجه من الوجوه.
والحاصل أنه يجوز النفث على الماء والعسل والزيت ولا حرج في ذلك لأن القياس الصحيح يقتضي جوازه وله أصل في الشرع ولم يرد في الشرع ما يدل على منعه وقال به السلف واشتهر عند العلماء فلا ينبغي رده والمبالغة في إنكاره لا سيما وأن القول بجوازه فيه مصالح كثيرة ونفع للمرضى مع التنبه إلى أن الشارع وسع في باب الرقية ولم يمنع منها إلا ما اشتمل على محظور مما يدل على التوسعة. لكن ينبغي التنبه إلى أن الاستشفاء بذلك أدنى منزلة وأقل أثرا من القراءة مباشرة على بدن المريض لأنه بواسطة وما ورد بواسطة يكون أضعف مما كان مباشرة.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
الرياض:4/11/1429

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية