اطبع هذه الصفحة


الحالات التي يجوز للمرأة طلب الطلاق فيها

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم
انا متزوجه منذ 8 سنوات وحياتي مع وزجي واهله لا تطاق
فانا برغم محاولاتي الدائمه للعيش بشكل سليم مع اهله ومعه الا اني لا القى سوى الذل والاهانه علما اني حامله لشهاده عليا في الطب
جميع سلفاتي ربات بيوت وانا العامله الوحيده ومع ذلك دائما اشعر باني ادناهن جميعا وزوجي هو اول من يجعلني اشعر هكذا علما اني غير مقصرة في اي حق من حقوقه او حقوق اهله
مررت بمواقف صعبه كثيرة
هل يحل لي طلب الطلاق؟؟


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. الأصل في النكاح أن تدوم فيه المحبة والانسجام والتفاهم بين الزوجين قال تعالى: (من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون). وقد شرع الطلاق في أحوال خاصة يتتعذر فيها السعادة أو تصبح الحياة جحيما لا تطاق أو تنافر بين الزوجين لا يمكن التوفيق بينهما.

والحالات التي يجوز للمرأة طلب الطلاق فيها هي:
1- أن تكره خلق الزوج أو خُلقه وتبغضه بحيث لا تطيق العيش معه وإن كان صالحا في دينه ويكون في نظرها بمنزلة المحارم فيحل لها طلب الطلاق منه فإن فعل إحسانا منه كان طلاقا وإن طالبها العوض كان ذلك خلعا لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام .فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقبل الحديقة ، وطلِّقها تطليقة). رواه البخاري.

2- أن تكره دين الزوج ويكون في بقائها معه ضرر في دينها بحيث يكون الرجل فاسقا لا يؤدي الفرائض أو يتعاطى المسكرات أو يعرف بفعل الفواحش أو يأمرها بالتبرج وفعل المنكرات ونحو ذلك من الكبائر الخطيرة فتحاول وتسعي في إصلاحه وإن لم يصلح فيحق لها طلب الطلاق منه وقد يجب حفظا لدينها فإن امتنع رفعت أمره للحاكم ليفسخها منه. لحديث: (لا ضرر ولا ضرار). رواه ابن ماجه.

3- أن يكون في عيشها معه ضرر عليها من الناحية الجسدية أو النفسية كأن يكون ظالما يعتدي عليها بالضرب والسب والشتم ولا يقيم لها أي حرمة أو يؤذيها نفسيا بالإهانة والتعنيف وجرح كرامتها والطعن بعرضها ويعاملها معاملة العبيد ويكون ذلك سلوك دائم منه فتنصحه وتعظه وتحاول استصلاحه وتستعين بأهل الفضل فإن صلح فالحمد لله وإن لم يصلح طلبت الطلاق منه وتخلصت من شره.

4- أن يترك القيام بحقوقها الواجبة كأن يكون بخيلا مقترا عليها في النفقة أو يمنعها النفقة بالكلية لإعسار أو غيره أو يكون تاركا لوطئها بالكلية مما يلحق الضرر بها ويعرضها للفساد أو لا يهيئ لها سكنا صالحا لمثلها عرفا أو يهجرها ويترك المبيت عندها لغير سبب موجب فتطالبه بحقوقها وتخوفه الله فإن لم يؤتها حقوقها أو لم يصالحها جاز لها طلب الطلاق لفوات حقوقها.

أما ما سوى ذلك من الأحوال والهفوات التي تقع غالبا بين الزوجين في الحياة اليومية من خصومة ونوع غم وكدر واختلاف في الرأي وجفاء في علاقة الأهل أو نقص في المودة والمحبة فلا يحل للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها لأن البيوت غالبا قائمة على المروءة وحسن العشرة لا المحبة كما حكاه الشافعي ولأن الحياة الزوجية لا تسلم غالبا من المنغصات والمكدرات حتى في بيت النبوة والصحابة.

ولذلك ورد النهي الأكيد والوعيد الشديد في طلب المرأة الطلاق من غير سبب مقنع وعذر مرضي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة). رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. فالواحب على المرأة أن تخش الله وتقف عند حدوده في طلب الطلاق حتى لا تدخل في هذا الوعيد وتعرض نفسها لسخط الله.

ولا يحل للمرأة أيضا طلب الطلاق من زوجها إذا تزوج عليها امرأة أخرى لأن هذا حقا مشروعا للزوج ولا يعد ذلك ضررا في الشرع إلا إذا اشترطت بأن لا يتزوج عليها في صلب العقد أو حصل لها ضرر ظاهر من جراء ذلك في دينها أو دنياها كما سبق بيانه.

والكلام هنا عن الجواز هذا في بيان الحكم أما تنفيذ المرأة لذلك واختياره يرجع إلى الموازنة بين المصالح والمفاسد المترتبة على ذلك من مراعاة لحال المرأة بعد الطلاق وأحوال الأولاد ووضعها الإجتماعي والبيئي.

والمرأة العاقلة لا تقدم على اتخاذ هذا القرار إلا بعد استخارة واستشارة لأهل الفضل والعلم وروية وتأمل وبعد نظر في العواقب خاصة إذا كان لها أولاد صغار فلا ينبغي لها أن تقدم على ذلك إلا حالة الضرورة القصوى حفاظا على ذريتها خشية تعريضهم للضياع زالانحراف الاجتماعي والسلوكي والديني كما هو مشاهد في كثير من الحالات.

ومما يؤسف له أن المتأمل في كثير من دعاوى وشكاوى الرجال والنساء يجد المبالغة وعدم مطابقة الواقع وطلب المثالية والكمال في الحياة الزوجية وهذا مطلب عسير صعب تحققه.

أما بالنسبة لأهل الزوج فيمكن إيجاد حلول مناسبة لهذه المشكة فإن كان التقصير من قبلهم والجفاء حاصل منهم وقد بذلت المرأة الأسباب وحسن العشرة فلتحاول نصيحتهم ومصارحتهم فإن استقاموا فالحمد لله وإلا لم يلزمها صلتهم شرعا إلا من باب الإحسان فلا تزورهم إلا يسيرا في المناسبات العامة ولتقم بالواجب عرفا لتدرء عن نفسها كلام السفهاء.

والحاصل إن كان ينطبق عليك إحدى هذه الحالات الأربع وما كان من جنسها مما يتحقق فيه الضرر وتشتد الأحوال عليك جاز لك طلب الطلاق وإن لم ينطبق عليك تلكم الحالات لم يحل لك طلب الطلاق وعليك بالصبر والدعاء وحسن العشرة لعل الله يغير الأمور من حال إلى حال.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
21/12/1429

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية