اطبع هذه الصفحة


حكم تخصيص الوالد بعض ولده بالعطية

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ارجو قراءة فتواى و هى كالآتى:-
أعطانى ابى رحمة الله عطية فى حال حياته و هو معاف البدن و العقل و لكن لم ترضى أخوتى عن تلك العطية فبعد وفاه أبى رحمة الله ،أردت أن اعيد الأمور بينى و بين أخوتى كما هى قبل وقت أعطائى العطية، فقمت بجمع أخوتى و أبديت لهم رغبتى فى إرضاءهم رغبة منى فى صلة الرحم و العفوعن والدى إن كان قد مسه أثم من تلك الوصية و لكن أخبرتهم بانه نظرا لظروفى الصحية التى تجعلنى فى إحتياج للمال و ( هذا هو سبب ما جعل والدى يقوم بتلك الوصية) فإذا سمحتم و ترضيتم بإعطائكم جزء يسير من المال المفترض كان لكم لو تمت القسمة كميراث و أن تسامحونى عن باقى المال حتى يكون والدك و أعوذ بالله من ذلك يعذب فى قبرة و ايضا حتى لا اكون قد شاركت فى أى معصية و أبدو لى بعض المساومة على ما معى فى المال و لكن فى النهاية رتبت معهم كل شى و أعطيتهم و رضوا بما أعطيتهم ( ولكن ليس كما يفترض ان تكون القسمة لو مات الأب و توارثوا الاولاد جميعا فى التركة)
و للعلم العطية كانت جزء من التركة و ليست كلها
الأن سؤالى هو هل عليا انا اى أثم او ذنب؟
هل على الأب أثم أو ذنب؟
أرجو الإفادة و جزاكم الله خيرا عنى و عن أهل بيتى


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. يجب على الوالد أن يعدل في العطية والهبة بين سائر أولاده ولا يؤثر أو يخص أحدا منهم بشيء من المال لأن العدل بينهم واجب وترك ذلك ظلم نهى عنه الشرع كما في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال عليه الصلاة والسلام أكل ولدك نحلته مثل هذا فقال : لا. قال فأرجعه) . ولفظ: (اتقوا الله واعدلوا في أولادكم). وفي لفظ: (إني لا أشهد على جور). فإن خص أحدا منهم بلا موجب وجب عليه شرعا أحد أمرين إما أن يعطي البقية كما أعطى الأول وإما أن يرجع في عطيته لمن خصه ويأخذ منه ما أعطاه إياه حتى يكون مساويا لباقي إخوته فلا تبرا ذمته إلا بذلك ما لم يسقط جميع الأولاد حقهم فإن رضوا وإلا سوى الأمر في العدل بينهم أو الرجوع في هبته للأول.

فإن لم يسو الوالد بينهم وخص الأول بعطية أو وصية ثم مات على ذلك قبل التوبة كان عاصيا بفعله وأمره إلى الله. ووجب على الولد أن يبرأ ذمته في هذا المال المحرم لأنه ملك لجميع الأبناء لا يحل له الانفراد في تملكه والانتفاع به ويكون ذلك إما بقسمته بالسوية بينهم أو بمصالحتهم في أي طريقة يرونها مناسبة ويحصل الرضا بها فيعوضهم عن نصيبهم بعوض يرضي جميع الطرفين. فإن حصل ذلك برئت ذمة الولد وتخلص من الإثم بإذن الله ولم يزمه شيء آخر.

أما إذا خص الوالد بعض ولده لسبب ظاهر يقتضي ذلك وكان المال على قدر كفايته وغناه كمرض الولد أواعاقته أوعدم قدرته على التكسب ونحو ذلك من الأحوال الخاصة ولم يكن هذا الولد غنيا ففعل الوالد جائز لا شيء فيه لأنه داخل في معنى النفقة الواجبة ولا يلزم الوالد حينئذ تعميم قدر هذه النفقة على جميع الأولاد لأنه لا يشترط المماثلة والمساواة في النفقة لأن النفقة تقدر بقدر الحاجة ولو كثرت وتختلف من ولد لآخر على حسب حاله والتزاماته أما العطية فعطاء فضل يقصد به الإكرام والهدية فلذلك يشترط فيها المساواة والمماثلة بين الأولاد وقد نص الفقهاء على التفريق في الحكم بين النفقة والعطية.

و لقد أحسنت في صنيعك مع إخوتك طلبا لبراءة الذمة وحرصا على صلة الرحم ويرجى المغفرة لك ولا يلزمك شيء آخر. وأوصيك وإخوتك بكثرة الدعاء بالمغفرة لوالدك والصدقة عنه والاحسان إليه.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
10/3/1430


 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية