اطبع هذه الصفحة


حكم تداول العملات عن طريق النت

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي الأول ما حكم تداول العملات عن طريق النت
وجزاكم الله كل خير.


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. هذه من المسائل المعاصرة التي جدت وتختلف فيها الأنظار. وحقيقة تداول العملات عقد مصارفة بين جنسين من النقود وقد دلت النصوص على اشتراط شرط فيها لا يصح العقد بدونها وهو القبض في نفس المجلس لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلًا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز).

واختلف الفقهاء في تحديد مفهوم القبض الوارد في النصوص ومتى يتحقق. والذي يظهر عند المحققين أن وصف القبض من الأمور التي وردت في الشرع مطلقة غير مقيدة بقيود وما كان كذلك رجع في تقييده إلى دلالة العرف فإن كان العرف المعتبر المضطرد يعده قبضا محرزا كان وجوده قبضا صحيحا ينفذ به العقد. وما كان لا يعد في العرف قبضا كان وجوده كعدمه لا يؤثر على صحة العقد ولا ينفذ به. ولا شك أن العرف يتجدد من زمان لآخر ومكان لآخر وقد يكون في بعض صوره المتجددة أكثر إحرازا وتوثقا من الصورة القديمة. ولذلك اختلفت عبارات الفقهاء في تعيين وتحديد القبض في كثير من المحرزات في باب البيوع والصرف وهذا راجع كله إلى تطبيق هذا الأصل.

ولا شك أن المعاملات الالكترونية اليوم تتحقق فيها الدقة والثقة المالية وسرعة التنفيذ والالتزام في الأنظمة المصرفية والقوة الاعتبارية للأوامر. وحاليا صارت بمنزلة المعاملات المصرفية وصارت موضع ثقة في جميع معاملات الناس في سوق العمل من بيع وشراء وحوالات وغيرها مما يقوي الاعتماد عليها.

فعلى هذا لا يظهر مانع شرعي من تداول العملات وشرائها وبيعها عن طريق الأوامر التي تنفذ في الشبكة لأنها قبض معتبر تتحق فيها انتقال الثمن والمثمن في نفس اللحظة وتتحقق فيها الملكية التامة لكل من الطرفين بعد تنفيذ المعاملة ومما يؤكد ذلك أننا إذا فحصنا الحساب وجدنا العوض انتقل إليه. وسواء كان ذلك التداول عن طريق الحساب الخاص الذي يملكه الشخص في بنكه أو عن طرق الحساب الخاص لدى شركة الوسيط الموثوق فيه في سوق المال. المهم أن يتحقق صحة العقد وانتقال العوض إلى حساب المشتري فور الانتهاء من إتمام العملية الالكترونية.

وهذا الحكم خاص بعملية المصارفة وشراء العملات فقط ولا يتناول ما استجد من عمليات أخرى مصاحبة لهذه العملية كإقراض الوسيط مالا للمشتري وغير ذلك فالجواز إذن مرهون بملكية المشتري والبائع للمال ملكا تاما وأن يكون العقد حالا منجزا وأن يكون الوسيط ذو ثقة اعتبارية في السوق المالي وأن يتم القبض حالا في نفس الصفقة.
والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
20/8/1430


 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية