اطبع هذه الصفحة


حكم شرب المحدة القهوة بالزعفران

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

يا شيخ هل يجوز للمرأة المحدة أن تشرب القهوة المطيبة بالزعفران لأننا سمعنا من ينهى عن ذلك.


الجواب :
الحمد لله. فقد دلت النصوص الشرعية على أن الزعفران نوع من الطيب لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يلبس المحرم. فقال: لا يلبس القميص ولا العمامة - وفيه - ولا ثوبًا مسه زعفران ولا ورس). ولذلك عده الشارع من محضورات الإحرام لأن المحرم مأمور باجتناب الطيب والزعفران داخل في معنى الطيب لرائحته الزكية ولذلك ورد في السنة مشروعية دهن رأس الصبي المولود بالخلوق وهو خليط من الزعفران وغيره. وقد كانت العرب تستعمله في صبغ الثياب والشعر. والمشهور عند الفقهاء اعتبار الزعفران من الطيب. والفقهاء وسعوا دلالة النص فمنعوا استعمال الزعفران في جميع الوجوه سواء كان ملبوسا أو مشموما أو مشروبا وغيره لأن المعنى يقتضي ذلك. والمرأة المحادة مأمورة باجتناب الطيب بجميع صوره وأشكاله سواء كان زعفرانا أو غيره كالمحرم. وقد نص الفقهاء على ذلك.

وقد اتفق الفقهاء على تحريم أكل الزعفران وشربه خالصا للمحرم. أما إذا خلط بغيره من الطعام والشراب فاختلف الفقهاء في حكم تعاطيه ووجوب الفدية فيه على قولين: فذهب المالكية والحنفية إلى التفريق في الحكم بين إضافته قبل الطبخ فيمنعوه أو بعده فيرخصوا فيه فعندهم أن الطبخ مؤثر على تفصيل عندهم. قال في المبسوط: (فأما إذا جعل في الطعام فقد صار مستهلكا فيه إن كان في طعام قد مسته النار). وذهب الشافعية والحنابلة إلى تعليق حكم المنع بظهور طعم الزعفران ورائحته فعندهم أن المؤثر تحقق بقاء الطيب في الطعام لا الطبخ. قال في المغني: (وجملة ذلك أن الزعفران وغيره من الطيب إذا جعل في مأكول أو مشروب فلم تذهب رائحته لم يبح للمحرم تناوله نيئا كان أو قد مسته النار وبهذا قال الشافعي). وهذا هو الصحيح لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما فما دام أن الزعفران باق أثره في الطعم والرائحة فالحكم ثابت لأن المقصود بالنهي عن مباشرة الطيب رائحته أما إذا استحال وتغيرت أوصافه فلا حكم له وهذا أيسر للناس وفيه توسعة لهم مع الحيطة في إعمال النص. قال النووي: (إذا حصل الطيب في مطبوخ أو مشروب فإن لم يبق له طعم ولا لون ولا رائحة فلا فدية في أكله، وإن بقيت رائحته وجبت الفدية بأكله عندنا، كما سبق). وما روي عن بعض السلف في الرخصة في أكل الطعام المطبوخ بالزعفران فمحمول على زوال رائحة الزعفران واستحالته.
فعلى هذا تمنع المحادة من شرب القهوة والشاي المخلوط بالزعفران إذا كان باقيا في الطعم أما إذا تغير بالطبخ ولم يبق له طعم ولا رائحة فلا حرج عليها في شربه لأنها لم تطعم طيبا في الحقيقة ولا يتناولها النص ، وإن كان في نفسها حرج فتجنبت الزعفران بالكلية وتورعت عن ذلك فحسن.

أما خلط الطعام والشراب بما يطيب رائحته وطعمه مما لا يعد عرفا من الطيب كالهيل وغيره فلا حرج على المحادة في تعاطيه لأن هذه الأشياء لا تدخل في معنى الطيب والأصل الإباحة وقد حصل فيها اشتباه عند بعض الناس ثم زال واستقر الأمر على إباحتها والترخيص فيها وقد نص بعض الفقهاء على إباحتها للمحرم.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
الرياض:20/7/1431


 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية