اطبع هذه الصفحة


حكم نكاح المسلمة من الكافر

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم شيخنا
عندي سؤال هل يجوز زواج امرأة مسلمه من رجل مسيحي؟ ولماذا؟


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. يحرم على المرأة المسلمة التي تؤمن بالله واليوم الآخر مطلقا أن تتزوج من رجل كافر لا يدين بدين الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وقد دل على ذلك الكتاب وإجماع الأمة. فأما الكتاب فقوله تعالى: (وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ). وقال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ). وأما الإجماع فلم يختلف أهل العلم فيه. قال ابن عبد البر: (ومما يدل على أن قصة أبي العاص منسوخة بقوله : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " إلى قوله : " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " إجماع العلماء على أن أبا العاص بن الربيع كان كافرا وأن المسلمة لا يحل أن تكون زوجة لكافر). وقال القرطبي: (وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام).
وهذا الحكم عام فيحرم على المسلمة أن تنكح أي رجل كافر سواء كان من أهل الكتاب يهودي أو نصراني أو كان وثنيا أو مجوسيا أو ملحدا لأن الشارع لم يستثن شيئا من هذا العموم. فما دام أن الرجل ثابت كفره فلا يحل للمسلمة قبول خطبته ونكاحه لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ولأن المرأة تكون في حكم الأسيرة لزوجها متذللة له تطمع وتسعى في رضاه وتكون غالبا على دين زوجها وهذا يعرضها للفتنة والنكوص عن دينها الحق. وينبغي على الفتاة المسلمة أن لا تغتر بجمال الكافر وحسن خلقه وغناه لأن سيئة الكفر تطغى على جميع حسناته ولذلك أخبر الله أن المؤمن لو كان عبدا فقيرا ناقصا خير من الكافر الغني الحر كامل الصفات لأن معاشرة الكافر تحمل المرأة على الوقوع في أسباب سخط الله والدخول في النار. وإنك لتعجب كيف ترضى امرأة مسلمة تؤمن بالله وتقيم الفرائض أن تكون تحت رجل كافر.
وقد كان هذا الأمر مستقر في مجتمعات المسلمين طيلة التاريخ لا يتهاونون فيه لقوة إيمانهم وقوة بصيرتهم فلا يعرف نكاح المسلمة من الكافر ولا يختلف الناس في ذمه وإنكاره والتشديد فيه. ثم حدث ذلك في الأزمان المتأخرة في بعض المجتمعات المتحررة لاختلاط المسلمين بالكفار على سبيل الذلة والصغار والافتتان بدنياهم وضعف الوازع الديني وغلبة الجهل وغياب الرقيب الأسري ووجود من يتكلم في هذه القضايا بغير علم وتقوى من أنصاف المتعلمين المفتونين بالثقافة العصرية نسال الله السلامة والعافية من هذا البلاء. ومن رخص في ذلك ممن ينتسب إلى العلم فقوله شاذ مخالف للأدلة الشرعية وعمل الأمة.
وعلى المرأة المسلمة التي قبلت بالنكاح من الكافر أن تعلم أن نكاحها باطل باتفاق أهل العلم وهو في حكم الزنا والسفاح فلتتب إلى الله من هذا الكبيرة ولتصحح حياتها قبل أن تلقى الله وهي مقيمة على هذا الجرم الخطير فلتنفصل عنه بأسرع وقت وأقرب طريقة ولو افتدت نفسها بجميع ما تملك من الدنيا ، ولتكثر من التوبة والاستغفار وعمل الصالحات وفضل الله واسع يعفو ويتوب على من تاب عليه ويتجاوز عن السيئات.
والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
الرياض:23/7/1431

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية