اطبع هذه الصفحة


من الأحق بحضانة الأطفال بعد الطلاق

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

تطلقت من زوجي ثم حصل نزاع بيننا في حضانة الأطفال من يكون عنده الأطفال فما هو الحكم الصحيح شرعا.

الجواب :
الحمد لله. إذا وقع الطلاق بين الزوجين انتقلت الحضانة للأم سواء كان الأولاد ذكورا أم إناثا ويكونوا في رعاية الأم ما داموا صغارا إذا كانت الأم صالحة لذلك ولم تتزوج لما روى أحمد عن عبد الله بن عمرو أن امرأة قالت: (يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تنكحي).
فإذا بلغ الطفل سن التمييز سبع سنوات يتصالح الزوجان فيما بينهما هل يكون عند أحدهما كل الوقت أو يتشاركان في حضانته فإن تنازعوا فيه خيره القاضي حينئذ بين الأب والأم فمن يختاره ينتقل إليه وتكون الحضانة له لما روى أبو هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه). رواه الترمذي. وخير كذلك عمر ابن الخطاب رضي الله عنه. فإذا اختار الصبي البقاء عند الأم لم يمنع الأب من تعليمه وتأديبه وملاحظته نهارا إن كان أهلا لأنه أصلح لرعاية وصلاح الصبي. والقول بالتخيير مذهب الشافعية والحنابلة.
أما الجارية فقد اختار الحنابلة انتقالها إلى الأب عند بلوغها سبعا لأنه أحفظ لها وأصون لها من الضياع والصحيح أنها تخير كالصبي لأنه لم يرد دليل شرعي يدل على عدم تخييرها ودليل التخيير عام يستوي فيه الصبي والجارية من حيث المعنى وذكر الغلام لا يفيد التخصيص لأنه واقعة عين لا مفهوم له وقد ورد حديث عند الحاكم في تخيير الجارية وفي إسناده مقال ولأن الأم قد تكون في بعض الأحوال أحفظ للبنت من الأب لصلاحها وكمال عقلها وشدة تحفظها وهذا القول هو مذهب الشافعية.
ويسوغ للقاضي أن ينظر ويجتهد إلى الأصلح لحال الطفل في بقائه عند الأب أو عند الأم على حسب اختلاف الظروف والأشخاص والأحوال فيعين الأحق بحضانته إذا ترجح له صلاحه وقيامه بالشرع مع قيام المانع في الآخر أو راعى صلاح البلد والبيئة لأن باب الحضانة في الشرع مبناه على مراعاة الأصلح للصغير. وقد نبه ابن القيم على هذا المعنى بقوله: (متى أخل أحد الأبوين بأمر الله ورسوله في الصبي وعطله والآخر مراع له فهو أحق وأولى به. وسمعت شيخنا رحمه الله يقول: تنازع أبوان صبيا عند بعض الحكام، فخيره بينهما فاختار أباه، فقالت له أمه : سله لأي شيء يختار أباه؟ فسأله، فقال: أمي تبعثني كل يوم للكتاب، والفقيه يضربني وأبي يتركني للعب مع الصبيان، فقضى به للأم. قال: أنت أحق به). انتهى.
وينبغي على الأب والأم أن يتصالحا فيما بينهما ويتركا النزاع ويتسامحا في حدود الشرع و الأدب ولا يجعلا الأولاد ضحية للخصومات التي سببها الانتقام المذموم والانتصار للنفس الأمارة بالسوء.
والله الموفق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
27/2/1432



 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية