اطبع هذه الصفحة


حكم لعن الشيطان

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

هل يجوز لي لعن الشيطان في كل ذنب أقترفه أو إذا وسوس لي بسوء أفيدونا جزاكم الله خيرا.

الجواب :
الحمد لله. لا شك أنه ورد في كتاب الله لعن الشيطان. قال تعالى: (نْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا لَعَنَهُ اللَّهُ). وهذا يدل من حيث الأصل جواز لعن الشيطان لأن اللاعن للشيطان في الحقيقة مخبر عن لعن الله له موافق لحكم الله فكلامه حق وصدق في كون الشيطان مطرود من رحمة الله مخلد في النار.
لكن ورد في السنة النهي عن سب الشيطان واللعن في معناه كما في حديث أبي تميمة الهجيمي عمن كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم قال كنت رديفه على حمار فعثر الحمار فقلت تعس الشيطان فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم :(لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت تعس الشيطان تعاظم الشيطان في نفسه وقال صرعته بقوتي. فإذا قلت بسم الله تصاغرت إليه نفسه حتى يكون أصغر من ذباب). رواه أحمد.
وهذا يدل دلالة واضحة على كراهة لعن الشيطان وسبه والمبالغة في ذلك لأن ذلك يقوي كيد الشيطان ويجعله يكبر في نفسه ويرى أنه قد نال من المؤمن ويضعف المؤمن غالبا لأنه يتكل على اللعن ويتقاعس عن العمل وهذه حيلة العاجز فيصير كلما أصابه مكروه أو ذنب أو وقع في غفلة جعل يلعن الشيطان ويسبه فقط وهذا يسبب له هزيمة نفسيه أمام عدوه اللدود.
ولذلك كان المشروع للمؤمن حينئذ التعوذ من الشيطان كلما اقتضى الحال أو سنحت له فرصة وهذا هو الذي ينفع المؤمن ويكفيه شر الشيطان وشركه وهمزه ونفثه ويكبت كيده. وقد أمر الله بذلك عند نزغه قال تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). وشرعت الاستعاذة عند ابتداء العبادة حتى يتخلص المؤمن من الوساوس التي تفسد العبادة أو تضعفها كما قال تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ). وشرعت أيضا عند دخول المسجد وعند الشروع في الصلاة وعند الوسواس فيها وعند الدخول إلى الخلاء وعند رؤية الإنسان ما يكره من الرؤى في منامه وعند الجماع وغير ذلك من الأحوال التي يتسلط فيها الشيطان على العبد أو يكون مظنة لذلك فيستحب للمؤمن حينئذ التعوذ والاعتصام بالله من الشيطان. أما لعته والإكثار منه والمداومة على ذلك فغير محمود ويفتح باب شر على المؤمن.
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير التعوذ من الشيطان في كثير من أحواله كما ثبت في جملة من الأحاديث الصحيحة.
أما حديث عن ‏ ‏أبي الدرداء ‏‏قال: ‏ (قام رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فسمعناه يقول ‏ ‏أعوذ بالله منك ثم قال ألعنك بلعنة الله ثلاثا). رواه مسلم. فهذا الحديث على خلاف الأصل وهو محمول على حال خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم عند مجاهدة الشيطان أو يكون اللعن مشروعا مع اقترانه بالتعوذ وليس فيه دلالة على لعنه حال الانفراد. والحاصل أن المشروع للمؤمن غالبا هو التعوذ من الشيطان وترك سبه ولعنه لاسيما عند حدوث الغفلة والبلاء ويسوغ لعنه إذا كان على سبيل الإخبار عن الله أو لبيان الجواز ولا ينبغي المواظبة على ذلك.
والله الموفق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
21/3/1432


 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية