اطبع هذه الصفحة


حكم بيع الحيوانات المفترسة

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

هل يجوز يا شيخ بيع الذئب والأسد والنمر والفهد وغيرها من السباع.

الجواب :
الحمد لله. فالضابط في إباحة بيع العين أن يكون الشرع أباح نفعها والانتفاع بها فكل عين مباحة النفع نفعا صحيحا معتبرا في العرف يصح بيعها وشراؤها والمعاوضة عليها إلا ما دل الشرع على تحريم بيعه وأخذ ثمنه كالكلب. فالشارع إذا حرم شيئا حرم ثمنه وإذا أباح شيئا أباح ثمنه فالأصل في الأعيان إباحة البيع إلا ما نهي عنه بعينه لقوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا). وأهل العلم متفقون في الجملة على هذه القاعدة فما ظهر نفعه رخصوا في بيعه وما خلا من النفع أو كان له نفع فاسد منعوا بيعه وتطبيقاتهم على هذا الأصل متقاربة في كثير من الصور والمسائل وإنما اختلفوا في صور قليلة لاختلافهم في اعتبار المنفعة وتحقيقها في بعض الأعيان. قال في المغني: (وجملة ذلك أن كل مملوك أبيح الانتفاع به يجوز بيعه لا ما استثناه الشرع من الكلب).
ويشترط في المنفعة المعتبرة شروط:
1- أن تكون ظاهرة لا خفاء فيها.
2- أن يكون لها غرض صحيح في العرف.
3- أن تكون مضطردة ليست نادرة الوقوع.
أما إذا كانت خفية أو فاسدة أو نادرة الوقوع فلا تكون منفعة معتبرة عند الفقهاء ولذلك نصوا على عدم اعتبار منفعة الأسد من اتخاذ الأمراء له لهيبة العامة. قال النووي: (قال أصحابنا : ولا ينظر إلى اقتناء الملوك لها للهيبة والسياسة). وقال زكريا الأنصاري في شرح منهج الطلاب: (وما في اقتناء الملوك لها من الهيبة والسياسة ليس من المنافع المعتبرة).
وبناء على هذا فبيع الحيوان المفترس من ذئب ونمر وأسد وغيره يكون على قسمين:
1-ما كان يتخذ للصيد غالبا وله نفع ظاهر كالفهد المدرب أو الذي يقبل التدريب على الصيد ونحوه مما جرت العادة في استعماله والانتفاع به وطبيعته تقبل المطاوعة فهذا يصح بيعه وأخذ ثمنه. قال في المغني: (وسباع البهائم وجوارح الطير التي تصلح للصيد كالفهد الصقر والبازي والشاهين والعقاب والطير المقصود صوته كالهزار والبلبل والببغا وأشباه ذلك فكله يجوز بيعه وبهذا قال ا لشافعي). وقال ابن رجب: (وأما ما فيه نفع للاصطياد منها كالفهد والبازي والصقر فحكى أكثر الأصحاب في جواز بيعها روايتين عن أحمد ومنهم من أجاز بيعها وذكر الإجماع عليه وتأول رواية الكراهة كالقاضي أبي يعلى في المجرد). ويجوز بيع صغاره وتربيتها لأنها تؤول إلى النفع. وأما من حرمه قياسا على الكلب المدرب على الصيد فقد غلط في هذا الباب لأن حكم الكلب أصل مستقل لا يصح القياس عليه لشدة خبثه وورود الوعيد في اتخاذه والأصل في المبايعات الإباحة ونصوص الفقهاء تقتضي ذلك.
2- ما لا يستعمل في الصيد عادة كالذئب والأسد والنمر وغيره مما لا تقبل طبيعته على تعلم الصيد والمصاحبة أو القتال به فهذا يحرم بيعه والمتاجرة فيه بلا إشكال لأنه ليس له نفع مباح مقصود عرفا كالحشرات ولأن بذل المال فيه من باب إضاعة المال المنهي عنه شرعا. قال في المغني: (ولا يجوز بيع ما لا منفعة فهي كالحشرات كلها وسباع البهائم التي لا تصلح للاصطياد كالأسد والذئب وما لا يؤكل ولا يصاد به من الطير كالرخم والحدأة والغراب والأبقع وغراب البين وبيضها فكل هذا لا يجوز بيعه لأنه لا نفع فيه فأخذ ثمنه أكل مال بالباطل). وهذا التفصيل هو مذهب الشافعية والحنابلة وأبي يوسف من الحنفية وهو أظهر ممن رخص مطلقا في بيع السباع كلها أو أباح ذلك مع الكراهة.
والحاصل أن ما كان فيه نفع ظاهر جاز بيعه وما لم يكن فيه نفع ظاهر لم يجز بيعه ولا أخذ ثمنه.
والله الموفق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
 

خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
3/4/1432
 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية