اطبع هذه الصفحة


أمي تسب الله

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
سؤالي و للأسف علي أن أطرحه ألا و هو
حكم من تبرأ من أمه بسبب سبها لله و الدين و مجاهرتها بذلك و لا أحد يستطيع إيقافها لأنها أم فليس في مجتمعاتنا من يقف في وجه الأم و إن سبت الرب و الدين و هي تتعمد ذلك وتتلذذ بهذا السب.
فإن لم يكن التبرؤ جائزا فماذا عن الابتعاد عن البلد الذي تقيم به أصلا و يكفي الاتصال بها و يكفي أن أذكر السب و لا أذكر أمورا, أخرى و الله المستعان و هو حسبنا و نعم الوكيل.


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. لا شك أن سب الله وسب النبي صلى الله عليه وسلم وسب الدين من أعظم الجرائم القولية وهو ردة يخرج الإنسان من الإسلام بإنفاق أهل السنة. قال تعالى: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإن الناس مجمعون على أن من سب الله تعالى من المسلمين يقتل وإنما اختلفوا في توبته). وقال الإمام مالك: (من سب الله تعالى من المسلمين قتل ولم يستتب).
ومع عظم هذا المنكر إلا أنه من المؤسف أن هذه العادة القبيحة منتشرة في بعض بلاد المسلمين فترى الإنسان يسب ملته وربه لأدنى خصومة من غير نكير ولا مسائلة وهذا يجلب شرا عظيما على المجتمع المسلم ويمحق الرزق وينشر القطيعة ويوقع في البغضاء.
فإذا كانت أمك مقيمة على هذا الذنب العظيم وجب عليك شرعا استصلاحها ووعظها وتذكيرها بالوعيد والعقوبة في الآخرة فإن استجابت وصلحت فالحمد لله وإن أصرت فاهجرها وتبرأ من فعلها وأبغضها في الله لجحودها لربها كما تبرأ إبراهيم عليه السلام من أبيه لعلها تعتبر وتتعظ وتستيقظ يوما ما ولا يلزمك أن تتحول من البلد التي تقيم فيه ويجب عليك أن تصرح في أهلك وقرابتك أنك متبرئ من فعلها غيرة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا تأخذك في ذلك لومة لائم ومع ذلك فأحسن إليها من جهة الدنيا من مال وسؤال وعلاج ونحوه لقوله تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا).
فإن آذتك وألحقت بك عارا وخزيا في الناس لفسادها وجهرها بالمنكر فأنصحك بالانتقال إلى بلد بعيد لتسلم من ذلك وتعيش بسلام ويرتاح ضميرك ولا حرج عليك أن تستمر معها بالصلة والنصيحة عن طريق الهاتف والمكاتبة إن رأيت المصلحة في ذلك.
وإياك أن تلوم نفسك وتقسو على ذاتك وتشعر بالذنب على حالك معها لأنك لم تتسبب بهذا البلاء ولم تقصر معها ولكن البلاء والسوء جاء من قبلها فلا تأسف ولا تندم.
واعلم أن الله ابتلاك بانحراف أمك لحكمة عظيمة ليختبرك ويمتحنك كما امتحن أشرف الخلق الرسل والصحابة في قراباتهم فاصبر على قدر الله وارض بمشية الله ولا تسخط واثبت على الحق لتمحص ذنوبك وتكفر خطاياك وتعلو درجتك في الجنة.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

خالد بن سعود البليهد
28/8/1432


 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية