اطبع هذه الصفحة


وقت قضاء صلاة الليل

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

إذا نويت ان اقوم الليل في الثلث الاخير منه ولم أستيقظ حتى وقت الاذان الأول وبينه وبين الاذان الثاني نصف ساعة هل يجوز لي ان اصلي النافلة ثم الشفع و الوتر قبل الاذان الثاني؟
وهل يحسب لي قيام الليل؟ شكرا وجزاكم الله عني خير الجزاء.

الجواب :

الحمد لله. صلاة الليل سنة مؤكدة ينبغي على المسلم المواظبة عليها وعدم الزهد فيها في جميع الأحوال لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب عليها حضرا وسفرا وقد ورد فيها فضل عظيم كقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم قلنا يا رسول الله ما هي قال الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر). رواه أحمد. وكان السلف الصالح يلتزمون فعلها ولهم أحوال وفتوحات عجيبة في هذا الباب. وكان الإمام أحمد يشدد في أمرها ويعيب على الرجل الصالح تركها وقال فيمن لا يصلي الوتر: (إنه رجل سوء). وذهب الجمهور إلى آكدية استحباب صلاة الليل وذهب أبو حنيفة إلى الوجوب والأول أصح لموافقته للدليل.
ووقت صلاة الليل المشروع يبدأ من الفراغ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الصادق لحديث أبي بصرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن الله زادكم صلاة وهي الوتر فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر). رواه أحمد بإسناد صحيح. وهذا مذهب العامة وحكى غير واحد الإجماع عليه. قال في الشرح الكبير: (وأي وقت أوتر من الليل بعد العشاء أجزأه بغير خلاف). وقال ابن رشد: (وأما وقته فإن العلماء اتفقوا على أن وقته من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر). وأما ما حكي عن بعض المتقدمين من استمرار وقته إلى صلاة الفجر أو طلوع الشمس فقول شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة وعمل الأئمة ومتروك لا يعمل به. فمن صلى في هذا الوقت أجزأته صلاته وأدرك فضل صلاة الليل الوارد في السنة ومن تحرى الصلاة قبل العشاء أو بعد طلوع الصبح لم تعتبر صلاته من الليل ولم يدرك الفضل الخاص وكانت صلاته نفلا مطلقا لأنه صلاها في غير الوقت الشرعي لصلاة الليل.
أما إذا كان عازما على فعلها في الوقت ثم منعه نوم أو مرض أو شغل أو نسيان ثم زال العذر بعد خروج الوقت صلاها قضاء في النهار بعد شروق الشمس وارتفاعها كوقت صلاة الضحى شفعا لثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الصحيحة لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته وتره من الليل لمرض أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة). رواه مسلم. فإذا كان يصلى ثلاثا قضاها أربعا وإن كان خمسا قضاها ستا وهكذا. والأفضل أن يصليها حينئذ ركعتين ركعتين يفصل بين كل ركعتين بسلام.
أما صلاتها ضرورة أو قضاء ما بين أذان الفجر والإقامة فمحل خلاف بين الفقهاء الأكثر على منعها ومنهم من رخص فيها والصحيح أنه لا تشرع صلاتها في هذا الوقت لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت صلاة الليل بخروج الصبح بقوله: (صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى). متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: (أوتروا قبل أن تصبحوا). رواه مسلم. وهذا صريح في أن الوقت ينتهي بانتهاء الليل ودخول الصبح والأحوط قضاؤها بعد طلوع الشمس نهارا لموافقة فعل النبي صلى الله عليه وسلم وتحريه صلاتها نهارا عند فوات الوتر وهذا يدل على أن وقت القضاء يكون في النهار ولا يشرع في الصبح وما روي من أحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الوتر إذا أصبح فلا يصح منها شيء وهي مخالفة للأحاديث المحفوظة في الصحاح ومن رخص في الصبح فلا حجة معه ظاهرة والدليل على خلافه.
وصلاة الليل في آخر الليل أفضل من أوله لقوله صلى الله عليه وسلم: (من خاف أن لا يقوم آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر بالليل مشهودة وذلك أفضل). رواه مسلم. وينبغي على المسلم أن يراعي ظروفه وطاقته فإن كان يغلب على ظنه الاستيقاظ آخر الليل أخرها وإن كان يغلب على ظنه عدم استيقاظه صلاها أول الليل كفعل أبي هريرة رضي الله عنه كان يوتر قبل أن ينام لإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك لاشتغاله بحفظ الحديث.
فعلى هذا إذا فاتك صلاة الليل فاقضيها نهارا شفعا ويرجى أن يكتب لك ثواب كامل كأدائك لها ليلا لما في الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل). وفضل الله عز وجل واسع لا يحيط بمنتهاه مخلوق.
والله الموفق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.


خالد بن سعود البليهد
binbulihed@gmail.com
20/3/1433


 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية