اطبع هذه الصفحة


حكم الانتحار لشدة الألم من المرض

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

لدية سؤالين
ما حكم ان اقتل نفسى او احد يقتلنى
الموضوع :
انا اعزب كل وجسمى يقطع بمشارط والجهاز العصبى قطعت والخلايا العصب قطعت ، وعندى جلطة فى رجلى الاثنين و الظهر ايضا ، ورقبت قطعت و معدتى قطعت ولا تعمل بكفاءة ، وحيانى اصبحت مستحلية اعذاب كل يوم .
س1 ما حكم ان اقتل نفسى او احد يقتلنى
س2 او احد يستفيد بالاعضاء الباقية فى جسدى
ارجوا سرعة الرد الان.


الجواب :
الحمد لله. بداية اسأل الله لك الشفاء التام والله على كل شيء قدير وأسأله حسن الختام لك وأن تلقاه وأنت راض بقضاء الله وحكمه وحسن تصرفه فإنما أنت عبد تحت تصرف الله وتدبيره يفعل بك ما يشاء سبحانه ولا يسأل عما يفعل لكمال علمه وكمال قدرته وكمال رحمته.
ويحرم عليك تحريما مؤكدا قتل نفسك أو الإذن لأحد بقتلك لأجل التخلص من آلام الجراحات والأمراض التي حلت بك لأن هذا من الإنتحار المحرم الذي ورد فيه وعيد شديد في القرآن والسنة وهو من الكبائر التي توجب دخول النار قال تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً). رواه مسلم.
ومهما نزل بك من شدة الألم والعذاب والغم والحزن والضيق فلا يحل لك قتل نفسك لأن الله العالم بأحوال عباده اللطيف بهم قد حرم هذه الفعلة الشنيعة ولأنك شرعا لا تملك التصرف بحياتك والمالك حقا هو الله وقد منعك فتصرفك تصرف الغاصب والظالم والله قد استأمنك على هذه الأمانة فلا تتصرف فيها إلا وفق الشرع ولأنك إن نجوت في الدنيا من العذاب لكنك تسوق نفسك إلى عذاب جهنم والعياذ بالله فكيف تقدم عذاب الآخرة العظيم الطويل على عذاب الدنيا اليسير القصير ومما يدل على شدة خطورة الانتحار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على قاتل نفسه كما في صحيح مسلم.

وقد وردت قصة في صحيح مسلم تنطبق على مسألتك قال أبو هريرة قال: (شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً فقال لرجل ممن يدعى بالإسلام هذا من أهل النار فلما حضرنا القتال قاتل الرجل قتالا شديدا فأصابته جراحة فقيل يا رسول الله الرجل الذي قلت له آنفا إنه من أهل النار فإنه قاتل اليوم قتالا شديدا وقد مات فقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى النار فكاد بعض المسلمين أن يرتاب فبينما هم على ذلك إذ قيل إنه لم يمت ولكن به جراحا شديدا فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال الله أكبر أشهد أني عبد الله ورسوله ثم أمر بلالاً فنادى في الناس إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر(. فتأمل أخي كيف شهد النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل بالنار مع أنه في بداية الأمر كان محسنا في عمله وشارك بالجهاد مع رسول الله وأبلى بلاء حسنا وهذا من أشرف الأعمال لكن العبرة بالخواتيم ولم يعذره النبي في انتحاره لشدة جراحته وهذا يدل على خطورة الانتحار في جميع الأحوال وتأمل أيضا قصة الرجل الآخر التي وردت في الصحيح فعن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان برجل جراح فقتل نفسه فقال الله بدرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة(. فتأمل كيف هذا الرجل لم يصبر على ألم الجراحة فقتل نفسه فحرم الله عليه الجنة وأدخله النار.
والحاصل يحرم عليك الانتحار وأوصيك بالصبر والرضا بالقضاء لتكفر ذنوبك وتعظم حسناتك وتعلو منزلتك بالجنة وتذكر أن هذه الدنيا إنما هي وقت عابر ولا حرج عليك في تعاطي المسكنات القوية وأكثر من الدعاء الوارد في هذا الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لا بد فاعلا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي) متفق عليه. أسأل الله أن يتولى أمرك ويحسن معاملتك ويلطف بك ويحسن خاتمتك.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
28/11/1434


 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية