اطبع هذه الصفحة


حكم زواج الرجل بمن زنى بها

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله يسلمكم انا تزوجت انسانه كنت قد زنيت بها سابقآ وبعدها اعلنا توبتنا عن هذا الشئ وتزوجتها ولي منها اولاد ولكن بالفتره الاخيرة سمعت من بعض الاشخاص أن الزواج من انسانه انت زنيت بها لا يجوز
الله يخليكم
ممكن اعرف شو الحكم الشرعي.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. فقد اتفق الأئمة الأربعة على صحة نكاح الزاني بمن زنى بها ولكن اختلفوا في اشتراط التوبة لصحة العقد فذهب الإمام أحمد إلى تحريم النكاح وبطلانه قبل أن يتوبا من الزنا واستدل بظاهر قوله تعالى: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ). وذهب الأئمة الثلاثة إلى أن المرأة لا تحرم على من زنى بها ولو لم تتب توبة صريحة من الزنا لأن الله عز وجل لما ذكر المحرمات في النكاح لم يذكر وصف الزنى من المحرمات وقال: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ). فلم يعتبره الشارع سببا مؤثرا في التحريم ومانعا من صحة العقد ولأن القاعدة في الشرع عدم إثبات أثرا للعلاقة المحرمة فيكون عدم التحريم ملحقا بهذا الأصل وهذا هو المشهور عند الصحابة رضي الله عنهم فروي عن أبي بكر رضي الله عنه قال: (إذا زنى رجل بامرأة لم يحرم عليه نكاحها). وروي عن عمر رضي الله عنه جلد زانيين الحد وحرص أن يجمع بينهما. وروي عن ابن عباس: (أنه سئل أيتزوج الزاني بالزانية فقال نعم لو سرق رجل من كرم عنبا أكان يحرم عليه أن يشتريه). واشترط الإمام مالك أن تستبرئ من الزنا حتى لا يختلط الحلال بالحرام وأما قوله تعالى: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ). فأتى خبرا على سبيل الذم وبيان الواقع ولم يقصد به النهي والتحريم ومن العلماء من قال بالنسخ كالإمام الشافعي.

والذي يظهر لي أن مذهب أحمد هو القول الأقرب عند اتساع الوقت لأنه يغلق كثيرا من الشرور ويكون سببا في توبة العصاة ويفتح لهم بابا إلى الرجوع إلى العفة والستر وتصحيح الماضي أما إذا مضى وقت طويل على زواجه به قبل التوبة واستقامت الأمور وحصل حمل فالعمل بمذهب الجمهور له قوة ووجاهة ومخرج حسن ويؤدي إلى إصلاح البيوت ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما في رجل وامرأة أصاب كل واحد منهما من الآخر حدا ثم أراد أن يتزوجها قال : (لا بأس أوله سفاح وآخره نكاح( .

فعلى هذا نكاحك بعد التوبة واستيفاء الشروط المعتبرة صحيح إن شاء الله لا شبهة فيه ولا يلزمك شيء شرعا وهو باق على صحته فلا تلتفت إلى كلام من يحرجك ويوقعك في شبهة ونصيحتي لك أن تغلق هذا الباب حتى لا يستجلب لك الماضي ويسبب لك قلق وشكوك.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

الفقير إلى عفو ربه
خالد بن سعود البليهد
binbulihed@gmail.com
16/12/1435

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية