اطبع هذه الصفحة


حكم سجود الحائض للتلاوة والشكر

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام وعليكم ورحمة الله
هل يجوز للمرأة الحائض في رمضان السجود سجود تلاوة والسجود للدعاء والتقرب الى الله ؟ وشكرا.


الجواب :


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله. يجب على الحائض أن تجتنب جميع العبادات التي حرم الله عليها فعلها وقت الحيض من صلاة وصوم ومس المصحف ومكث في المسجد والطواف بالبيت ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء‏:
‏(‏أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل قلن‏:‏ بلى. قال‏:‏ فذلكن من نقصان عقلها أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم. قلن‏:‏ بلى. قال‏:‏ فذلكن من نقصان دينها‏)‏‏.‏ ويشرع لها قراءة القرآن على الصحيح من قولي العلماء وهذا مذهب مالك ورواية عن أحمد لأنه لم يصح في الأدلة ما يمنع ذلك وما روي في هذا الباب من حديث ابن عمر فلا يصح قال ابن تيمية: (وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث). والأصل مشروعية القراءة للرجل والمرأة ولا يصح قياس الحيض على الجنابة لطول مدة الحيض ومشقته وكون الحيض أمر غير اختياري لا تملك المرأة رفعه بخلاف الجنابة فمدتها قصيرة ويملك الانسان رفعها بيسر وسهولة. ومن تأمل في القراءة وجد أنها عبادة قولية من جنس الذكر وليست فعلية من جنس الصلاة والصوم فلا تلحق بها قال ابن تيمية: (ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء).

وأما سجود التلاوة فيشرع للحائض على الصحيح لأنه لا يعد صلاة ولا يشترط له ما يشترط للصلاة من الطهارة واستقبال القبلة لأنه لم يرد في النصوص ما يدل على اشتراط ذلك بل ورد ما يدل على التوسعة فيه كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:
(سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس). وراه البخاري. فلم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء واستقبال القبلة ولو كان واجبا لأمرهم به فدل على عدم اشتراط ذلك وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يسجد على غير وضوء وهو مذهب الشعبي واختاره ابن تيمية ونصره مشائخنا ابن باز وابن عثيمين والفوزان ومما يؤكد أنه ليس في حكم الصلاة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع له التكبير في أوله والتشهد والتسليم في آخره كما هو محفوظ في الأحاديث الصحيحة وما روي في التكبير في أوله فلا يصح فسجود التلاوة عبادة خضوع لله من جنس الذكر وليس في معنى الصلاة وهذا القول فيه تخفيف على القراء وتشجيع على تحصيل فضل السجود وقد روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه في الحائض تسمع السجدة: تومئ برأسها وقال سعيد ين المسيب: تومئ وتقول: اللهم لك سجدت. وكذلك سجود الشكر يشرع للحائض فعله عند تجدد نعمة أو زوال نقمة.   

وأما السجود منفردا من غير صلاة لغرض التقرب لله والدعاء فمحدث ليس له أصل في السنة ولم يرد في الأدلة ما يدل على مشروعيته فليس عبادة مشروعة ولا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه الكرام رضي الله عنهم وإنما السجود المنفرد المشروع ورد مخصوصا في صورتين فقط سجود التلاوة وسجود الشكر وأما سجود السهو فتابع للصلاة ومكمل لها والمشروع لمن أراد الدعاء أن يفعل كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل إذا أراد أن يدعو رفع يديه واستقبل القبلة كما ثبت عنه وعن سلمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين(. رواه أحمد وغيره. وقد جعل النبي رفع اليدين من أسباب إجابة الدعاء كما ثبت في صحيح مسلم. وإن دعا من غير أن يرفع يديه فلا بأس لكنه ترك السنة إلا في المواضع التي يستحب فيها عدم الرفع فالسنة الدعاء بلا رفع. وعلى هذا ما انتشر عند بعض الجهال المتأخرين من أنهم يسجدون سجدة بعد الفراغ من الصلاة للدعاء فيها فبدعة منكرة لا تعرف عن السلف الصالح والعبادات مبناها على الشرع والاتباع لا على الهوى والابتداع.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

الفقير إلى الله
خالد بن سعود البليهد

bInbulihed@gmail.com

25/9/1441 

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية