اطبع هذه الصفحة


حكم الاجتماع على الدعاء

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم أن يجتمع ناس لأجل الدعاء بشكل دائم؟


الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحمد لله.
الاجتماع على الدعاء جماعة واتخاذ ذلك عادة راتبة بدعة سواء كان في رمضان أو غيره وهذا العمل لا يشرع لأن هذه الهيئة لم ترد في السنة الصحيحة والعبادات توقيفية لا يشرع منها الا ما ورد لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ). والوارد في السنة المحفوظة هو الاجتماع على الدعاء في صلاة الجمعة وصلاة الاستسقاء وقنوت النوازل وقنوت الوتر والأصل المشروع أن يدعو كل انسان بمفرده ويذكر الله بمفرده لا يلتزم بجماعة إلا بما دل الشرع على الاجتماع فيه. قال أبو عثمان النهدي: (كتب عامل لعمر بن الخطاب إليه: أن ها هنا قوما يجتمعون فيدعون للمسلمين وللأمير، فكتب إليه عمر: أقبل وأقبل بهم معك، فأقبل. وقال عمر للبواب: أعد لي سوط، فلما دخلوا على عمر، أقبل على أميرهم ضربا بالسوط). رواه ابن أبي شيبة.

أما الدعاء أحيانا اذا اجتمعوا من غير التزامه عادة أو اعتقاد أن له فضيلة خاصة فلا حرج في ذلك إن شاء الله وقد نص الإمام أحمد والإمام إسحاق بن راهويه على هذا
سئل الإمام أحمد: هل يكره أن يجتمع القوم يدعون الله ويرفعون أيديهم؟ قال: (ما أكرهه للإخوان إذا لم يجتمعوا على عمد إلا أن يكثروا). يعني: ما لم يتخذوه عادة لهم وأنكر يحي بن معين هذه الهيئة (الاجتماع الراتب) وأمر بنصيحة ونهي من يفعل ذلك فإن لم يستجب أفتى بهجره. وكره الإمام مالك الاجتماع للدعاء بعد الانصراف من الفريضة سئل عن الرجل ينصرف هو وأصحاب له فيقفون يدعون فأمر بهم، أترى أن أقف معهم؟ قال: (لا ولا أحب لهذا الذي يفعل هذا أن يفعله ولا يقف يدعو). وقال ابن تيمية: (الاجتماع على القراءة والذكر والدعاء حسن إذا لم يتخذ سنة راتبة، ‏ولا اقترن به منكر من بدعة).

ولا يصح لمبتدع أن يحتج بقوله جل جلاله: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ). على مشروعية الدعاء الجماعي في سائر الأحوال لأن الآية دلت نصا على فضيلة الدعاء لله جل جلاله ولم تتطرق للكيفية كسائر النصوص المطلقة الواردة في العبادات التي تحتاج إلى تفصيل وبيان من قبل النبي صلى الله عليه وسلم قال جل جلاله: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ). والسنة تفسر المجمل وتقيد المطلق وتخصص العام ولو كانت هذه الكيفية مشروعة على الدوام لواظب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم على فعلها ولما لم ينقل عنهم ذلك تيقنا أنها طريقة محدثة غير مشروعة وهي التي يسميها العلماء بالبدعة إضافية قال الشاطبي: (ومنها التزام الكيفيات والهيئات المعينة، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد).

وبهذا يتبين أن التزام الدعاء الجماعي واعتقاد أن له فضيلة بعد الفرائض ويوم عرفة والفراغ من الدفن وفي مجلس العزاء والمواعظ وغيرها من المناسبات أمر محدث ليس من طريقة السلف الصالح المتبعين للسنة ولما توسع الناس وتساهلوا في استحسان العبادات المحدثة اندرست السنة وانتشرت البدعة وابتعد الناس عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


 الفقير إلى الله
خالد بن سعود البليهد

bInbulihed@gmail.com

15/9/1442


 

 
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية