اطبع هذه الصفحة


حكم لبس الشاب الأساور في يده

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياشيخ أهدي علي سوارة ووجدت الناس مختلفين في حكمها فهل يجوز لي لبسها؟


الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله. لا يجوز للرجل المسلم أن يلبس سوارة في يده. ولا يجوز له أيضا أن يلبس قلادة في عنقه أو يضع قرطا في أذنيه أو زينة في أنفه سواء كانت هذه المبلوسات من ذهب أو فضة أو جلد أو قماش أو غيرها من المواد المصنعة لأن هذه الأشياء من زينة المرأة وحليتها فهي من خصائص النساء وليست من خصائص الرجال وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تشبه الرجال بالنساء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
(لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ). رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ). رواه أبو داود. والقاعدة في هذا الباب: أن كل ما اختص به النساء شرعا أو عرفا فيحرم على الرجال لبسه وكل ما اختص به الرجال شرعا أو عرفا فيحرم على النساء لبسه. وتشبه أحد الجنسين بالآخر من الكبائر. ولذلك لم يرخص الشارع للرجل في لبس السوار والقلادة ونحوها لأنها من حلية المرأة ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يلبسونها أو يرخصون فيها مع أنها كانت موجودة بينهم وكانت من زي النساء. وهو من التشبه بموضات الكفار وزيهم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكفار بقوله: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ). رواه أبو داود. ولبس الأساور والقلائد تنافي الرجولة والشهامة وينكرها أهل المروءة والفضل في المجتمعات الإسلامية ولا يلبسها إلا من فيه ميوعة وتشبه بالنساء. وقد نص الفقهاء على تحريمها على الرجال.

وهذا الحكم للرجال فيمن قصد بلبس السوار والقلائد والسلاسل التزين والتجمل أو قصد التشبه بالنساء أو التشبه بالكفار أو فعله مجاراة لعادة قومه فكل ذلك حرام لدخوله في النص. ولا يشترط في التحريم قصد التشبه وإنما العبرة بحصول التشبه في الظاهر فيما هو من الخصائص. أما من لبس ذلك للاستشفاء من المرض أو دفع العين والحمى أو طلب البركة والنفع كما هو شائع عند أهل البدع والجهال فهذا أشد حرمة وإثما لأنه من الشرك الأصغر ولا يجوز للمسلم أن يتعلق بالأوهام والخرافات وقد ورد النهي الصريح عن ذلك ففي مسند أحمد عن عمران بن حصين رضي الله عنه:
(أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا فِي يَدِهِ حَلَقَةٌ مِنْ صُفْرٍ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ: مِنَ الْوَاهِنَةِ. فَقَالَ: انْزَعْهَا؛ فَإِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا، فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً؛ فَقَدْ أَشْرَكَ). رواه أحمد.

أما التختم بالفضة في اليد فقد رخص فيه الشارع وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يده كما في صحيح البخاري:
(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ الْفِضَّةِ). وهو أمر مشترك بين الرجال والنساء قد دل النص والإجماع على مشروعيته لكن يحرم على الرجل أن يلبس خاتما من ذهب لأن النبي صلى الله عليه وسلم شدد في النهي عنه لما في صحيح مسلم: (أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى خَاتَمًا مِن ذَهَبٍ في يَدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ، وَقالَ: يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إلى جَمْرَةٍ مِن نَارٍ فَيَجْعَلُهَا في يَدِهِ، فقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ ما ذَهَبَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ به، قالَ: لا وَاللَّهِ، لا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسولُ اللهِ    صلى الله عليه وسلم). ولأن لبس الذهب من خصائص النساء وحليتهن ولبس الرجل للذهب من كبائر الذنوب المتوعد عليها في الآخرة.

وقد حرص الشارع الحكيم على تمييز الرجل عن المرأة فخص الرجل بالقوة والخشونة والصلابة وخص المرأة بالنعومة والأنوثة والرقة ورتب على ذلك أعمالا وأحكاما وآدابا ليقوم كل جنس بوظيفته واهتماماته ومسؤلياته وفق طبيعته التي خلقه الله عليها قال تعالى:
(أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ). قال ابن عباس رضي الله عنهما: (هن الجواري زيهن غير زي الرجال).

فيجب على الشاب المسلم أن يبتعد عن مساخط الله ويصون نفسه عن الأمور الدنيئة ويكفيه شرفا أن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم ويتمسك بهديه عملا بقوله تعالى:
(لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).

ومن المؤسف المشاهد في هذا الزمن من فعل بعض أبناء المسلمين المتشبهين بالنساء فتراهم يحاكون المرأة في شعرها وحليتها ومشيتها وكلامها نسأل الله لهم الهداية والتوفيق والرجوع للحق.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


الفقير إلى الله
خالد بن سعود البليهد
10/4/1443


 

 
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية