صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حكم الصلاة على السقط والعقيقة عنه

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ابنتي أسقطت جنينها وعمره مائة وإحدى عشر يوما فهل نصلي عليه صلاة الجنازة أو لا؟ وهل نعق عنه عقيقة؟ وهل يعتبر الدم الخارج من أمه نفاسا تترك فيه الصلاة والصوم؟


الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله. إذا أسقطت المرأة جنينها قبل تمام حمله فيختلف حكمه على حسب عمره ونفخ الروح فيه على أحوال:

الأولى: إذا أسقطت المرأة جنينها قبل بلوغ الأربعة أشهر ولم تنفخ فيه الروح فإنه لا يعامل معاملة الإنسان فلا يصلى عليه ويلف في خرقة ويدفن في أي موضع بلا خلاف عند عامة الفقهاء قال ابن قدامة: (فأما من لم يأت له أربعة أشهر فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه ويلف في خرقة ويدفن ولا نعلم فيه خلافا إلا عن ابن سيرين فإنه قال: يصلى عليه إذا علم أنه نفخ فيه الروح. وحديث الصادق المصدوق يدل على أنه لا ينفخ فيه الروح إلا بعد أربعة أشهر وقبل ذلك فلا يكون نسمة فلا يصلى عليه كالجمادات والدم).

الثانية: إذا أسقطت الجنين وقد أتم الجنين أربعة أشهر ونفخت فيه الروح فحكمه حكم الإنسان لأنه نسمة تامة نفخ فيها الروح فيغسل ويصلى عليه صلاة الجنازة ويدفن في مقابر المسلمين لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (السِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ). رواه أهل السنن وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح...والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قالوا: يصلى على الطفل وإن لم يستهل بعد أن يعلم أنه خلق وهو قول أحمد وإسحاق). وقال عبد الله بن الإمام أحمد: (سمعت أبي سئل عن المولود: متى يصلى عليه؟ قال: إذا كان السقط لأربعة أشهر صلي عليه. قيل: يصلى عليه وإن لم يستهل ؟ فقال : نعم). وقال إسحاق بن راهويه: (إنما الميراث بالاستهلال فأما الصلاة فإنه يصلى عليه لأنه نسمة تامة قد كتب عليها الشقاوة والسعادة فلأي شيء تترك الصلاة عليه). وفرق الشارع في الجنين بين الصلاة والميراث لأن الصلاة عليه المقصود منها الإحسان للجنين ووالديه أما الميراث فاحتاط فيه لأنه يتعلق بحقوق الناس فلا بد في ثبوته من تحقق اليقين. وقال ابن قدامة: (أما إذا لم يستهل قال الإمام أحمد رحمه الله: إذا أتى له أربعة أشهر غسل وصلي عليه وهذا قول سعيد بن المسيب وابن سيرين وإسحاق وصلى ابن عمر على ابن لابنته ولد ميتا).

والأظهر أنه لا يعق عن السقط لأن العقيقة سببها ولادة الجنين حيا وهي شكر للمولى على تمام هذه النعمة الحاصلة فإذا سقط الجنين ميتا انتفت هذه العلة فلا تجزئ العقيقة قبل الولادة ولذلك علق الشارع العقيقة على حياته فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ, يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ، وَيُسَمَّى، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ). رواه أهل السنن. والقول بالعقيقة عن السقط لا يعرف عن السلف فيما أعلم ومن اختار من الأئمة المتقدمين الصلاة عليه بعد نفخ الروح فيه لم يستحب العقيقة عنه ولو كان مشروعا لنصوا عليه فتركهم لها يدل على عدم مشروعيتها. وهذا مذهب المالكية والحنابلة قال المرداوي في الإنصاف: (ذبحها يوم السابع أفضل ويجوز ذبحها قبل ذلك. ولا يجوز قبل الولادة). وقال البهوتي في كشاف القناع: ((ولا تجزئ قبل الولادة) كالكفارة قبل اليمين لتقدمها على سببها). وسئل عبدالله أبا بطين عن العقيقة عن السقط؟ فقال: (والعقيقة إنما تشرع فيمن ولد حيا). والقول باستحبابها عن السقط اجتهاد لا دليل عليه. ومما يدل على ضعف هذا القول أن الخلاف قوي فيمن ولد حيا ثم مات قبل اليوم السابع هل تشرع العقيقة عنه أم لا؟ فكيف بمن سقط ميتا قبل تمامه فلا تشرع فيه من باب أولى ولذلك لم يختلفوا فيه قال مالك: (إن مات قبل السابع لم يعق عنه). وذهب الشافعية والحنابلة إلى استحبابها عن المولود إذا مات قبل السابع ولعل هذا أصح.

 الثالثة: أما إذا ولدت المرأة طفلا مكتملا ظهرت عليه علامة الحياة فخرج صارخا ثم مات فيغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ويأخذ حكم الحي بإجماع الفقهاء قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن الطفل إذا عرفت حياته واستهل صلي عليه). وقال ابن قدامة: (فأما إن خرج حيا واستهل فإنه يغسل ويصلى عليه بغير خلاف). ويرث حينئذ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وَرِثَ). رواه أبو داود.

فعلى هذا لا تصلوا عليه لأنه لم ينفخ فيه الروح.

أما الدم الخارج منها بعد إسقاط الجنين فلحكمه حالتان:

(1) إذا خرج الجنين منها في الشهر الثالث وقد تخلق وظهرت فيه صورة الإنسان فالدم الخارج بسببه يعتبر دم نفاس تجلس فيه المرأة عن الصلاة والصيام وتنتظر حتى تطهر وتغتسل وهذا مذهب الإمام أحمد قال ابن قدامة: (إذا رأت المرأة الدم بعد وضع شيء يتبين فيه خلق الإنسان فهو نفاس نص عليه). وقد دل النص على أن التخليق يبدأ في مرحلة المضغة بعد الثمانين يوما لحديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: (إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ). متفق عليه.

(2) إذا خرج الجنين منها وهو لم يتخلق ولم يظهر فيه صورة الإنسان فيكون الدم الخارج منها حينئذ دم فساد لا يأخذ حكم النفاس فلا تمتنع عن الصلاة والصوم وتتوضأ لكل صلاة وتحل لزوجها كالطاهرات قال المرداوي: (وأقل ما يتبين به الولد: واحد وثمانون يوما. فلو وضعت علقة أو مضغة لا تخطيط فيها لم يثبت لها بذلك حكم النفاس نص عليه).

والله الموفق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

 

خالد بن سعود البليهد

1445/7/5

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية