اطبع هذه الصفحة


إيضاح مسائل العربية على متن الأجرومية 16

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

خالد بن سعود البليهد

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 

 بَابُ اَلْعَوَامِلِ اَلدَّاخِلَةِ عَلَى اَلْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ

 

(وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: كَانَ وَأَخَوَاتُهَا، وَإِنَّ وَأَخَوَاتُهَا، وَظَنَنْتُ وَأَخَوَاتُهَا).   

بين المصنف هنا العوامل التي تدخل على الجملة الاسمية (المبتدأ و الخبر) فترفع المبتدأ فيسمى اسمها و تنصب الخبر أو كذلك تحدث تغييرا آخر في حكمها الإعرابي كما سيأتي تفصيله. والعوامل جمع عامل وهو كل ما يعمل فيما دخل عليه ويحدث تغييرا ظاهرا في نطقه وإعرابه. وتسمى عند النحاة أيضا: (نواسخ المبتدأ و الخبر). لأنها تنسخ الحكم الإعرابي السابق.

وهذه النواسخ ثلاثة أقسام:

القسم الأول: كان و أخواتها وهي ترفع الاسم وتنصب الخبر.

القسم الثاني: إن و أخواتها وهي تنصب الاسم وترفع الخبر.

القسم الثالث: ظن و أخواتها وهي تنصب الأول والثاني فيكونان مفعولين لها.

 

كَانَ وَأَخَوَاتُهَا

 

(فَأَمَّا كَانَ وَأَخَوَاتُهَا: فَإِنَّهَا تَرْفَعُ اَلِاسْمَ، وَتَنْصِبُ اَلْخَبَرَ، وَهِيَ كَانَ، وَأَمْسَى، وَأَصْبَحَ، وَأَضْحَى، وَظَلَّ، وَبَاتَ، وَصَارَ، وَلَيْسَ، وَمَا زَالَ، وَمَا اِنْفَكَّ، وَمَا فَتِئَ، وَمَا بَرِحَ، وَمَا دَامَ. وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهَا نَحْوَ كَانَ، وَيَكُونُ، وَكُنْ، وَأَصْبَحَ وَيُصْبِحُ وَأَصْبِحْ، تَقُولُ "كَانَ زَيْدٌ قَائِمًا، وَلَيْسَ عَمْرٌو شَاخِصًا" وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ).

فصل لنا المصنف القسم الأول كان و أخواتها وقد ذكر ثلاثة أمور:

الأمر الأول: ذكر حكم كان و أخواتها: كان ترفع الاسم و تنصب الخبر يعني ترفع الكلمة الأولى وتسمى إسمها وتنصب الكلمة الثانية و تسمى خبرها.

الأمر الثاني: ذكر الكلمات التي تعمل عمل كان و تسمى أخواتها و قد استدل  النحاة على ذلك بدليل الاستقراء فحينما استعمل العرب هذه الكلمات وجدوا أن الاسم الذي كان يعقبها مرفوعا فقالوا هو اسمها ووجدوا الاسم الثاني منصوبا فقالوا خبرها.

الأمر الثالث: ذكر أن كان وأخوتها تعمل مطلقا سواء كانت على صيغة الماضي أو ما تصرف منها على صيغة المضارع أو صيغة الأمر  وهذا سيأتي فيه نوع من التفصيل. ونبين الآن مسائل كان واخواتها:

 

تنقسم كان من حيث العمل ثلاثة أقسام:

الكلام هنا عن كان و أخواتها الناقصة التي تطلب الاسم فترفعه تشبيها بالفاعل و تنصب الخبر تشبيها بالمفعول.

القسم الأول: يرفع الاسم و ينصب الخبر مطلقا من غير شرط وهي ثمانية أفعال ناقصة : (كَانَ ، وَأَمْسَى ، وَأَصْبَحَ ، وَأَضْحَى ، وَظَلَّ ، وَبَاتَ ، وَصَارَ، وَلَيْسَ). فإذا وقعت في الكلام فإنها ترفع الاسم الذي بعدها و تنصب الخبر الذي بعد الاسم مثاله: قال تعالى: (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا). و إعرابه: الواو حرف عطف. كان فعل ماض ناقص ترفع الاسم و تنصب الخبر. الله لفظ الجلالة اسم كان مرفوع و علامة رفعه الضمة في آخره. غفورا خبرها منصوب بها و علامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره. رحيما خبر ثان لكان منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره. وقال تعالى: (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا). وإعرابه: الفاء حرف عطف. أصبح من أخوات كان، فعل ماض ناقص ترفع الاسم و تنصب الخبر و التاء ضمير متصل مبني في محل رفع اسم أصبح. بنعمته جار و مجرور ونعمة مضاف. و الهاء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. إخوانا خبر أصبح منصوب و علامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره. ومثاله أيضا قوله تعالى: (لَيْسُوا سَوَاءً). وقوله تعالى: (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا). وتعرب كسابقتيها الاسم الأول مرفوع والاسم الثاني منصوب.

 

القسم الثاني : ما يرفع الاسم و ينصب الخبر بشرط أن يتقدم عليه نفي أو نهي أو دعاء وهي أربعة أفعال: (زَالَ ، اِنْفَكَّ ، فَتِئَ ، بَرِحَ). فهذه الأفعال تعمل عمل كان ترفع الاسم وتنصب الخبر لكن بشرط أن يتقدم عليها نفي أو شبهه و الشبه مثل النهي أو الدعاء، فكأن هذه الأفعال فيها نوع من الضعف ولذلك اعتمدت على النفي و هذا من باب التعليل و إلا فالأصل في ذلك السماع عند العرب ثم ضبطوه بذلك. تقول: (مازال محمدٌ قائما). و (ما فتئ زيدٌ ضاحكا). و (ما برح الشيخُ معلما). ومثاله في القرآن: قوله تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ). و إعرابه: الواو حرف عطف. لا النافية. يزالون يزال فعل مضارع مرفوع و علامته ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة متصرف من أخوات كان تنصب الاسم و ترفع الخبر. الواو ضمير متصل مبني في محل رفع اسم يزال. مختلفين خبرها منصوب و علامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم. وقوله تعالى: (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ). وتعرب لن حرف نصب. نبرح فعل ناقص منصوب تعمل عمل كان واسمها مستتر فيه تقديره نحن. عليه جار ومجرور متعلقان بعاكفين. عاكفين خبر نبرح منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم.

 

القسم الثالث:  يرفع الاسم و ينصب الخبر بشرط أن يتقدم عليه ما المصدرية الظرفية و هو فعل واحد: (دام) تقول ما دام تقول: (ما دمت ضاحكا). فيشترط في هذا الفعل دام أن يسبقه ما المصدرية الظرفية التي تدل على الظرف الزماني. ومثاله قوله تعالى: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا). والمعنى أوصاني بالصلاة والزكاة مدة دوامي حيا لذلك سميت ما هنا بالمصدرية لأنها تؤول هي و الفعل فترجع إلى المصدر (مدة دوامي). وهي كذلك  تدل على الظرفية. وإعرابه: الواو حرف عطف. أوصى فعل ماض مبني على الفتح منع من ظهورها المناسبة وفاعلها مستتر فيه جوازا الياء في محل نصب مفعول به. بالصلاة: جار و مجرور إلى أن قال ما دمت فعل ماض ناقص تعمل عمل كان ترفع الاسم و تنصب الخبر، والتاء: ضمير متصل مبني على الضم فى محل رفع اسمها، و حيا: خبر دام منصوب و علامة نصبه الفتحة في آخره.

  

تعمل كان وأخواتها هذا العمل سواء قد تصرفت عن الفعل الماض أو بقيت على الأصل على صيغة الماض: (كان وأصبح و ظل و امسى). و إذا تصرف عن الفعل الماض فصار "يكون" فإنه يعمل أيضا عمل كان أو "كن" كذلك. ولكن  هل جميع أخوات كان تتصرف إلى المضارع و الأمر؟ الجواب: لا وتفصيله أن أخوات كان باعتبار التصرف على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: لا يتصرف بحال  فلا يأتي منه إلا صيغة الماض كما ورد عن العرب. وهو فعلان: (ليس ، دام).

القسم الثاني: يتصرف تصرفا ناقصا فيأتي منه صيغة الماض والمضارع فقط ولا ياتي منه الأمر والمصدر و هو أربعة افعال: (زال ، فتئ ، و برح ، انفك).

القسم الثالث: يتصرف تصرفا تاما فيأتي منه المضارع والأمر والمصدر. وهو باقي الأفعال. مثاله: ذلك قال تعالى : (حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ).  وإعرابه: حتى: حرف غاية و نصب. يكونوا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا و علامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة و يكون متصرف من كان ترفع الاسم و تنصب الخبر والواو ضمير متصل مبني في محل رفع اسم يكون. مؤمنين خبرها منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم. وقوله تعالى: (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا). وإعرابه: كونوا فعل والواو اسمها و حجارة خبرها.

 

من خصائص كان و أخواتها أنه يجوز لخبرها أن يتوسط بينها و بين اسمها فالأصل أن اسم كان يتقدم على خبرها ، لكن يجوز في الكلام أن يتقدم الخبر على الاسم فيكون متوسطا بين كان و خبرها ومثاله: قوله تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ). وإعرابه: الواو عاطفة. كان فعل ماض ناقص. حقا خبر كان مقدم منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره. علينا على حرف جر نا ضمير متصل في محل جر والجار والمجرور متعلقان بمحذوف نعت لحق. نصر اسم كان مؤخر مرفوع بالضمة في آخره وهو مضاف. المؤمنين مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم.

 

و من أحكام كان أيضا يجوز أن يتقدم الخبر على كان وأخواتها إلا دام و ليس، تقول مثلا : (شيخا كان أحمد). شيخا هنا خبر كان فأصل الكلام كان أحمد شيخا ولكن الخبر هنا تقدم على عامله.

 

والأصل في كان أنها ترد فعلا ناقصا يطلب اسما مرفوعا  وخبرا منصوبا ولكن العرب تأملت في الكلام فوجدت أن كان و أخواتها  أحيانا قد ترد تامة على خلاف الأصل فتكتفي بالمرفوع ويكون الكلام تاما وتكون بمعنى وجد أو حصل ونحوه مما يدل على ثبوت الشيء في نفسه. و يحدد كان التامة الأسلوب والسياق. و هذا يدل على قوة هذه الكلمات تارة تكون ناقصة و تارة تامة. مثاله: قوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ). وإعرابه: الواو استئنافية. كان فعل ماض تام. ذو فاعل مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. عسرة مضاف إليه مجرور بالكسرة في آخره. فنظرة الفاء رابطة لجواب الشرط. نظرة خبر لمبتدأ محذوف تقديره الأمر نظرة. إلى ميسرة جار ومجرور متعلقان بمحذوف تقديره كائنة في محل نعت لنظرة. والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط.


 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية