اطبع هذه الصفحة


إيضاح مسائل العربية على متن الأجرومية 26

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

خالد بن سعود البليهد

 
بسم الله الرحمن الرحيم

باب منصوبات الأسماء

(اَلْمَنْصُوبَاتُ خَمْسَةَ عَشَرَ, وَهِيَ اَلْمَفْعُولُ بِهِ, وَالْمَصْدَرُ, وَظَرْفُ اَلزَّمَانِ وَظَرْفُ اَلْمَكَانِ, وَالْحَالُ, وَالتَّمْيِيزُ, وَالْمُسْتَثْنَى, وَاسْمُ لَا, وَالْمُنَادَى, وَالْمَفْعُولُ مِنْ أَجْلِهِ, وَالْمَفْعُولُ مَعَهُ, وَخَبَرُ كَانَ وَأَخَوَاتِهَا, وَاسْمُ إِنَّ وَأَخَوَاتِهَا، وَالتَّابِعُ لِلْمَنْصُوبِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءٍ: النَّعْتُ وَالْعَطْفُ وَالتَّوْكِيدُ وَالْبَدَلُ).

بعد ما فرغ المصنف من ذكر المرفوعات والتوابع ذكر المنصوبات وهي الأنواع من الأسماء التي حقها النصب وقد جمعها جمعًا حسنًا أما بالنسبة للفعل المضارع فإنه يُنصبُ كما سبق بيانه في باب الأفعال وقد جعل المصنف المنصوبات خمسة عشر وهذا على سبيل الحصر لأنه لا يعرف منصوبا غيرها وذكر أربعة عشر ولم يذكر مفعولا ظن وهو الخامس عشر وقد تبين لنا أن التوابع لا تلازم النصب وإنما تكون مرفوعة ومنصوبة ومجرورة على حسب إعراب متبوعها

 

باب المفعول به

 

(بَابُ اَلْمَفْعُولِ بِهِ وَهُوَ اَلِاسْمُ اَلْمَنْصُوبُ, اَلَّذِي يَقَعُ عليهِ اَلْفِعْلُ, نَحْوَ ضَرَبْتُ زَيْدًا, وَرَكِبْتُ اَلْفَرَسَ وَهُوَ قِسْمَانِ ظَاهِرٌ, وَمُضْمَرٌ ، فَالظَّاهِرُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَالْمُضْمَرُ قِسْمَانِ مُتَّصِلٌ, وَمُنْفَصِلٌ فَالْمُتَّصِلُ اِثْنَا عَشَرَ, وَهِيَ ضَرَبَنِي, وَضَرَبَنَا, وَضَرَبَكَ, وَضَرَبَكِ, وَضَرَبَكُمَا, وَضَرَبَكُمْ, وَضَرَبَكُنَّ, وَضَرَبَهُ, وَضَرَبَهَا, وَضَرَبَهُمَا, وَضَرَبَهُمْ, وَضَرَبَهُنَّ وَالْمُنْفَصِلُ اِثْنَا عَشَرَ, وَهِيَ إِيَّايَ, وَإِيَّانَا, وَإِيَّاكَ, وَإِيَّاكِ, وَإِيَّاكُمَا, وَإِيَّاكُمْ, وَإِيَّاكُنَّ, وَإِيَّاهُ, وَإِيَّاهَا, وَإِيَّاهُمَا, وَإِيَّاهُمْ, وَإِيَّاهُنَّ).

هذا هو الباب الأول من المنصوبات وقد ذكر المؤلف فيه ثلاثة أمور: تعريف المفعول به وأنه قسمان ظاهر ومضمر وأن المضمر قسمان متصل ومنفصل.

 

تعريف المفعول به:

هو اَلِاسْمُ اَلْمَنْصُوبُ اَلَّذِي يَقَعُ عليهِ فعلُ اَلْفِاعْلِ وقد يكون هذا الوقوع حسيًا نَحْوُ: (ضَرَبْتُ زَيْدًا) , (أكلتُ الخُبزةَ) ، (درستُ الفقه). فالضرب يقع على زيد والأكل يقع على الخبزة والدرس يقع على الفقه. وقد يكون هذا الوقوع معنويًا نحو: (وَاتَّقُوا اللَّهَ). فالتقوى هنا من عظمة الله وحسابه وعذابه فهو أمر معنوي.

 

وينقسمُ المفعول به إلى قِسْمَينِ:

الظَّاهِرُ: وهو الذي يدل على مسماه من غير توقفٍ على قرينة وهو ما سبق ذكره في باب الفاعل والظاهر ما ليس بضمير.

الْمُضْمَر: مأخوذ من الإضمار هو الخفاء فلا يدل على مسماه إلا بقرينة وهو قسمان:

1-المتصل: وهو اثنا عشر ضميرا:

اثنان للمتكلم: ضَرَبَنِي ، وَضَرَبَنَا.

وخمسة للمخاطب: ضَرَبَكَ, َضَرَبَكِ, َضَرَبَكُمَا, َضَرَبَكُمْ, وَضَرَبَكُنَّ.

وخمسة للغائب: ضَرَبَهُ, وَضَرَبَهَا, وَضَرَبَهُمَا, وَضَرَبَهُمْ, وَضَرَبَهُنَّ. والضمائر هنا متصلة منصوبة على المفعولية يعني مفعول به وتكون مرفوعة ومجرورة إذا دخل عليه حرف جر أو أضيفت.

2-المنفصل: أما الضمائر المنفصلة فإما أن تكون مرفوعة أو منصوبة ولا تكون مجرورةً. فالمرفوعة عرفناها عند ذكر المبتدأ والخبر واسم كان وخبر إن وهي خمسة: أنا ونحن للمتكلم وأنتَ وأنتِ وأنتما وأنتم وأنتن للمخاطب وخمسة للغائب أيضًا: هو وهي وهما وهم وهن.

أما الضمائر المنفصلة المنصوبة منها فهي اِثْنَا عَشَرَ ضميرا:

اثنان للمتكلم: إِيَّايَ ، وَإِيَّانَا.

وخمسة للمخاطب: إِيَّاكَ, وَإِيَّاكِ, وَإِيَّاكُمَا, وَإِيَّاكُمْ, وَإِيَّاكُنَّ.

وخمسة للغائب: َإِيَّاهُ, وَإِيَّاهَا, وَإِيَّاهُمَا, وَإِيَّاهُمْ, وَإِيَّاهُنَّ. وهذه لا تكون إلا مفعولا به ومثاله: قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). وتدل على الإخلاص وتقديم الضمير يفيد حصر العبادة والاستعانة على الله. وإعرابه: إِيَّا ضمير منفصل مبنى على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. والكاف حرف خطاب مبنى على الفتح لا محل له من الإعراب. ونعبد فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة وفاعله مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن.وقوله تعالى: (إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ). وإعرابه: إِيَّاكُمْ ضمير منفصل مبنى على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. وكَانُوا كان فعل ماض ناسخ ترفع الاسم وتنصب الخبر وواو الجماعة ضمير متصل في محل رفع أسمها. يَعْبُدُونَ فعل وفاعل في محل رفع خبر كان.

 

والأصل في المفعول به أن يتأخر عن الفعل والفاعل: كما في قوله تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ). وإعرابه: الواو حسب ما قبلها. ورث فعل ماض مبني على الفتح. وسليمان: فاعل مرفوع بالضمة في آخره. وداود مفعول به منصوب بالفتحة في آخره. وقد جاء المفعول به هنا على الترتيب الأصلي ويجوز مخالفة الترتيب في غير القرآن مع صحة المعنى.

 

وقد يتقدم المفعول به على الفاعل جوازًا: كما في قوله تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ). وإعرابه: الواو حسب ما قبلها واللام حرف قسم مقدر مبني على الفتح وقد حرف تحقيق. وجاء فعل ماض مبنى على الفتح. وآل مفعول به مقدم جوازا منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره وهو مضاف وفرعون مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة الظاهرة في آخره لأنه ممنوع من الصرف. والنذر فاعل مرفوع مؤخر وعلامة رفعه الضمة الظاهرة في آخره والجملة جواب لقسم مقدر لا محل لها من الإعراب.

 

وقد يتقدم المفعول به على  الفعل والفاعل جوازًا: كقوله تعالى: (فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ). وإعرابه: فريقا مفعول به مقدم منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره. وكذبوا فعل ماض مبني على الضم والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. والواو عاطفة وفريقا مفعول به مقدم منصوب ويقتلون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

 

ويجب تقديم المفعول به على الفاعل في ثلاثة مواضع:

1-إذا كان المفعول به ضميرا متصلا بالفعل وكان الفاعل اسما ظاهرًا: كقوله تعالى: (شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا). وإعرابه: شغل فعل ماض مبنى على الفتح والتاء للتأنيث ونا ضمير متصل في محل نصب مفعول به. وأموالنا فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة في آخره وهو مضاف ونا ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. وأهلونا معطوف على أموالنا مرفوع مثله. والفاء عاطفة. واستغفر فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. ولنا جار ومجرور متعلقان باستغفر.

2-إذا كان في الفاعل ضمير يعود على المفعول به: كقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ). وإعرابه: الواو حرف استئناف. وإذ ظرف لما مضى من الزمان متعلق بفعل محذوف تقديره أذكر. وابتلى فعل ماض مبنى على الفتح المقدر. وإبراهيم مفعول به مقدم وجوبا منصوب بالفتحة. ورب فاعل مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة في آخره وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه والضمير في ربه يعود على إبراهيم وإنما وجب تقديم المفعول به هنا لأن الضمير لا يعود على متأخر لفظًا ورتبةً.

3-إذا كان الفاعل محصورًا: في أول الكلام أداة حصر كقوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ). وإعرابه: إنما أداة حصر مبنى على السكون لا محل لها من الإعراب. يخشى فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة. الله لفظ الجلالة مفعول به مقدم وجوبا منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره. من عباده جار ومجرور متعلقان بيخشى. العلماء فاعل مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة في آخره.

 

ويجب تقديم المفعول به على الفعل والفاعل في موضعين:

1-إذا كان له حق الصدارة: كقوله تعالى: (فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ). وإعرابه: الفاء استئنافية وأي اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم وجوبا لأن له حق الصدارة وهو مضاف وآيات مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف. والله لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور بالكسرة. وتنكرون فعل وفاعل وقد تأخرا عن المفعول به لأنه أحق بالتقديم.

2-إذا كان ضميرا منفصلا لو تأخر لزم اتصاله: كقوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ). فقدم المفعول به ليفيد الحصر ولو أخر للزم اتصاله بالفعل وصار الكلام نعبدك وهذا يفوت فائدة الحصر ولذا وجب تقديمه على الفعل وفاعله.

 

ويجب تأخير المفعول به على الفاعل في ثلاثة أمواضع:

1-إذا كان المفعول به محصورًا: نحو: (إنما أكرم خالدٌ ماجداً). فلا بد من تأخير المفعول به في هذا السياق ليحصل قصد المتكلم من حصر الإكرام على عمرو.

2-إذا كان الفاعل ضميرا متصلا بالفعل: نحو: (درسنا العلم) ، (تعلمنا الحكمة). فالفاعل هنا ضمير متصل بالفعل ولذلك وجب تقديمه في هذا الموضع لأنه أحق.

3-إذا خيف لبسٌ في الكلام بين الفاعل والمفعول به: فيجب التزام الأصل وهو أن يأتي الفعل ثم الفاعل ثم المفعول به وهذا إذا لم يكن هناك دليل يُبين لنا الفاعل المرفوع من المفعول المنصوب نحو: (ضرب موسى عيسى). فموسى وعيسى كلاهما اسم مقصور الآخر لا يقبل الحركات الظاهرة وكلاهما يتصور منه وقوع الحدث ولا يمكن أن نعرف المرفوع من المنصوب ولذلك يجب علينا التزام الأصل وهو تقديم الفاعل ولا يجوز تقديم المفعول به لأن السامع لا يميز بينهما في الظاهر إلا عن طريق التزام الأصل. أما إذا وجد قرينة معنوية في الكلام تميز الفاعل من المفعول به جاز لنا أن نقدم المفعول به ونؤخره لأنه لا يوجد التباس في الكلام نحو: (أكل الكمثرى موسى). (أكل موسى الكمثرى). فالآكل معروف والمأكول معروف.

 

ويجوز حذف المفعول به إذا دل سياق الكلام عليه من غير التباس: كقوله تعالى:  (فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ). وقد حذف المفعول به وتقديره: فإنا داخلوها. ويحذف المفعول به أيضا من أجل الاختصار أو الاقتصار أو بعد لو شئت أو بعد نفي العلم أو إذا كان المفعول به عائدا على الموصول وكل هذه الأحوال لها شواهد في القرآن وفي كلام العرب والضابط في جواز حذفه أن يكون في الكلام قرينة تدل عليه.

 

ويجوز حذف عامل المفعول به إذا قامت قرينة تدل على خصوصية الفعل المحذوف: ولا يوجد في موضع الفعل ما يقوم مقامه كقوله تعالى: (مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا). فقد حذف العامل في خيراً وقد دل عليه الكلام والتقدير: أنزل خيرًا فحذف أنزل للقرينة المقالية وهي ذكر العامل في أول الكلام. وقد يكون الحذف لقرينة حالية: كأن ترى إنسانًا ومعه أدوات الصيد. فتقول: الصحراءَ أو تقولَ: الغابةَ والمعنى: تُريدُ الصحراءَ ، تريدُ الغابةَ. فهذه القرينة حالية دل عليها ظاهر الحال وليس المقال.

 ويجب حذف عامل المفعول به إذا قامت قرينة على ذلك: مثل باب الاشتغال، نحوُ: (زيداً اضربه). فـزيدًا مفعول به لفعل محذوف وجوبًا يفسره ما بعده، والتقدير: (اضرب زيدًا).

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية