اطبع هذه الصفحة


إيضاح مسائل العربية على متن الأجرومية 27

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

خالد بن سعود البليهد

 
بسم الله الرحمن الرحيم

باب المصدر

(بَابُ اَلْمَصْدَرِ: اَلْمَصْدَرُ هُوَ اَلِاسْمُ اَلْمَنْصُوبُ, اَلَّذِي يَجِيءُ ثَالِثًا فِي تَصْرِيفِ اَلْفِعْلِ، نحو ضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبًا، وَهُوَ قِسْمَانِ لَفْظِيٌّ وَمَعْنَوِيٌّ, فَإِنْ وَافَقَ لَفْظُهُ لَفْظَ فِعْلِهِ فَهُوَ لَفْظِيٌّ, نَحْوُ قَتَلْتُهُ قَتْلًا، وَإِنْ وَافَقَ مَعْنَى فِعْلِهِ دُونَ لَفْظِهِ فَهُوَ مَعْنَوِيٌّ: نحوُ جَلَسْتُ قُعُودًا، وقمت وُقُوفًا, وما أَشْبَهَ ذَلِكَ).

هذا هو الباب الثاني من المنصوبات ويُسميه النحاة المفعول المطلق لإطلاق المفعول عليه من غير تقييد بخلاف بقية المفاعيل، فيقال: مفعول به ، مفعول لأجله ، مفعول معه ، مفعول فيه فجميعها مقيدة بحروف. فالمفعول المطلق مفعول حقيقي لأن الفاعل فيه فعل الفعل حقيقة. وقد ذكر المؤلف فيه مسألتين: تعريف المصدر وأقسامه.


تعريف المفعول المطلق:

هو المصدر الفضلة المؤكد لعامله أو المبين لنوعه أو عدده. ومعنى الفضلة: أي ما يجوز حذفه والإستغناء عنه في الكلام بخلاف العمدة فى الكلام كالفعل والفاعل فلا يجوز حذفه في الأصل بغير قرينة. وقد فصل المؤلف فى تعريف المصدر فقال: (اَلَّذِي يَجِيءُ ثَالِثًا فِي تَصْرِيفِ اَلْفِعْلِ). وهذا الترتيب هو المشهور عند أهل الصرف أنهم يبدأون بصيغة الماضى ثم بصيغة المضارع ثم يأتون بصيغة المصدر نَحْوُ: (قَتَلَ ، يقتلُ ، قَتْلًا ، فتحَ يفتحُ ، فتحًا). وعرفه بعضهم باعتبار معناه: المصدر: هو إسم الحدث الجارى على حروف فعله المشتمل على الحروف الأصلية والزائدة نحو: ضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبًا، هو نفسه إسم الفعل. والمصدر عند أهل اللغة إما قياسيًا أو سماعيًا كما سمعته العرب وهذا قليل. والمصدر مع كونه يدل على الحدث إلا أنه لا يقترن بزمن معين خلافا للفعل الدال على حدث وزمن في نفس الوقت.


المفعول المطلق قسمان:

القسم الأول المصدر اللفظي:
وهو ما وافق لفظه لفظ عامله سواءٌ كان العامل فعلاً نحو: (ضربت زيدًا ضربًا، أو ضربتيْن). أو كان وصفًا: (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا). وإعرابه: الواو واو القسم. والصافات اسم مجرور بالواو والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره أقسم. وصفا مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

القسم الثاني المصدر المعنوي:
وهو ما وافق معنى عامله دون لفظه نحو: (جَلَسْتُ قُعُودًا) ، (وقمتُ وُقُوفًا). فالجلوس في معنى القُعُود ولكن يختلف فى اللفظ وكذلك القيام في معنى الوقوف ولكن يخالفه في اللفظ. وإعرابه: جَلَسْتُ فعل ماض مبنى السكون. والتاء ضمير متصل مبنى على الضم فى محل رفع فاعل. قُعُودًا مفعول مطلق معنوي منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

ينقسم المفعول المطلق باعتبار غرضه إلى ثلاثة أقسام:


القسم الأول المؤكد لعامله:
يؤكد المتكلم وقوع الفعل إما لأن المستمعين يشكون أو يستبعدون وقوعه منه، مثاله: (أكرمت البخيل إكراماً). حَيْثُ أكدت فعل الإكرام بالمصدر (إكراماً). وقال تعالى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا). وإعرابه: الواو حرف استئناف يعنى ابتداء أي هذه الجملة ليست متصلة بالجملة السابقة. وكَلَّمَ فعل ماض مبنى الفتح. واللَّهُ لفظ الجلالة فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة فى آخره. ومُوسَىٰ مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر. وتَكْلِيمًا مفعول مطلق مؤكد لعامله منصوب وعلامة نصبه فتح آخره.

فائدة:

هذه الآية استدل بها أهل السنة والجماعة على أن الله عز و جل يتكلم بما شاء كيف شاء إلى من شاء من عباده وهذا يدل على أن الكلام صفة اختيارية لله تتعلق بالمشيئة على الوجه اللائق به وقد تواترت هذه الصفة في الكتاب والسنة. أما الجهمية عاملهم الله بعدله فقد حرفوا هذه الآية وقالوا المراد بكلم هنا يعني جرح وليس الكلام المعهود ولكن سياق التأكيد يأبى هذا التحريف ويرد عليهم بدعتهم ويدل دلالة صريحة على أن الله جل جلاله كلم موسى حقيقة.


القسم الثاني: المبين لنوع عامله:
مثاله: (ضربتُ السارقَ ضربَ الحمير). بين نوع الضرب بأنه شديد كضرب البهائم. وكذلك قوله تعالى: (فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ). وإعرابه: الفاء حرف عطف. وأَخَذْنَاهُمْ أخذ فعل ماض مبني على السكون ونا ضمير متصل في محل رفع فاعل وهم ضمير منفصل في محل نصب مفعول به. وأَخْذَ مفعول مطلق مبين لنوع عامله منصوب وعلامة نصبه فتح آخره وهو مضاف وعَزِيزٍ مضاف إليه مجرور بكسر الآخر. ومُقْتَدِرٍ نعت لعَزِيزٍ تابعٌ له فى الجر مكسور الآخر.

القسم الثالث: المبين لعدد عامله:
ومثاله قوله تعالى: (فَدُكَّتا دَكَّة وَاحِدَةً). وإعرابه: الفاء حرف عطف. ودُكتا فعل ونائب فاعل. دكة مفعول مطلق مبين لعدد عامله منصوب وعلامة نصبه فتح آخره. واحدة نعتٌ لـدكة منصوب مثله بالفتح على آخره.
ونحو:(أعطيتُ زيدًا أُعطيتيْن) ، (قبَّلتُ ابنى قُبلتيْن).


هل يكون المفعول المطلق مصدرًا دائمًا:

المفعول المطلق يكون مصدرًا غالبًا وقد لا يكون مصدرًا ويكون منصوبا وذلك على سبيل النيابة عن المصدر، ولا تخرج عن كونها إما لتأكيد العامل أو تبين لنوعه أو عدده.


ما ينوب عن المصدر:


الأول: اسم المصدر المؤكد لعامله:
ومثاله قوله تعالى: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً). وإعرابه: الواو ابتدائية. اللَّهُ لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع بالضمة على آخره. أَنْبَتَكُمْ جملة فعلية فى محل رفع خبر. ومِنَ الْأَرْضِ جار ومجرور متعلقان بأنبتكم. نَبَاتاً مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه فتح آخره والأصل في مصدر أنبت أنه إنباتا ونباتا تدل على معنى الإنبات لكنها هنا اسم مصدر نائب عن المصدر في النصب مفعولا مطلقا. كذلك تقول: (توضأ خالدٌ وضوءًا). فوضوءًا هنا نائب عن المصدر في النصب مفعولا مطلقا والمصدر: (توضؤًا).

الثاني: كل وبعض المبينة لنوع العامل:
ويشترطون فيها حتى تنوب عن المصدر أن تكون مماثلة له وأن تكون مضافة إليه كقوله تعالى: (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ). فكل هنا مفعول مطلق مع أنها ليست مصدرا ولكنها أضيفت إلى المصدر فنابت عن المصدر المحذوف (مَيْلاً). وإعرابه: اللام ناهية جازمة. تميلوا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وكل مفعول مطلق منصوب بالفتحة على آخره وهو مضاف والميل مضاف إليه مجرور بالكسرة في آخره. وقوله تعالى: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ). فبعضَ هنا مفعول مطلق نائب عن المصدر المحذوف (أقَاوِيلِ قليلة). وإعرابه: الواو عاطفة. ولو شرطية غير جازمة. تقول فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. وعلينا جار ومجرور متعلقان بتقول. وبعض مفعول مطلق منصوب بالفتحة في آخره وهو مضاف وأقاويل مضاف إليه مجرور مكسور الآخر.

الثالث: العدد المبين لعدد عامله:
كقوله تعالى: (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً).فثَمَانِينَ هنا مفعول مطلق نائب عن المصدر المحذوف (جلدًا ثمانين). وإعرابه: الفاء رابطة واجلدوهم فعل أمر مجزوم بحذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وهم ضمير منفصل في محل نصب مفعول به. ثمانين مفعول مطلق منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. وجلدة تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره.

وينوب المصدر عن عامله:
قد يأتي المصدر فينوب عن الفعل فبدل أن أقول مثلا (اضرب زيدا).أقول: (ضربًا زيدا). وإعرابه: ضرباً مصدر منصوب بالفتحة على آخره وعامله محذوف وجوبا لأنه قد ناب هو عن عامله. وزيدًا مفعول به منصوب مفتوح الآخر.

وللمصدر في النيابة عن الفعل من حيث العمل حالتان:


الأولى: يرفع فاعلا إن كان الفعل لازما نحو: (سرني صدق أنس).

الثانية: يوفع فاعلا وينصب مفعولا به إن كان الفعل متعديا نحو:
(وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ). وإعربه: وأكلهم الواو عاطفة وأكل مصدر معطوف على وأخذهم الربا مجرور بالكسرة وهم ضمير متصل في محل رفع فاعل. أموال مفعول به للمصدر منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره وهو مضاف والناس مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة على آخره. بالباطل جار ومجرور متعلقان بالمصدر أكلهم. 

 

خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية